كنت في عهد بن علي خائفا مثل باقي التونسيين تعهد الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي بأنه سيعتزل السياسة ويتقاعد بعد الفترة الانتقالية التي ستنتهي مع إجراء انتخابات ديمقراطية. وأعلن الغنوشي في حديث للتلفزيون التونسي مساء أول أمس أنه سيتم إلغاء كافة القوانين غير الديمقراطية في تونس خلال الفترة الانتقالية، والتي من بينها قانون مكافحة الإرهاب وقانون الصحافة والقانون الانتخابي، مؤكدا بالمقابل بأنه لا رجوع عن المرأة والمكاسب الاجتماعية التي تحققت في الفترة السابقة.وقال الغنوشي في حديثه التلفزيوني الذي استغرق أكثر من ساعة "ما اتعهد به هو انني سأغادر كل نشاط سياسي، فمسؤولتي وقتية حتى يتم تواصل الدولة، ولننقذ البلاد من الفوضى ولترجع للبلاد مكانتها"، مشيرا في هذا السياق إلى أن "هناك الكثير من الشباب والكفاءات القادرة على أخذ المشعل" وأضاف أنه سيتم العمل مع الجميع لإلغاء القوانين غير الديمقراطية التي كانت موضع انتقادات واسعة في الداخل والخارج.وأوضح في هذا السياق أن عملية الاصلاح الي بدأت "ستضم كل الأطراف في الحكومة أو خارج الحكومة، وأحزابا معترفا بها وغير معترف بها ومؤسسات المجتمع المدني، وهذه المكونات كما قال ستكون عليها مسؤولية كبيرة لأنها ستقترح الإصلاحات السياسية حتى يقع إلغاء كافة القوانين غير الديمقراطية كقانون الصحافة والقانون ضد الإرهاب الذي استعملت بعض فصوله في غير محلها".وأكد أن الغاية من هذه الإجراءات هي خلق الأرضية الكفيلة بجعل الانتخابات القادمة التي لم يحدد تاريخها أول انتخابات مبنية على الشفافية والنزاهة منذ الاستقلال.كما تعهد الغنوشي للتونسيين، بأنه لن يتم المساس بمكاسب تونس الاجتماعية لا سيما فيما يتعلق بقانون حرية المرأة الذي يحظر تعدد الزوجات وقانون مجانية التعليم والصحة.وقال "هناك مكاسب لا يمكن لأي شخص أن يلغيها مثل مجانية التعليم والصحة وحرية المرأة، وما يتعلق بالحداثة والانفتاح لأنها دخلت في عروقنا وأصبحت جزءا من شخصيتنا".الغنوشي الذي عمل كوزير أول منذ 1999 تحت سلطة بن علي، أعترف بأنه كان خائفا مثل كل التونسيين في عهد الرئيس المخلوع.وقال في رده على سؤال حول ما إذا كان يشعر بأنه كان رهينة مثل باقي التونسيين في عهد بن علي "كنت أعيش مثل التونسيين وأفكر مثل التونسيين، وخائف مثل التونسيين".وأضاف الغنوشي الذي كان يتحدث بتأثر بالغ "أنه كان يضع باستمرار في ركن من مكتبه أوراقه الشخصية مستعدا للرحيل من السلطة.وبحسب تعبيره، فإنه كان يهتم فقط بتنسيق عمل الحكومة في المسائل ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي وغير معني بالوزارات ذات الطابع السيادي وحتى بالجمارك وأملاك الدولة، وأن المسائل السياسية والحساسة كانت تدار من القصر الرئاسي.وفي تطرقه للوضع الأمني في البلاد، أكد الغنوشي أنه تم توقيف كل الاشخاص الذين قاموا بعمليات فساد خطيرة وهم بين أيدي العدالة.وكشف أنه سيتم خلال الأيام المقبلة ارسال مبعوثين إلى الدولة الشقيقة والصديقة لإطلاعها على تطورات الوضع في تونس.وبشأن ممتلكات الرئيس المخلوع، أعلن الغنوشي عن تجميد أموال وممتلكات الرئيس السابق وأقاربه الذين وضع عدد منهم رهن الاعتقال، وتعيين متصرف قضائي للإشراف عليها، فيما اتخذت اجراءات أخرى لتجميد أموال وممتلكات هؤلاء في الخارج قبل استرجاعها، وكذا تجميد أموال وممتلكات كل من تدور حولهم الشكوك بالرشوة والفساد.