تم أمس بمؤسسة البناء والتصليح البحري التابعة للقاعدة البحرية العسكرية بوهران، الكشف عن أول سفينة حربية بطول 62 مترا من صنع جزائري وهي من طراز «غرابة» ستكون جاهزة قبل نهاية نوفمبر المقبل، حيث تخضع اليوم للروتوشات الأخيرة بمؤسسة البناء والتصليح البحري التي تضم إطارات وعمال جزائريين، حيث أن السفينة المعنية مزودة بأحدث التقنيات العصرية وتأتي لتتوج مجموعة الإنجازات التي قامت بها المؤسسة على مدار 4 عقود منذ إسترجاع السيادة الوطنية على هذه القاعدة المتواجدة بمنطقة المرسى الكبير بوهران سنة 1967. وأوضح أمس، اللواء رمضان محمد مدير مؤسسة البناء والتصليح البحري بالقاعدة البحرية العسكرية مرسى الكبير بوهران خلال زيارة موجهة للصحافيين، أن إنجاز السفينة المذكورة سابقا يعتبر رفعا للتحدي من طرف كل القائمين على المؤسسة التي تواجه في ذات الوقت عدة تحديات أخرى من أجل تطوير الصناعة البحرية سواء لأغراض عسكرية، أو مدنية خاصة بعد تفتحها على السوق الوطنية والدولية بمشاركتها في عدة مناقصات لبناء أو تصليح البواخر والسفن،ومن أبرز هذه التحديات قلة اليد العاملة المتخصصة حيث أن مراكز التكوين المهني لا تدرس التخصصات التي تحتاجها الصناعة البحرية لبناء أو تصليح السفن والتي تعتمد على مقاييس دولية ومعايير خاصة يجب العمل وفقها، إلى جانب ندرة مؤسسات المناولة المتخصصة في الصيانة البحرية، وهذا ما يؤثر على تحقيق طموحات القائمين على هذه المؤسسة البحرية. أما فيما يخص الإطارات، فإن المؤسسة توظف المتخرجين من الجامعة وتضمن لهم التكوين المتخصص بالتدريج داخل ورشاتها المتعددة. وفي هذا السياق، تطرق اللواء لضعف التنسيق مع الجامعة وخاصة معهد الهندسة البحرية بوهران الذي يجري طلبته تكوينهم بمؤسسة البناء والإصلاح البحري ولكن لا توجد شراكة تضمن الفائدة ونقل الخبرات للطرفين. وعلى صعيد آخر، أضاف المتحدث أن المؤسسة متحكمة في صناعة قوارب الصيد سواء الصغيرة أو حتى الكبيرة مثل مراكب صيد التونة، ولكن من أجل القيام بهذا لصالح السوق الوطنية، وجدت نفسها تتعامل مع صيادين بصفة إنفرادية مما حال دون القيام بالإنجاز، لذلك إقترح اللواء رمضان أن يكون الإتفاق مع وزارة الصيد البحري من أجل توفير هذه القوارب والمراكب التي تجلب حاليا بالعملة الصعبة وحتى صيانتها تتم بالعملة الصعبة في الخارج لأنه غالبا ما يتجه الصيادون للدول بالضفة المقابلة من أجل عملية صيانة قواربهم، بينما الحل متوفر لدى مؤسسة البناء والتصليح البحري بوهران، والتي ستفتح قبل نهاية السنة الجارية وحدتين جديدتين لهذا الغرض بعنابة، أين أقيم المشروع في موقع مؤسسة عمومية لتصليح السفن والتي تمّ حلها منذ سنوات وكذا ببني صاف في الغرب. وفي مجال التصليح والصيانة، قامت المؤسسة بعدة عمليات لصالح المؤسسة العسكرية أو لصالح مؤسسات مدنية منها سوناطراك ونفطال وغيرها، كما شاركت المؤسسة كمناول مع الإيطاليين في إنجاز السفينة الحربية «قلعة بني عباس» التي رست مؤخرا بالعاصمة. وفيما يتعلق بمراقبة نوعية الإنجاز للبواخر التي تصنعها مؤسسة البناء والتصليح البحري بوهران، تتم عن طريق مكاتب دولية متخصصة منها مكتب «فريتاس»، ولكن فقط بالنسبة للبواخر المدنية حيث تبدأ المراقبة منذ بداية التصميم، أما السفن العسكرية فكل دولة تختص بمعاييرها الخاصة وتراقب هياكلها داخليا وفق تلك المعايير وهذا من أجل السرية العسكرية. وخلال الجولة الميدانية التي أشرف عليها العقيد رحال محمد عزيز، تعرفت الأسرة الإعلامية على كل مراحل إنجاز وصيانة البواخر، وكانت البداية من مكتب الدراسات الذي يضم إطارات جزائرية شابة تقوم بتصميم المنجزات بإستعمال التكنولوجيات الحديثة ويتوفر المكتب على مكتبة كبيرة وقاعة للإعلام الآلي، ومن هنا تنقل التصاميم الهندسية لقاعة مجاورة يشرف عليها السيد شريف منذ سنوات، وتعتبر هذه القاعة خاصية مميزة للمؤسسة مقارنة مع مؤسسات دولية مماثلة، كونها تقوم بمطابقة التصاميم الإلكترونية مع التصميم اليدوي الدقيق المجسد في أرضية القاعة وبحسابات دقيقة جدا تسمح بتصحيح الأخطاء الإلكترونية إن وجدت، وهذا من أجل المرور لمرحلة الإنجاز بحسابات دقيقة تسمح بتوفير المادة الأولية خاصة الصفائح الحديدية التي تستورد بالعملة الصعبة. وقد استعرض العقيد رحال مختلف مراحل إنجاز وصيانة البواخر في ورشات مختلفة تعكس وجود قاعدة صناعية معتبرة لدى المؤسسة ويد عاملة مؤهلة، حيث تشرف إحدى الإطارات النسوية بالمؤسسة على ورشة المجسمات المصغرة والتي تعتمد على المواد الأولية الوطنية أثناء قيامها بتجسيد مجسمات مصغرة عن التصاميم السابقة الذكر. وبعدها وقفت الأسرة الإعلامية عند الورشة العائمة للتصليح والصيانة أين تلقى الصحفيون شرحا مفصلا عن كيفية رفع البواخر التي تعاني أعطاب وتوصيلها للورشة، أين يتم التصليح خارج مياه البحر علما أن الورشة العائمة تتوفر على كل التجهيزات التكنولوجية للتحكم في عمليات الإصلاح والصيانة لعدة بواخر في وقت واحد. وعلى غرار كل هذه الإنجازات تتطلع مؤسسة البناء والتصليح البحري بوهران لتطوير قدراتها الصناعية ومواكبتها مع نظيراتها العالمية.