الأولمبيون برهنوا على أنهم نجوم و ما نخشاه تهميشهم بعد أولمبياد ريو اعتبر نجم الكرة الجزائرية لسنوات الثمانينات رابح ماجر، تألق رياض محرز هذا الموسم مع ناديه ليستر سيتي الانجليزي، بمثابة المفاجأة السارة التي من شأنها أن تعطي المزيد من الثقة للاعبين الجزائريين المحترفين مع أكبر الأندية، مؤكدا بأن سطوع نجم محرز جعله يستعيد الذكريات الجميلة التي كانت له مع نادي بورتو البرتغالي، لأن البروز كان بفضل المهارات الفردية العالية التي يمتلكها اللاعب الجزائري، والتي تسمح له بخطف الأضواء من باقي اللاعبين من مختلف الجنسيات. صاحب الكعب الذهبي وفي حوار خص به النصر ظهيرة أمس في إتصال هاتفي، أوضح بأن تواجد نادي ليستر سيتي في صدارة الدوري الإنجليزي، كفيل بمساعدة محرز على مواصلة البروز، لكن «الفورمة» العالية التي أظهرها اللاعب ستفتح أمامه الأبواب للانضمام إلى أحد أعرق الأندية في القارة الأوروبية. بودنا أن نستهل الدردشة بالحديث عن محرز وإنجازاته في الدوري الإنجليزي مع نادي ليستر سيتي؟ الأكيد أن محرز أصبح مفخرة الكرة الجزائرية في البطولة الإنجليزية، لأنه يتألق بشكل ملفت للإنتباه، وقد نجح في خطف الأضواء من نجوم عالميين، بفضل مهاراته الفردية العالية. شخصيا تتبعت مباراة سهرة أول أمس ضد تشيلسي، فكان مردوده في القمة، لأن محرز كان رجل اللقاء دون منازع، كونه صنع الهدف الأول من تمريرة حاسمة، ووضع بصمته بصورة جلية كنجم فوق العادة، من خلال الطريقة الفنية الرائعة التي أمضى بها الهدف الثاني، لأن ترويض الكرة والتلاعب بالمدافع داخل منطقة العمليات لم يكن أمرا في المتناول، لتكون القذفة في الركن البعيد من منطقة كانت فيها زاوية الرؤية شبة منعدمة، بمثابة التأكيد على أن اللاعب يمتلك فرديات خارقة للعادة، بدليل أن كورتوا الذي يعد من أفضل حراس المرمى في الوقت الراهن، إكتفى بمتابعة الكرة بعينه، ونحن كجزائريين يجب أن نعتز ونفتخر بما يقدمه محرز. لكن هذا التألق كان مفاجئا، لأن البنية المرفولوجية للاعب لا تتماشى وأسلوب اللعب المعتمد في البطولة الإنجليزية أليس كذلك؟ أنا لا أشاطر هذا الطرح، لأن الدوري الإنجليزي واكب العالمية وأصبح قبلة خيرة النجوم، بعد التخلص من النظام التقليدي في اللعب، حيث أن السنوات الأخيرة شهدت تطورا كبيرا في «البريمير ليغ»، والأندية غيرت كلية من أسلوبها، بالإعتماد على الكرة الحديثة والتمريرات القصيرة، بعدما كان اللعب المباشر ميزة الأندية الإنجليزية في عشريات فارطة، كما أن هذه البطولة لم تعد تشتهر باللعب العنيف والخشن، رغم أنها مازالت تحتفظ بخصوصية الإندفاع البدني، الذي يتطلب الجاهزية العالية للاعب، ولو أن محرز يبقى حسب نظرتي الشخصية يعاني نسبيا من هذا الجانب، لكنه يتمكن من تعويض ضعف البنية المرفولوجية بفضل المهارات العالية عند استلامه الكرة، إلى درجة أنه أصبح عنصرا حاسما في الفريق، والإنسجام الذي حصل بينه وبين زميله فاردي ساهم في نجاح المجموعة في نظام لعبها المعتمد، لكن ذلك لا يعني بأن محرز لا يقوم بعمل لتطوير قدراته البدنية، لأن جاهزية اللاعب تستوجب عليه الإلمام بجميع الجوانب، ومحاولة استغلال نقاط القوة لصنع الفارق. ألا ترى بأن نجومية محرز أصبحت تفوق نادي ليستر، وأنه يستحق اللعب في فريق كبير؟ الحقيقة ما يصنعه محرز في بداية هذا الموسم جعلني استعيد ذكرياتي الجملية في نادي بورتو البرتغالي، حيث أصبحت أتابع مبارياته بشغف كبير، للتمتع بما يقدمه من لوحات فنية رائعة، مادام أنه يبرهن على مؤهلات اللاعب الجزائري في أحد أفضل الدوريات في العالم، لأن البطولة الإنجليزية تستقطب خيرة النجوم، وتألق لاعب جزائري شاب لا يتجاوز عمره 24 سنة، يجعلنا نفتخر به، والحقيقة أن تقمصه ألوان نادي ليستر لا ينقص من قيمة هذا اللاعب، حيث أصبح لهذا الفريق مكانة في البطولة الإنجليزية، مادامت إدارته كانت قد سطرت مشروعا يهدف إلى التألق على المديين القصير والمتوسط، بدليل استقدام مدرب عالمي بحجم الإيطالي كلاديو رانييري للإشراف على عارضته الفنية، لتكون ثمار ذلك بروز فريق كان يضمن البقاء بصعوبة، لكنه قطف ثمار سياسة إدارته بسرعة البرق، بتربعه على كرسي الريادة أمام منافسين كبار، أمثال قطبي مانشيستر، إضافة إلى ليفربول، تشيلسي وأرسنال. شخصيا أتمنى أن يتوج باللقب، وهذه الأمنية من أجل أن ينال محرز البطولة، وعليه فإن ليستر ليس فريقا متواضعا، وقد يكون له شان كبير قريبا، لكن ما أظهره محرز يرشحه للانتقال إلى فريق أفضل في أوروبا خلال الصائفة القادمة، خاصة وأن بعض النوادي كشفت عن نواياها الجادة في الاستفادة من خدماته، وهنا بودي أن أضيف شيئا مهما إذا سمحتم. *تفضل....؟ كجزائريين من حقنا أن نعتز بالمستوى الراقي لمحرز هذا الموسم، لكنه ليس الوحيد الذي يستحق الإشادة، هناك جيل من الشبان تألق مؤخرا، ونجح في دخول التاريخ بالتأهل إلى ثمن نهائي المونديال، وتقديم مباراة بطولية أمام بطل العالم المنتخب الألماني، وعناصر من طينة فغولي، براهيمي، بن طالب وسليماني، برهنت على انها قادرة على اللعب في أي ناد من كبار القارة الأوروبية، لأن الفرديات العالية للجزائريين تبرز بشكل مميز في المواعيد الحاسمة، وما يصنعه محرز كان براهيمي قد مر به الموسم المنصرم، كما أن فغولي يبقى من ابرز ركائز نادي فالنسيا الإسباني، دون نسيان سليماني ومكانته في سبورتينغ لشبونة، لكن محرز يبقى نجم هذه الفترة دون منازع، وهناك مؤشرات بخصوص جيل جديد قادر على صنع الحدث والتأكيد على نجاح المغامرات الإحترافية للشبان الجزائريين في أوروبا. *نفهم من كلامكم بأن الأمر يتعلق بالمنتخب الأولمبي، فكيف كان رد فعلكم بعد التأهل إلى أولمبياد ريو؟ التأهل إلى أولمبياد 2016 كان بمثابة الحلم الذي لم يكن يراودنا كجزائريين، لأننا لم نكن على دراية بأن هناك مجموعة من الشبان قادرة على صنع الحدث ودخول التاريخ، بفضل الإرادة والروح القتالية التي أظهرتها في دورة السنغال. نجحت في كتابة صفحة جديدة في تاريخ الكرة الجزائرية، حيث اكتشف المتتبعون منتخبا شابا يعد بالكثير في المستقبل، خاصة وأن تركيبته كانت بترسانة من المحليين الذين يعتبرون من نتاج البطولة الوطنية، وبالتالي فإن الإنجاز المحقق كان بمثابة رد صريح على كل من ظل يشكك في قدرات اللاعب المحلي، والعمل المنجز على مستوى النوادي، كما أن كل العناصر قدمت مردودا يجعلها قادرة على تحمل مسؤولية الدفاع عن حظوظ منتخب الأكابر في المستقبل القريب، ولو أنني شخصيا وبعد وقوفي على الفرديات التي يمتلكها بعض الشبان، أفضل أن تفتح لهم أبواب الاحتراف في أوروبا لتطوير قدراتهم، وخدمة مصلحة المنتخب والكرة الجزائرية بصفة عامة. *أغلب المتتبعين أجمعوا على أن التاريخ يعيد نفسه، وكأن هذا الجيل سيكرر ما صنعه جيلكم على مدار عشرية في ثمانينات القرن الماضي؟ لا يوجد أي مجال للمقارنة، لأن المعطيات تغيرت كلية، خاصة من حيث الإمكانيات، لكن ما لمسناه في دورة السنغال، هو أن المنتخب الوطني يتشكل من مجموعة منسجمة ومتكاملة، تتسلح بروح قتالية خارقة للعادة، وتعمل من أجل المصلحة الجماعية، وهو مؤشر أولي على أن الجزائر لها جيل بإستطاعته التألق على جميع الأصعدة في السنوات القادمة، شريطة أن ينجح القائمون على إدارة شؤون الكرة في بلادنا في تجسيد البرنامج المسطر، لأن ما نخشاه كمتتبعين الإكتفاء بمنح الفرصة لهؤلاء الشبان بالمشاركة في أولمبياد ريودي جانيرو، وبعدها طي الصفحة، وقطع الطريق أمام هذه المجموعة لمواصلة العمل من أجل الإلتحاق بالمنتخب الأول، لأن مرحلة ما بعد الأولمبياد ستكون بمثابة المنعرج في مسيرة هذا الجيل، و من لا ينال فرصته في الإنضمام إلى الأكابر سيجد نفسه على الهامش، و هو الفرق بين هذا الجيل و ما عايشناه في عهدنا، حيث كنا عبارة عن دفعة تكونت في مجموعة واحدة، فكانت ثمار تلك السياسة نجاح منتخب الأواسط في المشاركة في مونديال طوكيو، و بعده أولمبياد موسكو، قبل دخول العالمية عبر بوابة مونديال الأكابر بإسبانيا، و صنع ملحمة خيخون.