أبحر الباحث و الأستاذ الجامعي عراس فيلالي في عمق القصائد المتغناة بقسنطينة مسلطا الضوء على 42قصيدة نظمها شعراء من مدينة قسنطينة و أيضا من داخل و خارج القطر الجزائري.فيلالي بيّن في محاضرة بعنوان»قسنطينة في الشعر الجزائري الحديث و المعاصر»ألقاها في أول نشاط لتظاهرة «أيام قسنطينة الأدبية»التي انطلقت أمس الأول و تستمر إلى نهاية فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، شتى المناحي التي انتهجها الشعراء في قصائدهم المتغناة بقسنطينة، حيث عمد إلى تصنيف الشعراء إلى صنفين منهم شعراء النهضة كمحمد الصالح خبشاش و محمد العيد آل خليفة و محمد الأمين العمودي و محمد الشاذلي القسنطيني..و غيرهم إلى جانب الصنف الذي أطلق عليه صنف الجيل الثاني و ما يشمله من أسماء كثيرة لمثقفين و إعلاميين و باحثين، معتبرا بأن شعر الصنف الأول كانت لديه صبغة واحدة، مستمدة من ظروف معيشية معيّنة بيّنت استبداد المستعمر، و نقلت الواقع كما هو. المحاضر شبّه ما نظمه الكثيرون من الجيل الأول بالشعر الطائفي لوحدوية النص و طبيعة الأسلوب، لما لاحظه من هاجس شعري بخصوص محور الإصلاح، مستشهدا بأبيات من قصائد بعض فحول الشعر الجزائري و على رأسهم محمد العيد آل خليفة، و مفدي زكريا، و التي رأى بأنهم كانوا يعملون لأجل هدفين تاريخي و تأريخي موضحا بأن منهم من ركز في قصائده على التاريخ و عاد إلى العهد النوميدي و تحدث عن الوندال و الفينقيين و الأتراك و منهم من اختار الحديث عن بعض المصلحين و في مقدمتهم عبد الحميد ابن باديس و البشير الإبراهيمي..فيما وجد في قصائد أخرى هدفا تأريخيا، من خلال ما حاول البعض نقله بوصف الأحوال الاجتماعية و الظروف المعيشية آنذاك و اعتبرهم شهود فترة عم المدينة خلالها الفساد و الكساد فاختاروا الشعر لتوثيق ذلك مثلما فعل العمودي في قصيدته»قسنطينة» التي جاء فيها»قبّح الله أهل هذا الزمان*كل من ساد اسوّد مثل الغراب..عفت أحوال كل مدرسة مذ*قلّ مالي و خانني أصحابي»، فيما قال محمد الصالح خبشاش»من قارن ماضيها بحاضرها*نامت قسنطينة من بعد يقظتها بل آدنت برحيل نحو أخراها...»أما محمد الشاذلي فحاول رسم واقعها الثقافي بقوله « رماهم صرف الدهر لم يخط سهمه*و ماتت بهم كل العلوم بسرعة *كأن لم يكن فيها دروس لدرسها* و لم يجلسن للدرس كل بفطنة..»فيما قال مفدي زكريا» و للزعامة دجالون ليس لهم من الزعامة إلا الخمر و الغيب..و في المجالس أصنام تحرّكها يد المعمّر و تحميها التقاليد..». و تطرّق أيضا إلى شعراء الجيل الحديث مستمدا بأمثلة كثيرة انتقاها من قصائد عديدة منها قصيدة من ديوان للدكتور عبد الله حمادي الموسوم»البرزخ و السكين» و التي يرى الباحث بأن ما جاء فيها يختلف عما جاء في شعر السابقين رغم أنها بدت تقليدية، لاستنادها على النقل الفوتوغرافي للأشياء «مدينتي محاصرة بالخزي و الإصلاح فشرها معطل وكفرها مباح..»، كما تحدث عن قصائد شوقي ريغي و غيره. الأمثلة تعددت بتعدد النماذج و القصائد المدروسة من قبل الأستاذ فيلالي، حيث عرّج على أهم المحاور المتناولة فيها، و درجة الوصف و المحاكاة و التفصيل في ذكر الجزئيات و التقمصية و الانصهار في الموضوع و تشكيل الصورة و تحويلها و غيرها من العناصر التي اعتبرها من ميزات الشعر الحديث.أول نشاط للأيام الأدبية «قسنطينة مكانا شعريا أليفا» التي نظمتها دائرة الكتاب و الأدب و الذي اختار له المنظمون شعار» فاخر بسيرتا حيث سرت»، عرف قراءات شعرية وقعها عدد من الشعراء منهم نوار بوحلاسة الذي اختار إلقاء مقتطفات من «صرخة من الأعماق»و «وجع في ذاكرة العار» و «انتظار»، تلاه الشاعر بدر الدين رحايلية الذي انتقى أبياتا من قصيدة «البحث عن أميرة للعاشقين»أما الشاعر رياض بن يوسف فقرأ بعضا من أبيات انتقاها من ديوانه»تطريز على جسدها، تبعته شهرزاد بن يونس ب»حبيبتي أنت الألف باء»، فيما غاص إلياس بن زيتوني في «فظاعة القناديل» و بوجه نبي، بحلم صبي»، تاركا المكان لعصام بن شلال و ما اختاره من «جسر في الآفاق»، فرضوان بوغرارة بقصيدة «لن تكبري» و»مأساة عاشق»و «مساحيق»لتختتم الأمسية الشعرية بقراءة للشاعر محمد جعفارو بعنوان»قلعة الشموع».و ذكر منسق التظاهرة الدكتور يوسف وغليسي بأن «أيام قسنطينة الأدبية»ستتخللها نشاطات أخرى منها «جماليات المكان القسنطيني» و آخر حول «تجارب الهايكو في الشعر الجزائري»، و نشاط آخر سيحتفي بالنصوص المتوّجة عربيا كما سيتم تكريم الأدباء الراحلين في نشاط بعنوان»حداد عليكم».