حي «الحياة» بسيدي مبروك يقاوم زحف البازارات لم يؤثر انتشار محلات بيع المواد الصيدلانية و الطبية على الطبيعة السكنية لحي الحياة بسيدي مبروك العلوي بقسنطينة، حيث لا زال يقاوم زحف المراكز التجارية، التي حولت أحياء مجاورة له إلى أسواق مفتوحة لبيع الألبسة و السلع الاستهلاكية، لكن ساكنيه لم يتخلصوا من هواجس التعرض للسرقة بسبب سمعة الثراء التي ارتبطت بهم. و لاحظنا في جولة بحي الحياة الواقع بين حيي منتوري و الإخوة عباس و حي الإخوة غجغج و كذا عيادة التوليد بسيدي مبروك، بأن أغلبية البنايات المنتشرة به عبارة عن فيلات، باستثناء مركز تجاري مخصص لبيع الألبسة، بالإضافة إلى عدد كبير من المحلات الأخرى المختصة في بيع المواد الصيدلانية و الطبية و بعض المتاجر، حيث تعود ملكية العديد منها إلى أصحاب المنازل من التجار، لكنها لم تؤثر على الطابع السكني للحي، الذي كان هادئا و يشهد حركة قليلة أثناء تواجدنا به، بالرغم من أن الساعة لم تكن قد تجاوزت منتصف النهار بعد، حيث أفاد بعض من تحدثنا إليهم بالمقهى الوحيد بالمكان، بأن سكان الحي يعرفون بعضهم منذ سنوات طويلة، بسبب عدم انتقال الكثير من الساكنين الجدد إليه، في حين بدا آخرون أكثر تشاؤما، حيث قالوا أن وفاة الكثير من ملاك الفيلات، سيدفع بورثتهم إلى بيعها عاجلا أم آجلا، ما قد يؤدي بالحي إلى ما آلت إليه الأحياء المجاورة له، بسبب دخول المستثمرين إليه. و يتربع الحي على أكثر من أربعة هكتارات حسب المعلومات التي تحصلنا عليها من مندوب القطاع الحضري سيدي مبروك، أين تتجاوز عدد بناياته المائة، و يصل تعداد سكانه إلى أكثر من ألف نسمة، كما أشار لنا أحد السكان القدماء، بأن الأرضية التي أنجز عليها الحي كانت مساحة خضراء شاغرة في الفترة الاستعمارية، قبل أن تحولها السلطات المحلية في سنوات السبعينيات إلى تحصيص، استفاد منه آنذاك عمال وإطارات ببلدية قسنطينة، لكن البنايات لم تظهر إلا خلال النصف الثاني من سنوات الثمانينات، حسب محدثنا، الذي أضاف بأن عددا كبيرا من المستفيدين الأصليين، قاموا بإعادة بيع قطعهم الأرضية لعدم تمكنهم من البناء، مضيفا بأن أغلبية القاطنين الحاليين من قدماء التجار، الذين كانوا يعيشون بوسط المدينة بعد الاستقلال، ومنهم حتى من يملكون مصانع في الوقت الحالي، بالإضافة إلى أطباء و إطارات بقطاعات مختلفة. منازل محاطة بالأسوار و الأسلاك الشائكة و جذبت الأسوار العالية التي يحيط بها السكان منازلهم انتباهنا خلال تجولنا بالحي، حتى أن بعضهم وضع عليها أسلاك معدنية شائكة و أحاط نوافذه بسياج لدرء خطر تسلل اللصوص، بالإضافة إلى وضع أجهزة الإنذار و كاميرات المراقبة بمداخل المنازل، و كأن الأمر يتعلق بثكنات أو منشآت خاصة، حيث أفاد أحد السكان بأن هاجس التعرض للسرقة يسيطر على أصحاب المنازل، بسبب المتاعب الناجمة عن سمعة الثراء التي ارتبطت بقاطنيها، مشيرا إلى أن العديد من عمليات السطو طالت فيلات بالحي منذ إنشائه، قبل أن يصبح السكان أكثر تفطنا، فيما لا تزال تسجل بعض حوادث سرقة المحلات و السيارات خصوصا في الليل، بالرغم من تأكيده على انخفاضها بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة. أما في ساعات المساء، فلاحظنا تزايدا لحركة المارة، خصوصا من غير القاطنين بالحي، حيث يتخذه ساكنو أحياء مختلفة كمعبر للتوجه نحو عدة أماكن، كما يلجأ إليه أصحاب المركبات تجنبا للاختناق المروري الذي تشهده مسالك أخرى، أو لركن سياراتهم بسبب توفر أماكن شاغرة، ما أنعش عمل حراس الحظائر الفوضوية، خصوصا بالقرب من أحد المطاعم، التي اكتسبت شهرة بسيدي مبروك، لكن السكان الذين تحدثنا إليهم أكدوا لنا بأن حراس السيارات يأتون من أحياء مجاورة.