الأيام الأدبية لمدينة العلمة تحتفي بالرّاحلين و بوجوه فنية و أدبية و إعلامية دشنَّ وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أول أمس الاثنين المسرح الجهوي لمدينة العلمة، مُعلنًا عن افتتاحه لاستئناف نشاطاته الفنية و المسرحية و لاحتضان الفعاليات الثقافية، وهذا بعد خضوعه لمدة أشهر لترميمات شاملة، مباشرة بعد ترقيته إلى مصاف المسارح الجهوية. كما أشرف الوزير على حفل افتتاح تظاهرة الأيام الأدبية لمدينة العلمة في طبعتها16، بعد غياب دام أكثر من 6 سنوات. وهي أول تظاهرة يحتضنها المسرح بعد تدشينه و افتتاحه. ألقى وزير الثقافة كلمة مطولة، أشاد فيها بالأيام الأدبية من بداياتها و حتى وصولها إلى الطبعة 16، كما أشاد و بشكل خاص بمهندس و رئيس الأيام عبد الوهاب تمهاشت. ميهوبي قال أيضا: «هذه التظاهرة من أهم الاستحقاقات الثقافية التي نشأنا معها وتربينا عليها وعلى ذوقها، لقد ولدت صغيرة و كبرت، وواجهتها صعوبات، لكنها عادت بإرادة وإصرار من تمهاشت الذي ظل مؤمنا بها ومدافعا عنها، وكنتُ إلى جانبه مناضلا معه في هذه المناسبة، الأيام يجب أن تبقى، و سنعمل على أن تبقى، و سنعمل على ترسيمها».بعدها تحدث عن تقليص الملتقيات و المهرجانات، وقال بنوع من التوضيح: «في الوقت الذي نسعى فيه إلى تقليص عدد المهرجانات، سنعمل على استمرار الأيام الأدبية لمدينة العلمة، وسنعمل على توفير شروط استمراريتها في عالم الثقافة و الإبداع، و أجدد دعمي الكامل لها، كما أجدد استعدادي لدعم أي تظاهرة ثقافية جادة في هذه المدينة». ميهوبي وفي سياق حديثه عن التظاهرات الثقافية، قال أيضا: «كنت منذ يومين في بسكرة، و أعلنت من هناك عن عودة مهرجان محمد العيد آل خليفة في ربيع 2017». مضيفا أن «المهرجان الذي اختفى سنوات الإرهاب التي شهدت خفوتا في الثقافة، لا بد من عودته إلى الساحة الثقافية لمدينة بسكرة و للواجهة الثقافية الجزائرية عموما و في طبعات دولية». طبعة العودة للأيام الأدبية لمدينة العلمة التي تحمل شعار «الكلمة،، وطن»، من تنظيم التعاونية الثقافية أفكار و فنون، و برعاية من وزارة الثقافة و بمساهمة كل من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ومديرية الثقافة لولاية سطيف والمسرح الجهوي لمدينة العلمة. وهي مهداة إلى روح الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد الذي رحل يوم 5 أفريل الفارط .حفل الافتتاح، بدأ بمسرحية «كانوا هنا» من تأليف وإخراج نصير شوّار، و أداء أبناء المدينة. و قد استمتع بها الجمهور و الحضور و تفاعل معها في بعض المقاطع. تتضمن المسرحية الكثير من الرسائل، التي مررتها خلال مدة العرض و كانت شهادة ضد النسيان، حيث استحضرت بعض وجوه الذين رحلوا وغيبهم الموت و رصاص الإرهاب، من رجالات الثقافة و الفن و المسرح، في أداء درامي ممزوج بنكهة كوميدية فيها الكثير من السوداوية. و رافقت المسرحية خلفية بشاشة أعلى القاعة و بمؤثرات صوتية، كانت مخصصة لظهور بعض رموز المسرح و الأدب، فقد حضر في المسرحية بكثير من العرفان النبيل و التبجيل كل من المفكر بختي بن عودة، الشاعر عبد الله شاكري، عبد القادر علولة، ولد عبد الرحمن كاكي و عز الدين مجوبي. رئيس لجنة تنظيم الأيام الأدبية، القاص عبد الوهاب تمهاشت، ألقى كلمة رحب فيها بضيوف المدينة و بالسلطات المحلية و الولائية و بوزير الثقافة، ولم يفوت الفرصة للتوجه بالشكر لوزير الثقافة لأنه، كما قال، أعطى كل الدعم والإمكانيات لعودة الأيام الأدبية لواجهة الأحداث الثقافية المحلية و الوطنية، و وعد بأن هذه الأيام ستكون من أكبر الواجهات الثقافية العربية. من جهته رئيس بلدية العلمة، أعلن أن الأيام الأدبية هي فاتحة للمسرح الجهوي و لعودته إلى نشاطاته و احتضان مختلف الفعاليات الفنية و الثقافية مستقبلاً، كما طلب من وزير الثقافة أن يأخذ التظاهرة على عاتقه و أن يسعى إلى تحويلها إلى تظاهرة أكبر من حيز «الأيام الأدبية»، أي إلى مهرجان، كمهرجان جميلة و تيمقاد. بعدها فُتح باب التكريمات بتكريم الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد، ب «وسام شهيد الكلمة»، و قد حضرت التكريم زوجته السيدة زهور أولاد أحمد و ابنته كلمات، حيث كرمها وزير الثقافة و والي ولاية سطيف بهدايا رمزية، و قد شكرت السيدة أولاد أحمد في كلمة مقتضبة وزير الثقافة و مدينة العلمة على هذه الالتفاتة الطيبة في حق زوجها الراحل. كما تم تكريم المفكر و الكاتب النقدي بختي بن عودة، بوسام شهيد الكلمة، في شخص ابنته الشابة إسمهان بن عودة. وفي كلمة وزير الثقافة عنه، أكد على أنه كان المشروع النوعي الذي اغتيل في بدايته، المشروع الذي أُنتج لمواجهة الجهل والرداءة، لكن رصاص الإرهاب كان بالمرصاد و أطفأ المشروع وصاحب المشروع.مواصلا في ذات المنحى:« لكننا لم ولن ننسى بختي، و ها نحن نستحضره و نكرمه في هذه التظاهرة وفي مدينة العلمة التي كان يأتي إليها وإلى مواعيدها الأدبية، كما أطلقنا اسمه على مكتبة في مدينة وهران و أسسنا جائزة باسمه». وفي نفس الأمسية تم تكريم المخرج الكبير أحمد راشدي بوسام الاستحقاق الثقافي «فنان»، و الأديبة أم سهام بوسام الاستحقاق الثقافي «أديب»، و عاشور شرفي بوسام الاستحقاق الثقافي «صحفي»، أما التكريم الخاص فكان للأديب والروائي محمد العيد بهلولي، مؤسس الأيام الأدبية لمدينة العلمة، الذي كان وراء انطلاقتها عام 1986.فعاليات الأيام الأدبية ستتواصل على مدار ثلاثة أيام، وستشهد عدة ندوات فكرية وأدبية ينشطها مجموعة من الكُتاب و الباحثين والأكاديميين، يتناولون فيها مختلف المحاور المتعلقة براهن الأدب والشعر والرواية.