سكان يتكفّلون بتهيئة حي شاركو بسيدي مبروك يفضّل سكان حي عريس ميلود الواقع بمنطقة سيدي مبروك بقسنطينة منذ سنوات، التكفل بأنفسهم بعمليات التهيئة و التحسين بمحيط منازلهم، حيث قاموا بإنجاز سلالم و بطلاء الجدران و حافظوا على النظافة الخارجية، فيما ينتظر الكثير منهم الاستفادة من سكنات اجتماعية. بدأنا جولتنا في حي عريس ميلود، المسمى وقت الاستعمار جون بابتيست شاركو، و دخلنا من الجهة السفلى إلى أن وصلنا إلى أعلى الحي الذي يمثل آخر نهج من سيدي مبروك السفلي، بمحاذاة المنصورة، و يمتد إلى غاية العمارات المعروفة بحي «بون باستور» و هو من أقدم التجمعات السكانية بالمنطقة، و قد أخبرنا مواطنون أنه يعود إلى زمن الاستعمار الفرنسي، مشيرين إلى وجود منازل شيدت على النمط الفرنسي لبدايات القرن العشرين، و لا تزال إلى اليوم شاهدة على عراقة المكان. بالمنزل القريب من المدخل العلوي، أو مدخل «دار الأسد» كما يسميها أهل الحي، أوضح لنا السكان بأنه عبارة عن كنيسة قديمة اتخذها مواطنون سكنا لهم منذ عقود، و قد لاحظنا عليها وجود عمود يشبه المئذنة، يرجح أنه بني لوضع الجرس، فيما تنبعث من الباحات الخلفية لبعض المنازل رائحة المواشي. و يظهر على كثير من المنازل تدهور كبير على مستوى الجدران، فضلا عن وجود بعض الأكواخ المختفية بين البيوت، حتى أن أحد القاطنين أنجز سلالم تقوده إلى كوخه باستعمال جذوع الأشجار، فوق أرضية ترابية منحدرة قليلا، فيما فضل سكان آخرون التكفل بتجميل جدران منازل واقعة على الطريق، حيث قام شاب برسم مناظر طبيعية عليها مثل الأسماك و صور لجسور قسنطينة، أخبرنا بأنه لم ينهها بعد، و قد أضفى هذا العمل صورة مختلفة على الحي و ألبسه ألوانا جديدة، غيرت شكله النمطي و خففت من اللونين الرمادي و الأحمر للاسمنت و الآجر، اللذين كانا يطغيان على المشهد العام. غرفة لعشرة أفراد و مواطنون يعيشون في كنيسة و يواصل الأطفال و المراهقون إلى اليوم، ترديد قصص كبار السن حول حي «شاركو»، الذي وصفوه بأنه واحد من أعرق الأحياء بقسنطينة، رغم التدهور الذي مسه في السنوات الأخيرة، حيث أخبرنا مراهقون عن وجود لافتة معدنية بالمنزل القريب من المدخل العلوي، و هي على شكل أسد و لاحظنا بأنها مائلة تماما، فيما توجد لافتة معدنية أخرى على شكل ديك فوق المنزل الواقع بالمخرج السفلي القريب من حي الصنوبر، و قد أفاد محدثونا بأن المقولة الرائجة بالحي تشير إلى أن من يدخل من الجهة العلوية فهو أسد حتى يخرج ديكا من الأسفل، و العكس بالنسبة للقادم من الجهة الأخرى، فيما يملك السكان متنفسا بالقرب من المنبع الطبيعي للمياه المسمى ب"عين مستاوه"، الذي تحفه الأشجار و الأعشاب الخضراء، حيث يقصده بكثرة مربو الطيور و الشيوخ للجلوس، في حين يقوم آخرون بملء براميل منها لاستعمالها في الشرب و غسل السيارات. و قادنا أحد الشباب إلى مخبزة حجرية تقع أسفل منزل أخبرنا بأن أسرته قامت ببيعه، مشيرا إلى أن كثيرا من العائلات بدأت ببيع منازلها لكون أغلبيتها صارت ملكا للورثة، و قد أوضح لنا بأن المخبزة لا تنتج خبزا و إنما تُطهى بها الحلويات و «خبز الدار» و غيرها من المأكولات لفائدة الجيران في المناسبات كالأعياد و حفلات الزفاف، في حين نبه آخرون إلى أن الكثير من العائلات الموجودة بالحي مسجلة ضمن قائمة طالبي السكن الاجتماعي و لا زالت تنتظر الترحيل، خصوصا أن حالة العديد منها مزرية، حتى أن منها ما يفوق عدد أفرادها العشرة و تعيش بغرفة واحدة منذ الاستقلال، على حد تأكيد محدثنا. و أكد لنا شاب من الحي بأن السكان باتوا يتكفلون بحل جميع المشاكل التي تواجههم، حتى أنهم أنجزوا عدة سلالم و أصلحوا الدروب الضيقة بين المنازل، و لم تقم مصالح البلدية بتعبيد الطريق المتوسط للحي إلا مؤخرا على حد قوله.