تعد حلقة الوصل التي تربط الجسور والأحياء القديمة بالولاية، ووادي الرمال الذي يجزأ المدينة إلى جهتين، حي السويقة والذي يعني «السوق الصغير» أقدم وأرقى حي يرمز لتاريخ قسنطينة، قيل انه شيد قبل العهد العثماني وحافظ على نسيجه أمام ضربات الاستعمار الفرنسي، الحي حاليا ينهار ويتعرى يوما بعد يوما وتحول ركاما يراه كل ما يلج قسنطينة أمام المشاريع الكبرى التي تحيط به، وأضحى النقطة السوداء التي تطبع واجهة المدينة القديمة التي يقصدها الزوار لزيارة جسر سيدي راشد المطل على الحي، لكن الصراع القائم ما بين ترميم المدينة والحفاظ على موروثها أو إزالتها تماما زاد من معاناة الحي الذي قيل أن ميزانية ترميمه تتطلب 350 مليار دج. 3800 عائلة في سكنات مهددة بالانهيار جزء كبير من المنازل التي زارتها «الشعب» في استطلاعها الميداني قال سكانها أنهم سكنوها بعد عمليات الترحيل في الثمانينات، لكنهم يرون بأن بقاءهم ل20 سنة في نفس المكان يبطل رواية لجوئهم إلى المدينة القديمة للحصول على سكن أو التهديم المتعمد، وأكدوا أنهم بعد أن كبروا وتزوجوا كانوا مضطرين للإقامة في تلك الكهوف والمغارات بدل التشرد. وعبر مراهقون عن تذمرهم لما يجري مؤكدين بأنهم يتداولون أخبار الانهيارات فيما بينهم في شكل من السخرية على واقع دفع بعضهم إلى الانحراف.. أما الأطفال فقد منعوا من الخروج إلى وسط الدار أو الشارع بسبب أخطار الركام والمنحرفين والجرذان التي كانت سببا في انتشار رهيب للقطط السمان بكافة أرجاء ما تبقى من السويقة. وقد أجمع أغلب من تحدثنا إليهم أنهم مستعدون للإقامة داخل خيم أو مراكز عبور بدل معاشرة الموت. الملاك يمثلون نسبة 15 ٪ و133 بناية مقبولة من أصل 1164 دراسة معمقة أجريت أحصت وجود 1164 بناية لكنها لم تشمل سوى 1065 بناية فقط بسبب رفض بعض المواطنين التعامل مع الفرق المحققة، وقد تبين بعد المعاينة أن 133 بناية فقط في وضعية مقبولة و312 بناية في وضعية متوسطة و575 بناية في حالة متدهورة منها 248 بناية في حالة متقدمة من التدهور و139 مهدمة جزئيا و88 مهدمة كليا وبالسويقة السفلى توجد 115 بناية قائمة منها 48 منزلا مهدما جزئيا و15 منزلا مهدما كليا. وتشير المعطيات المعلن عنها في المرحلة الثانية من المخطط أن المستأجرين يمثلون 54 بالمئة من السكان وأن 15بالمائة من الملاك فقط لديهم عقود رغم أن الملكيات الخاصة تمثل 75 بالمائة، وبالنسبة لأسباب الإقامة في المدينة القديمة تكشف الأرقام أن 50 بالمائة دفعتهم الحاجة إلى السكن نحو السويقة وغيرها من الأحياء القديمة هذا ويرغب 72 بالمائة من سكان السويقة في مغادرة الحي. وقد كشف مدير الثقافة لولاية قسنطينة في وقت سابق عن تنصيب الوكالة الوطنية للقطاع المحفوظ وهي الجهة الوحيدة المخولة قانونا للتدخل، لكن المسؤول قال بأن هناك عمل سبق الدراسة يجري بملاح سليمان وبرمجة 65 بناية للترميم في المشروع النموذجي فيما خصت السويقة السفلى بعمليات إستعجالية تتطلب إمكانيات معينة لم يشرع فيها كما أحصيت 575 بناية معنية بالترميم لتحسين صورة واجهة المدينة القديمة. مستأجرون يتعمدون هدم السكنات! أكدت مصادر عن فرع التعمير ببلدية قسنطينة، أن مشكلة المدينة القديمة في أنها تحولت في فترة ما إلى طريقة سهلة للحصول على السكن حيث رحل عدد كبير من القاطنين لكن البنايات ظلت آهلة بالسكان وعدد من بها يتزايد يوميا وتطور الأمر فيما بعد إلى تهديم متعمد من المستأجرين بطرق مختلفة كضرب الأساسات أو وضع خراطيش المياه لأيام مستدلا بحالة منازل يقطنها الملاك بقيت في وضعية جيدة عكس تلك المهملة أو المؤجرة. حيث ان المواد التي تدخل في بناء السكن القديم سهلة الهدم وشديدة التأثر بالمياه الأمر الذي مكن البعض من الاستفادة من السكن بطريقة سريعة وحول النسيج العمراني القديم إلى مجال للمضاربة بالعقار، حيث استولى أشخاص على بنايات مهجورة تم إخلاؤها وعاودوا كرائها وبيعها واحتلالها في جنح الظلام. الوالي الحالي أيضا كانت له طريقته في التعاطي مع الملف الذي أعاد فتحه وقرر منح حصة سنوية ب500 سكن لقاطني المدينة القديمة وكلف مكتب الهندسة والعمران «سو» بإحصاء السكان الذين يقدرون في حدود 3800 عائلة منهم 750 عائلة تقطن السويقة إلا أن البلدية أحصت 120 بناية تشكل خطرا على سكانها الذين لا يتعدى عددهم 500 عائلة أي ما يعادل الحصة التي من المقرر منحها هذه السنة. منازل مفتوحة على العراء وعائلات وسط الركام الحي الذي يرمز لتاريخ قسنطينة العتيق يصنع اليوم واقعا يختلف في ملامحه عن الوضع السابق، العيش داخل هذا الجزء تحول بمثابة كابوس متواصل ومسلسل من التوجس والهروب والترقب، دخلنا الحي من الأسفل بالجزء المسمى ب«الشط» أين وجدنا معظم المنازل مغلقة، بعد تغيير أبوابها الخشبية بأخرى معدنية تشبه بوابات المآرب، أين حولت الغرف إلى «المجلس» مع استخدام الأروقة لأغراض مختلفة بوضع عوازل من الخشب والبلاستيك لخلق فضاءات تستعمل كمطابخ وغرف للأكل وحتى للنوم، السلالم تآكلت ويتطلب عبورها الانحناء قبل بلوغ طابق علوي لا يختلف في تفاصيله عن الأرضي، ضيق الغرف حتم توزيعا معينا للأثاث وحصره في أكثر الأشياء أهمية كخزانات الملابس التي لاحظنا أنها صغيرة جدا، كون الغرف لا يزيد علوها عن المتر ونصف، كما أن معظم العائلات بهذه البناية وغيرها تستعمل خزانات من البلاستيك أو لم تغير الأثاث منذ سنوات لأن الرطوبة والمياه المتسربة تؤدي إلى تآكله السريع، وهو ما وقفنا عليه لدى عديد العائلات أين وجدنا بقايا أثاث قديم ولاحظنا أن معظم الأدوات الكهرومنزلية أكلها الصدأ، كما تشترك معظم البيوت التي زرناها في استخدام شرائط البلاستيك والقماش في الأسقف والجدران في حالة تمايل والأرضيات ذات مستويات مختلفة، منازل أخرى بها كميات مهولة من الركام تم تجميعها في الجزء المهدم ولم يعد للبناية جدران خلفية حيث أصبحت تطل على الشارع الذي هو الآخر عبارة عن مجموعة من المنازل المهدمة