9500 مليار مستحقات كراء و كهرباء و غاز غير مدفوعة تطرح قضية عدم التزام الأفراد، وكذا المؤسسات بتسديد تكاليف الخدمات التي يستفيدون منها، إشكالية فعلية، خاصة في ظل طبيعة الظروف الاقتصادية التي تعرفها البلاد، وكذا حاجة الخزينة إلى تحقيق مداخيل إضافية، لاستغلالها في مجال الاستثمار، ويعد تحصيل فواتير الغاز والكهرباء والماء من بين الإشكالات الفعلية التي تواجهها المؤسسات التي تقدم هذه الخدمات، في وقت تحاول السلطات إيجاد حلول مرنة، مما يدعو في نظر مختصين إلى ضرورة تحريك القانون، لكن بطرق عقلانية، مع استحداث هيئات تقتصر مهمتها على تحصيل الديون العالقة، تساعد على تصحيح نظرة المواطن للملك العام . المواطنون يبررون عدم الدفع بضعف الإمكانيات ومنهم من يلجأ إلى الغش لتخفيض الكلفة، فيما تجد عدة مؤسسات كدواوين الترقية العقارية وسونلغاز صعوبة في تحصيل أموالها ما خلف اختلالات في التسيير وعطل الاستثمار والصيانة وحتى دفع الأجور. ملف من إعداد : لطيفة بلحاج تبريرات اجتماعية و حيل للتخفيض من الفواتير مواطنون بين الامتناع عن الدفع و اللجوء إلى الغش تتباين تبريرات المواطنين وحتى رؤساء البلديات وراء عدم التوجه في التاريخ المحدد إلى دواوين الترقية والتسيير العقار، أو إلى الوكالات التابعة لمجمع سونلغاز وكذا شركات المياه لتسديد الفواتير، بين قلة الإمكانات المالية، والإصرار على الانتفاع من خدمات دون مقابل.ويؤكد في هذا السياق موظف متقاعد من قطاع التربية الوطنية، أن القيمة المتدنية لمنحة التقاعد، لا تكفي لتلبية كل الاحتياجات، خاصة فواتير الماء والكهرباء، التي أضحت تستهلك نسبة معتبرة من ميزانية الأسرة، إضافة إلى تكاليف الإيجار، موضحا أن ديوان الترقية والتسيير العقاري التابع لبلدية حسين داي يدين له بالملايين، نتيجة عزوفه عن دفع الإيجار منذ سنوات، موضحا أنه ينتظر من الإدارة تبسيط الإجراءات الإدارية لشراء المسكن الذي يقطنه منذ الثمانينيات، مؤكدا أنه لولا المساعدة التي يتلقاها من أبنائه، الذين استقروا خارج البيت العائلي، لما استطاع أن يلبي كافة تكاليف الحياة، وأنه لجأ مؤخرا إلى الاستدانة لتسديد فاتورة الماء التي بلغت 12 ألف دج، متسائلا عن سبب ارتفاعها، رغم أنه يقطن شقة من ثلاثة غرف فقط، ولا يستعمل الماء إلا في الحاجات اليومية. ويضطر عامل متقاعد آخر إلى تخصيص دوريا أغلب منحته الشهرية لتسديد فاتورة الكهرباء، التي تصل قيمتها إلى 7000 دج في كثير من الأحيان، لكونه يقيم مع ابنيه المتزوجين، ويضطر بعدها إلى اقتطاع نسبة أخرى لتسديد فاتورة الماء، ولم يخف "ع/أ" وهو موظف في مؤسسة عمومية التقته " النصر" وهو يهم بدخول إحدى وكالات سونلغاز بالعاصمة لتسديد الفاتورة، استعداده لسرقة الكهرباء، على غرار ما يفعله بعض جيرانه، بسبب غلاء الفاتورة، مؤكدا أن بعض أقاربه ممن وجدوا حيلا لتعطيل العداد الكهربائي، يعتقدون أنهم بهده الطريقة يمكنهم أن يستفيدوا من حقهم في البترول، وهي العقلية المستشرية لدى الكثير من الأفراد، قائلا إن قريبته التي تقطن في إحدى الولايات الشرقية تستعمل نفس الحيلة، لتقليص فاتورة الكهرباء. وأكد محضر قضائي "س/ق" الذي ينشط على مستوى العاصمة أن مكتبه تصله باستمرار اعذارات لتبليغها إلى قاطني السكنات التابعة لديوان الترقية لحسين داي، لإلزام القاطنين بدفع مستحقات الإيجار، وإلا يكون مصيرهم الطرد، وأن العديد من الملفات أحيلت فعلا على العدالة، وكانت نهايتها الطرد من المسكن.وأرجع من جهته رئيس بلدية جسر قسنطينة بالعاصمة عجز بعض البلديات عن تسديد الفواتير إلى قلة الموارد المالية، كاشفا أن بلديته خصصت مبلغا معتبرا لتسديد فاتورة الكهرباء عن سكان الأحياء القصديرية الذين تم ترحيلهم مؤخرا، على غرار حي الرملي والمالحة بعين النعجة، كما تلتزم البلديات بتسديد فواتير المؤسسات التابعة لها، من بينها الابتدائيات، والمكتبات البلدية والأسواق الجوارية، و المحاشر البلدية، موضحا أن بلديته تعتبر محظوظة نوعا ما، لكونها تضم منطقة للنشاط الصناعي على مستوى منطقة السمار، تحقق لها مداخيل لا بأس بها، تستغلها في سد بعض نفقاتها. ل/ب الخبير في الهندسة المعمارية جمال شرفي يجب وضع آليات صارمة بدل التنازل عن السكن و أوعز الخبير في الهندسة المعمارية «جمال شرفي» تماطل قاطني السكنات الاجتماعية في تسديد الإيجار، إلى كون 70 في المائة من المستفيدين من السكن الاجتماعي من ذوي الدخل المحدود او من فئة البطالين، لكون القانون يمنح لهذه الشريحة 20 نقطة، للاستفادة من هذه الصيغة، مؤكدا أن أغلب الذين استفادوا من السكن الاجتماعي منذ الاستقلال، باعتباره الصيغة الوحيدة الموجودة، لا يسددون الإيجار، بسبب تفشي عقلية «البايلك»، مقترحا استحداث صندوق للبطالة يتم على مستواه اقتطاع مستحقات الإيجار من الفئات التي تتحجج بقلة ومحدودية مواردها المالية، على غرار ما هو معمول به في بلدان أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا وغيرها، مع إسناد مهمة تحصيل الإيجار إلى وكالة مختصة، بدل التنازل عن السكنات الاجتماعية، التي ينبغي أن تبقى حسبه ملكا للدولة، مصرا على ضرورة وضع آليات صارمة، نظرا لاستحالة إحالة كافة الملفات العالقة على العدالة، وطرد كافة العازفين عن تسديد مستحقات الإيجار إلى الشارع. ل/ب وزير السكن عبد المجيد تبون فوج عمل لرفع مقترحات للحكومة والديون بلغت 31 مليار دج كشف وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون في تصريح خص به «النصر» أن 47 في المئة فقط من قاطني السكنات التابعة لدواوين الترقية والتسيير العقاري، يلتزمون بتسديد الإيجار بصفة منتظمة، في حين يتقاعس الباقون عن دفع مستحقات هذه المؤسسات. وعاد الوزير نهاية الأسبوع ليؤكد أن أن متأخرات الإيجار قد بلغت 31 مليار دج في 2016. وأوضح تبون، خلال اجتماع ضم مدراء دواوين الترقية والتسيير العقاري على المستوى الوطني بالعاصمة، أن نسبة الامتناع عن السداد تقارب 70 بالمئة وأن الكثير من الدواوين تشكو من وضعية مالية صعبة بسبب المشكل، لدرجة أن بعضها يجد صعوبة في دفع الأجور لموظفيه، معلنا عن تشكيل فوج عمل يضم عددا من مدراء الدواوين لصياغة مقترحات ، سترفع للحكومة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما سيشرع في حملة توعية تكون متبوعة بتوجيه إعذارات عبر محضر قضائي. وأضاف أنه يمكن تسوية هذه المستحقات على دفعات وفق رزنامة متفق عليها من الطرفين. وأضاف تبون في تصريحه للنصر أن العدد الإجمالي للسكنات التابعة لدواوين الترقية العقارية يبلغ 840 ألف مسكن، موزعة على مختلف الولايات، وأن وزارته شرعت في اتخاذ إجراءات لتمكين مستأجري هذه المساكن من تملكها، بعد دفع قيمتها الإجمالية، شريطة تسوية المستحقات المتأخرة، أي مبالغ الكراء المتراكمة على مدى سنوات، وهي طريقة تريد من خلالها الوصاية تمكين الدواوين من استرداد حقوقها العالقة، لتحقيق موارد مالية إضافية تمكنها من إطلاق مشاريع جديدة، إلى جانب إعادة تهيئة العمارات التي تدهورت حالتها، جراء قلة الصيانة.وذكّر الوزير بإصدار المرسوم التنفيذي المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للدولة، ولدواوين الترقية والتسيير العقاري، التي تم شغلها قبل سنة 2004، و الذي مكن المستفيدين من تملك السكنات التي شيدتها دواوين الترقية والتسيير العقاري ، سواء بدفع قيمتها الإجمالية دفعة واحدة، أو عن طريق التقسيط، مقابل الحصول على عقد الملكية، وتم تحديد السعر المرجعي للمتر المربع الواحد ب 12 ألف دج، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الموقع، ويعد هذا المبلغ جد رمزي مقارنة بالأسعار المعتمدة في سوق العقار. التحفيزات التي منحتها وزارة السكن للراغبين في تملك سكناتهم، كان يمكنها أن تساعد على التخلص من عبء ثقيل، ناجم عن تقاعس المستفيدين في دفع مستحقات الإيجار، إلا أن عملية التنازل عن السكنات الاجتماعية تعطلت بشكل مثير للانتباه، نظرا لبروز مشاكل عدة أعاقت العملية، بعضها إدارية، وأخرى تتعلق بالميراث والخلافات العائلية، مما دفع بالوزارة إلى تمديد آجال التنازل إلى غاية نهاية سنة 2017، مع توجيه تعليمة لتخفيف محتوى الملف الإداري. ل/ب المؤسسة لجأت إلى القطع بعد تعثر الاستثمار 55 بالمئة من مستحقات سونلغاز على عاتق القطاع العام كشفت مصادر مسؤولة بمؤسسة سونلغاز أن الديون المتراكمة لدى زبائن المؤسسة، بسبب عدم الالتزام بتسديد فواتير الكهرباء والغاز بلغت 64 مليار دج، نسبة 55 في المئة منها ديون على عاتق القطاع العام و 45 في المئة هي ديون القطاع الخاص. وتسعى المؤسسة وفق ذات المصادر إلى تحصيل مستحقاتها، عن طريق وضع رزنامة، وكذا حث المديريات الولائية للتحرك ميدانيا لدفع الزبائن على الوفاء بالتزاماتهم تجاه المؤسسة، التي أضحت تواجه صعوبات فعلية أمام القيام باستثمارات جديدة، وفق ما أكده الرئيس المدير العام للمجمع «مصطفى قيتوني» في تصريحات إعلامية أخيرة، كما تواجه الوكالات التابعة للمؤسسة بعض المشاكل عند اتصالها بالزبائن المتأخرين عن تسديد الفواتير، خاصة على مستوى بعض الأحياء المعروفة والمصنفة في خانة المناطق الساخنة، التي تتجنب السلطات الدخول في مواجهات مع قاطنيها. وتعد ولايات الجنوب من المناطق التي تسعى مؤسسة سونلغاز جاهدة للوصول إلى تسوية مع قاطنيها، بسبب عجز الكثير منهم عن تسديد فواتير الكهرباء، وفق تأكيد النائب عن ولاية ورقلة محمد لحبيب قريشي، موضحا أن الأسرة الواحدة أضحت تسدد في الفاتورة الواحدة ما بين 20 ألف إلى 30 ألف دج، وأن تراكم الفواتير دفع ببعض المستهلكين إلى نزع العدادات، وسرقة الكهرباء مباشرة من الكوابل، خشية تلقي فواتير أغلى، منتقدا ما جاء في قانون المالية لسنة 2016، الذي فرض زيادة في الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 17 في المئة، على كل من يتجاوز طاقة استهلاك 1000 ميغاواط في ثلاثة أشهر، ويقترح نواب الجنوب رفعها إلى 3000 ميغاواط، بالنظر إلى حاجة سكان المنطقة لاستهلاك الكهرباء بسبب صعوبة الظروف المناخية. ويقترح من جهته رئيس لجنة المالية بالبرلمان محجوب بدة إعادة هيكلة مؤسسة سونلغاز، عن طريق تقليص وحداتها الولائية من 42 وحدة ولائية، إلى أقل من ذلك، بهدف ترشيد نفقات التسيير، فضلا عن إعادة النظر في سياسة دعم الكهرباء، ليستفيد منه المعوزون فقط، ووضع نظام معلوماتي محكم لكشف المتحايلين، وتصنيف الفئات التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة الكهربائية، كالمصانع مثلا، لأنه لا يعقل وفق تقديره أن يخضع الجميع إلى نفس التسعيرة، بغرض تحويل سونلغاز إلى مؤسسة مربحة، علما أن الوزارة الأولى نصبت فوج عمل لدراسة سبل تخفيض تسعيرة الكهرباء في المناطق الجنوبية. ل/ب أكدوا أن 80 % من المواطنين غير منتظمي الدفع خبراء يقترحون استحداث هيئات مختصة للتحصيل وصف الخبير الاقتصادي "عبد الرحمان بن خالفة" التهرب من تسديد فواتير إيجار السكنات وكذا استهلاك الغاز والكهرباء والماء، بالظاهرة الخطيرة، مقترحا استحداث مصالح مختصة لتحصيل هذه المستحقات، على اعتبار أن العملية ليست سهلة على الإطلاق، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وقال بن خالفة إن الثغرات المالية التي تسببها الفواتير غير المدفوعة من شأنها أن تؤثر على الوضع المالي للمؤسسات التي تتولى تحصيل هذه الفواتير، بسبب توقف السيولة المالية التي من المفترض أن تدخل إلى حسابها، مقترحا استحداث مصالح مختصة لتحصيل هذه الديون، في حين قدر الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى نسبة المواطنين الذين يلتزمون بآجال تسديد الفواتير بما لا يتجاوز ال 20 في المئة، مقابل تقاعس الأغلبية عن الإيفاء بالتزاماتهم المالية اتجاه المؤسسات المكلفة بالتموين بالغاز والكهرباء وكذا تلك التي تقدم خدمات أخرى، موضحا أن ديون المؤسسات العمومية والخاصة التي تتكاسل عن تسديد الفواتير تعد أكبر بكثير من الفواتير العالقة لدى المواطنين، بسبب ارتفاع وتيرة الاستهلاك، على غرار الغاز والكهرباء والماء، في وقت يصعب إحالة المنازعات على العدالة، بسبب المصاريف التي تتطلبها، في وقت تتجه سياسة الحكومة إلى ترشيد النفقات، وجلب مداخيل إضافية عن طريق تحصيل الديون العالقة، مذكرا بأن الدولة لجأت إلى استبدال العدادات، للتقليل من السرقات، واقترح المصدر أن تتكفل الدولة بالفئة التي ليس لديها الإمكانات المالية الكافية، عن طريق سياسة الدعم الاجتماعي، بعد تحقيق تقوم به مصالح الشؤون الاجتماعية، مؤكدا أن الشركات والمؤسسات والهيئات تمثل نسبة 80 في المئة من زبائن شركات المياه والغاز والكهرباء الذين لا يسددون الفواتير. وقال من جانبه الخبير الاقتصادي "مالك سراي" إن المعطيات المرتبطة بعدم تسديد الفواتير أضحت ثقيلة وخطيرة على مستقبل عديد المؤسسات، في مقدمتها سونلغاز، نتيجة الديون المتراكمة، لكون الفرد الجزائري تعوّد على أن يأخذ من الدولة دون أن يحاسب، فأصبحنا نصرف أكثر مما ننتج، مطالبا بضرورة تطبيق الأسعار الحقيقية للخدمات التي تقدمها الدولة، كما هو معمول به في الاقتصاديات العالمية، مقابل إعادة النظر في الأجور لتكون متناسقة ومنسجمة مع منصب وموقع كل عامل أو موظف، وأعطى على سبيل المثال تخصيص شبكة موحدة للمهندسين مثلا، مهما كانت المؤسسة التي يشتغلون بها، مضيفا أننا كثيرا ما نجد أشخاصا يحملون نفس الشهادات، ويتقاضون رواتب متباينة، مفسرا عدم الاكتراث بتسديد الفواتير، بشعور الفرد بأنه لا يتقاضى الراتب الذي يستحقه، لذلك فهو يلجأ إلى أخذ حقه بنفسه، عن طريق تجاهل تسديد مستحقات الإيجار، وفاتورة الماء والتأخر عن تسديد الكهرباء. ل/ب الدكتور في علم الاجتماع محمد طايبي علاقة الفرد الجزائري بالملكية العامة مرضية فسر المختص في علم الاجتماع الدكتور محمد طايبي عدم الالتزام بتسديد الفواتير، بغض النظر عن نسبة انتشار الظاهرة، بتراجع فكرة المواطنة والثقافة المدنية، مصرا على ضرورة تطبيق القانون بصرامة وعقلانية، وحذر من أن يكلفنا التخلف في الفعل المدني، أكثر مما قد يكلفنا تدهور سعر البترول. وقال الدكتور محمد طايبي إن إثارة قضية عدم الاكتراث بتسديد الفواتير من قبل المواطنين وحتى المؤسسات، مقابل الاستفادة من خدمات معينة، كالتزود بالماء والكهرباء والهاتف، يجب أن تكون مرتبطة بدراسة منهجية، لمعرفة حجم الفئة التي لا تسدد وطبيعة مواصفاتها، والمناطق التي تقيم بها، سواء بالحواضر أو بالعشوائيات، أو بالمناطق التي لها تاريخ في المقاومة الشعبية، مؤكدا أن الظاهرة موجودة بالفعل، وهي تعود إلى علاقة الفرد الجزائري بالملكية العامة، التي يشوبها نوع من الحالة المرضية، موضحا أن ضعف المواطنة والثقافة المدنية، يؤديان إلى بروز سلوك مقاوم للسلطة العمومية، في حال عدم تكفل الدولة بضبط الأمور قانونيا، عن طريق ما أسماه بالتواصل المؤسساتي أو الردع المؤسساتي، لأن تطور مفهوم المدنية مرتبط بالواجب المواطني، الذي يشمل إلى جانب تسديد الفواتير والضرائب، احترام العيش المشترك، والتقيد بقانون المرور وغيرها من الممارسات الأخرى. وانتقد الدكتور طايبي بروز بعض الممارسات السلبية، على مستوى سلوك الافراد، الذين تجدهم يناقشون شرطيا أو دركيا عند توقيفهم بسبب ارتكاب مخالفة، في حين أن القانون يعطي لعون الأمن صلاحية اتخاذ الإجراءات القانونية دون أن يتناقش مع المخالفين، الذين يجادلون أيضا أعوان مؤسسة سونلغاز مثلا، عند إلزامهم بالدفع أو قطع التيار الكهربائي، رغم أن القانون جد واضح، موضحا أن معظم الدول توجد بها بعض المناطق الساخنة التي يتمرد قاطنوها على السلطات، ويرفضون تسديد الضرائب والفواتير، في حين أن القانون لا يمنح لأي أحد الاستفادة من أي منفعة دون مقابل، قائلا: «صحيح أن السلطات العمومية تتفادى الصدامات لأسباب عدة، غير أنه لا ينبغي عليها أن تتخلى عن حقوقها، وأنه على المواطن، حتى وإن تأخر بعض الوقت، أن يسدد المستحقات، لأن ذلك جزء من التربية المدنية».ويعتقد المصدر أن المواطنة في الجزائر نخرتها الأزمات وحالة الفساد، الأخلاقي والمجتمعي لبعض الفاعلين، وهذا من شأنه أن يضعف الدولة، وينشر فكرة أن القانون يطبق على الضعفاء فقط، مفسرا تقاعس بعض المؤسسات كالبلديات مثلا، في تسديد الفواتير إلى استشراء عقلية «حنا في حنا»، وهو سلوك قديم اكتسبته بعض مؤسسات الدولة في ظل ظروف اقتصادية معينة، مؤكدا أن مفهوم المؤسسة لم يأخذ بعده الاستقلالي والاقتصادي، لهذا لم تتعود المؤسسات على العلاقة التعاقدية، وبقيت في إطار الخدمة العامة، وأن دخول مرحلة اقتصاد السوق، لم يصاحبه أيضا تغيّر السلوكيات الاقتصادية عل مستوى القطاع العام، واسمرت بذلك عقلية الأخذ وليس العطاء. وأصر الدكتور طالبي على ضرورة تكريس سيادة القانون، بصرامة وعقلانية، وأن توضح المؤسسات التي تبحث عن تحصيل ديونها، من بينها مؤسسة سونلغاز، هويتها، على أساس أنها مؤسسة اقتصادية، مع ضرورة تحديد من يتحمل المسؤولية في حال عدم الالتزام بتسديد مقابل الخدمات، كجعل المير مثلا هو المسؤول على مستوى المجالس البلدية، إلى جانب تفعيل الرقابة والمحاسبة، لأن التخلف في الفعل المدني قد يكلفنا كثيرا، وهو من الأسباب الرئيسية للتخلف، وليس تدهور أسعار البترول، كما يعتقد الكثيرون.