اعتماد قروض دون فوائد سيدعم الخزينة بأكثر من 45 مليار دولار قال الخبير الاقتصادي كمال رزيق إن اعتماد القروض السندية دون فوائد، التي أعلن عنها وزير المالية مؤخرا، سيسمح بتدعيم الخزينة العمومية بأزيد من 45 مليار دولار، يتم تداولها حاليا خارج القطاع الرسمي، يمكن استغلالها في تمويل مشاريع عمومية ذات طابع اقتصادي، تتعلق بقطاعات عدة على رأسها الصناعة والفلاحة، معلنا في حوار مع النصر أن اعتماد الصيرفة الإسلامية سيغلق المنافذ أمام المزايدات السياسية. أعلن وزير المالية حاجي بابا عمي يوم الخميس خلال رده على سؤال شفوي لعضو بمجلس الأمة عن شروع الحكومة في دراسة كيفية إدراج قروض سندية دون فوائد، هل يقصد بالإجراء اعتماد الصيرفة الإسلامية؟ إن قرار وزير المالية المتضمن إصدار قروض سندية دون فوائد قريبا، لا يعني بالضرورة اعتماد الصيرفة الإسلامية، التي تتطلب أولا تعديل قانون النقد والقرض، وأن هذه الخطوة أضحت اليوم أكثر من ضرورة، لفتح المجال أمام المعاملات المالية الخالية من الفوائد، تلبية لرغبات الكثير من المتعاملين، بالنظر إلى حجم الكتلة المالية الهائلة التي يمكن أن تستقطبها البنوك والمصارف في حال تجسد قرار الوزير، والمقدرة بأكثر من 45 مليار دولار، يتحفظ أصحابها على التعامل مع المؤسسات المالية التي تعتمد النظام التقليدي أي القروض بالفائدة، في وقت أصبحت الصيرفة الإسلامية ملاذ الكثير من البنوك في بلدان غربية عدة، من بينها فرنسا وألمانيا وإسبانيا، كما تبنتها مؤخرا دول عربية، من بينها مصر والإمارات المتحدة، نظرا لما توفره من مداخيل مالية معتبرة، وأشدد في ذات السياق، على أن طبيعة الظرف الاقتصادي أصبح يحتم على الحكومة التفكير مليا في طريقة جديدة لجلب الملايير التي يتم تداولها خارج القنوات البنكية والمصارف، بسبب معتقدات بعض الأفراد الذين يميلون إلى ما يصطلح عليه بقروض «الحلال» أي التي لا تتضمن الفائدة، بهدف تمويل الاقتصاد وتجسيد المشاريع الاستراتيجية. ما المقصود بالقروض السندية دون فوائد، وهل هي مطبقة حاليا على مستوى بعض البنوك التي يقال عنها إنها إسلامية؟ في الواقع إن العديد من البنوك في الجزائر تتبنى حاليا قروض دون فوائد، دون تخليها في ذات الوقت عن النظام التقليدي، أي أنها تعتمد النظام المزدوج، لذلك لا يمكننا ان نطلق عليها تسمية بنوك إسلامية، ومع ذلك فإن الترخيص لها باعتماد صيغ مختلفة في التعامل المالي من قبل الدولة، يعد مؤشرا إيجابيا وفق اعتقادي على المساعي المبذولة في إطار إنعاش الاقتصاد الوطني، وتوفير مداخيل جديدة، بواسطة جلب رؤوس الأموال الضخمة التي يتردد أصحابها في وضعها في المصارف، وبخصوص المعنى الاقتصادي للمعاملات البنكية التشاركية، فالمقصود منها هو تبني مبدأ التشاركية أو المرابحة، أي أن أصحاب رؤوس الأموال يشاركون في تمويل المشاريع والهياكل التي لها مردود اقتصادي، ليتقاسموا فيما بعد الأرباح والخسائر مع البنوك لفترة محددة مسبقا، وهي من بين الآليات المطبقة حاليا في بلدان أوروبية عدة، بعد أن تم التيقن من نجاعتها. وبشأن تصريح وزير المالية بإصدار سندات دون فوائد خلال هذه السنة، استجابة لمطالب رفعها متعاملون، فأنا أرى أن الأمر يتعلق في الواقع بإصدار صكوك لا تتضمن فوائد بل أرباحا، على غرار ما هو معمول به في بريطانيا التي تمول ميزانيتها بواسطة هذا النوع من الصكوك، التي أفضل ان أسميها «بالصكوك الإسلامية»، التي تفرض كما سبق ذكره، على الشريك تقاسم الربح والخسارة مع البنك أو المصرف. وماذا عن تشييد المرافق ذات النفع العام التي لا تذر مداخيل مالية مباشرة؟ إن تطبيق المعاملات البنكية التشاركية لن يعود أبدا بالضرر على الدولة بل العكس، لأنه يهدف إلى استقطاب رؤوس الأموال، لتمويل المشاريع ذات الطابع العمومي الاقتصادي التي لها عائد مالي، أما بشأن تشييد المرافق العمومية، أي ذات الطابع الاجتماعي، فأنا اقترح استغلال مداخيل الأملاك الوقفية في تشييد المدراس والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الأخرى، بدل حصر هذه الأموال في تشييد المقابر والمساجد فقط، لتخفيف العبء على الخزينة، في ظل الظرف المالي الذي يطبع الاقتصاد الوطني، الناجم عن انحصار مداخيل صادرات المحروقات، إلى جانب العدد المعتبر لرجال الأعمال والمتعاملين الذين يفضلون البنوك التشاركية، والذين ينتظرون فقط قرارا من الحكومة، لتشجيعهم على تمويل قطاعات عدة من بينها الصناعة والفلاحة والتجارة والخدمات والأعمال، بدل دفعهم إلى إيداع أموالهم في بنوك أجنبية، خاصة وأن البنوك التشاركية تضمن أزيد من 21 آلية في التعامل المالي، وإدراجها حيز الخدمة سيغلق المجال أمام الأطراف التي تنتقد عدم اعتماد الصيرفة الإسلامية، كما ستحول دون المتاجرة بالدين من قبل جهات سياسية.