فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    مسجد أبو المهاجر دينار بميلة : معلم أثري شاهد على تعاقب عديد الحضارات محل ترميم    لجنة تحقيق دولية : الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في سائر الأراضي المحتلة    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    جمعية الكونفدراليات الإفريقية للرياضات الأولمبية، هيئة في خدمة النخبة الرياضية الإفريقية    كتاب جديد للمؤلف الإسباني لويس بورتيو باسكوال يبرز فيه حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    الجزائر العاصمة: حجز 41 مليار سنتيم ومبالغ بالعملات الأجنبية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة: تنظيم معارض و توزيع تجهيزات بولايات شرق البلاد    كرة حديدية :انطلاق دورة العاصمة الرمضانية سهرة يوم الخميس    السيد حساني شريف يبرز أهمية تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات والحملات الحاقدة ضد الجزائر    كأس الجزائر: شباب بلوزداد يفوز على اتحاد الشاوية (4-2) ويواجه مولودية بجاية في ربع النهائي    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    جسر للتضامن ودعم العائلات المعوزة في ر مضان    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    التين المجفف يقوي المناعة في شهر رمضان    فرنسا تحاول التستّر على جرائمها بالجزائر!    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    مساع لاسترجاع العقارات والأملاك العمومية    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    سيناتور بوليفي يدعم الصحراويين    أيراد تطرق باب البورصة    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    حراسة المرمى صداع في رأس بيتكوفيتش    وفد برلماني يشارك في المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    دعم علاقات التعاون مع كوت ديفوار في مجال الصحة    استعراض إجراءات رقمنة المكاتب العمومية للتوثيق    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تتحدى المد الصيني و تواكب الموضة
نشر في النصر يوم 03 - 05 - 2017

دكاكين الخياطة اليدوية بقسنطينة القديمة تنافس المستورد
يوجد في قلب مدينة قسنطينة و تحديدا بأزقة النسيج الحضري القديم، دكاكين هاربة من الماضي، و لا تزال إلى غاية اليوم تفرض نفسها على يوميات القسنطينيين، و تحظى بولاء الكثير منهم، رغم طوفان الاستيراد و ما تحمله تلك الحاويات الكبيرة التي تدخل الموانئ يوميا، من منتجات عوضت ما تخيطه الأنامل، هي دكاكين الخياطين، أصحابها رجال ينافسون بعدتهم البسيطة، ماركات عالمية و يسرقون منها أفضل الزبائن.
حانات الاستعمار و دكاكين الاستقلال
مساحة الدكان الواحد لاتتعدى 50 مترا في معظم الحالات، تعتبر جزءا من ديكور المدينة القديمة و تفصيلا أساسيا في شارع سويداني بوجمعة أو القصبة، أما ميزتها ففي كونها حكرا على الرجال، رغم كونها محلات خاصة بالخياطة و التفصيل، وقد علمنا من السيد عمار، خياط بحي القصبة، بأن هذه الحرفة كانت منذ القدم حرفة رجالية في قسنطينة و لم تمتهنها النساء إلا حديثا، فحتى في عهد العثمانيين، حسبه، كان الخياطون رجال و يطلق على كبيرهم « باش تارزي»، أما عن سبب تمركز معظم المحلات في القصبة، فقد أوضح بأن الدكاكين في معظمها كانت عبارة عن حانات للمعمرين، فالحي كان مشهورا بحاناته الكثيرة، وبعد الاستقلال حول أبناء المدينة هذه الحانات إلى دكاكين للخياطة، بعدما تتلمذ أغلبهم على يد الخياط الفرنسي الأشهر في تلك الفترة « جون بيار»، و لأن محله كان موجودا على مستوى شارع سويداني بوجمعة، فإن جميع الخياطين آنذاك اختاروا الشارع مكانا لنشاطهم، و قد كان في سنة 1970 يضم أزيد من 30 خياطا.
عرسان يفضلون التفصيل على البدلات المستوردة
اليوم لم يبق من هذه الدكاكين سوى عشرة محلات تقريبا، سألنا بعض ملاكها عن طبيعة نشاطهم وكيف استطاعوا الصمود منذ الاستقلال إلى اليوم، رغم انتشار المنتجات المستوردة خصوصا الصينية، فأوضحوا بأن الأمر يتعلق بالوفاء و الإتقان، فضلا عن الأسعار التنافسية.
عبد الهادي خياط في عقده السادس، أخبرنا بأن معظم زبائنه دائمون يعرفهم و يعرفونه منذ سنوات عديدة، تربطهم ببعض علاقة ثقة، لدرجة أنه لم يعد بحاجة إلى أخذ قياساتهم لأنه يحفظها عن ظهر قلب، فمن أراد سترة جديدة أو سروالا جديدا قصد محله مباشرة، فحتى الملابس الفرنسية و الإيطالية لم تسرق منه ولاءهم، وكذلك الأمر بالنسبة للملابس المستعلمة أو الشيفون رغم أسعارها.
يقول محدثنا « زبائني يبحثون عن الإتقان، وأنا سيده، هناك الكثير من الأشخاص يحبون خامات و أقمشة معينة يجدون راحتهم في ارتدائها، وهنا يأتي دور الخياط الذي يوفر لهم تصاميم، حسب ذوقهم ، و بأسعار قد لا تتعدى 800 إلى 1000 دج.
و هناك فئة أخرى لا تجد ملاذها إلا في دكاكيننا وهم من يعانون السمنة المفرطة، نحن الوحيدون الذين نوفر لهم ملابس تناسب مقاساتهم بالخامات و الأقمشة المطلوبة، خصوصا وأن مقاساتهم غير متوفرة في الأسواق، و إن وجدت، فأسعارها تكون مرتفعة عادة».
الخياط أضاف بأن من يقصدون محله ليسوا رجالا كهولا فقط ، فهناك سيدات يفضلن خياطة ملابسهن لدى « تايور» بدلا من خياطة، لأنهن يبحثن على الإتقان و يرغبن في أن تكون النتيجة النهائية أشبه بقطعة مستوردة ، أو كما نقول بالعامية « واقفة»، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بقطعة قماش غالية الثمن.
و أكد «هناك شباب يفصلون ملابسهم عند الخياطين، و تحديدا العرسان الذين يختار بعضهم أن يفصلوا أطقم زفافهم عندنا على شراء المستوردة الجاهزة، لسببين أولا لغلاء أسعارها، و ثانيا للحصول على بذلة « توكسيدو» على المقاس، ف» توكسيدو» ، أو البدلة الرسمية السوداء، مع ربطة عنق على شكل فراشة، عادت للبروز كموضة رائجة في الصائفة الماضية، وهي غير متوفرة بكثرة في أسواق الملابس الجاهزة، لأن البدلات العصرية « سبور شيك»، تعد الأكثر انتشارا، كما أن أسعارها جد غالية ،قد تصل إلى مليونين أو ثلاثة ملايين سنيتم، لكن تفصيلها يكلف أقل، إذ قد لا يتعدى 5000دج أو أكثر بقليل، حسب نوع القماش».
إبر و خيوط تتحدى الصناعة
بعيدا عن شارع سويداني بوجمعة وتحديدا بشارع السيدة في المدينة القديمة، يوجد عدد من المحلات المتجاورة يمارس أصحابها نوعا مختلفا من الخياطة، فهم لا يفصلون، بل يصلحون ما تنتجه المصانع الصينية، من حقائب سفر و أخرى يدوية، و حتى سترات جلدية رخيصة و سريعة التلف، كما يصلحون تلك الحقائب المستوردة عالية الجودة التي يصعب على أصحابها التفريط فيها ، ويصعب على غيرهم من الحرفيين تصليحها.
نبيل صاحب محل يزيد عمره عن 40 عاما، ورثه عن والده، كما ورث الحرفة، التي قال بأنه لا يمارسها فقط من أجل الاسترزاق، بل لأنه يحبها، فهو يستمتع، على حد تعبيره، بإعادة الأشياء الجميلة إلى حالتها بعد إصلاح أي تلف يلحق به، كما أنه يجد الكثير من المتعة في التعرف على التصاميم الجديدة للحقائب و حفظ كيفية تفصيلها و تركيبها.
محدثنا قال بأن زبائنه أغلبهم من البسطاء و الطلبة، الذين يصعب عليهم التخلي عن حقيبة معينة بسبب تلف بسيط، أما أكثر المنتجات التي يعمل على إصلاحها فهي الحقائب اليدوية الصينية ، كونها سريعة التلف و مصممة خصيصا للاستعمال المؤقت، لأن الصناعة الصينية، كما عبر، تعتمد على هذا المبدأ ، أي الترويج لسلع رخيصة سريعة التلف سرعان ما تعوض سلعا أخرى لتستمر عجلة الإنتاج.
و يعلق « إبري و خيوطي تقف بالمرصاد لهذا التفكير التجاري، أنا مستعد دائما لترقيع أي شيء و تصليح أي جزء، فهناك من يعجزون عن شراء المنتجات الجيدة لغلاء أسعارها، فيضطرون لاقتناء المنتج الصيني و الاحتفاظ به، حتى بعد تلفه وأنا هنا لمساعدتهم».
و يواصل محدثنا» أكثر ما أحب تصليحه هي السترات الجلدية الإيطالية التي يحضرها أحيانا بعض الزبائن، أحب ترقيعها أو تصليحها لأنها تذكرني بالزمن الجميل عندما كانت رائجة جدا، في عملي هذا أقابل يوميا أشخاصا بسطاء، قد تعني لهم سترة مماثلة الكثير، لأنها أغلى ما يملكونه، ففي زمننا هذا أصبح الجلد الأصلي عملة نادرة كما تعلمون و ارتداءه حكرا على الأغنياء دون غيرهم».
حرفة تبحث عن وريث
مشكلة من تحدثنا إليهم من الخياطين على اختلافهم، واحدة ، فهم متخوفون من اندثار حرفتهم، لأنهم لا يجدون من يرثها عنهم، حيث أن أبناءهم ، كما قالوا، يفضلون التجارة الحرة، أو الوظيفة الإدارية، و حتى التشغيل المؤقت، على العمل في هذه الحرفة، لأنها تتطلب الكثير من الصبر و الحب، كما أنها لا توفر دخلا كافيا، كما هو حال التجارة، حتى أن بعضهم، كما قال الخياط عمار، أجبروا آباءهم على تحويل نشاط ورشاتهم من الخياطة إلى بيع المأكولات الخفيفة، فجيل اليوم، حسبه، لا يقدر قيمة بذلة راقية متقنة التفصيل لأنه يفتقر للأناقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.