* الجزائر لن تتنازل عن سيادتها الاقتصادية رغم الأزمة * الجزائريون شهود على ما تحقق من إنجازات في البلاد و الأوضاع في المنطقة تستدعي الحذر الدائم أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بأن الشعب الجزائري مصر على مطالبة الاستعمار بالاعتراف بما اقترفه في حقه من شر و نكال، دون أن يكون وراء ذلك أي دعوة إلى البغضاء و الكراهية، مضيفا بأن اعتراف فرنسا بحقائق التاريخ لن يزيد الشراكة الاستثنائية القائمة بين البلدين إلا «صفاء و توثبا». دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الجزائريين لممارسة حقهم في حفظ الذاكرة، وقال في رسالة وجهها إلى الأمة بمناسبة ذكرى استرجاع الاستقلال والعيد الوطني للشباب، أن استذكار الماضي وما تكبّده الجزائريون من مآس تحت وطأة الاحتلال الفرنسي، هو وفاء لكل الذين قاوموا فاستشهد منهم الملايين و سجن منهم مئات الآلاف أو أخرجوا من ديارهم بينما جرد ملايين آخرين من أراضيهم وممتلكاتهم. وأضاف قائلا «إننا نمارس حقنا في حفظ الذاكرة وفاء لشعبنا الذي ضحى بمليون و نصف مليون من أبنائه وبناته لكي يسترجع سيادته الوطنية و استقلاله». وأكد الرئيس تمسك الجزائريين بمطلب اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية وما اقترفته في حقه من شر و نكال، نافيا أن تكون وراء تلك المطالبة أو التذكير بالماضي، أية دعوة إلى البغضاء و الكراهية، مضيفا بأن الاعتراف بتلك الحقائق من شأنه تعزيز علاقة الشراكة الاستثنائية بين البلدين، والتي قال عنها الرئيس أنه يجب أن تكون «نافعة لكلا الطرفين». واعتبر الرئيس بوتفليقة، أن حفظ الذاكرة الوطنية يعني الأجيال الصاعدة، لأنه سيتيح لها على الدوام شحذ حسها الوطني و هي تواجه التحديات والصعاب و يكون مبعثا لاعتزازها الدائم بوطنها. وهي الدوافع التي كانت وراء تكريس قدسية النشيد الوطني و العلم الوطني بنص دستوري. وكذا إلزام الدولة بنص الدستور بضمان احترام رموز الثورة و صون ذاكرة الشهداء وكرامة المجاهدين. و حمل الدستور الدولة مسؤولية السهر على ترقية التاريخ و تلقينه للأجيال الناشئة. ودعا الرئيس بوتفليقة، بهذه المناسبة الجزائريين، من أجل مواصلة جهود إعادة البناء الذي تعيشه البلاد منذ عقدين من الزمن. بعدما نجح الجزائريون في حفظ الوطن من الانهيار التام جراء المأساة الوطنية، وتم تجاوز تلك المحنة -كما قال الرئيس- بفضل المصالحة الوطنية التي بات العالم يتخذها اليوم مرجعا في مواجهة انتشار الإرهاب و المآسي الكثيرة المنجرة عنه. الجزائريون شهود على ما تحقق من انجازات في البلاد وتطرق الرئيس بوتفليقة، إلى المسيرة التنموية التي قطعتها البلاد منذ استرجاع استقلالها، وقال بأن الشعب شاهد على الجهود الجبارة التي تعيّن على دولتنا الناشئة بذلها لكي تؤمن التعليم لأطفالها وتعيد إنعاش اقتصاد محدود و تخفف من وطأة الفقر المدقع الذي كانت ترزح فيه ملايين الأسر الجزائرية. وكذا المسيرة التنموية الجميلة التي تم خوضها قبل أربعة عقود و تميزت على الخصوص بحركة تصنيع واعدة و تجدد فلاحي وتوسع التعليم في جميع المستويات و في كافة أرجاء البلاد. واعتبر الرئيس بوتفليقة، بأن الأزمات التي عاشتها البلاد والمأساة الوطنية، عطلت حركية التنمية وحرمتها من أن تصبح بلدا صاعدا، بفعل الانحسار التدريجي لسيادتنا الاقتصادية ثم بفعل المأساة الوطنية التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا و ما جلبته من تهديدات خطيرة على بقاء الوطن. معرجا على الانجازات التي تحققت طيلة 18 سنة الماضية في شتى المجالات. وقال بهذا الخصوص بأن الاقتصاد الوطني سجل تقدما ملموسا انعكس من خلال ارتفاع الناتج الداخلي الخام بقدر خمس مرات. وإنشاء الملايين من مناصب العمل المختلفة فتراجعت نسبة البطالة التي بلغت 30 بالمائة في بداية القرن هذا إلى ثلثها. كما استفادت الساكنة من أكثر من 3 ملايين و 500 ألف وحدة سكنية و هو ما لبى الطلب و زيادة مع العلم أنه يجري حاليا إنجاز ما يقارب مليون وحدة سكنية أخرى إلى جانب توسيع الشبكة الجامعية. وفي المجال الاجتماعي سجلت الفترة ذاتها ارتفاع الأجر الوطني الأدنى المضمون بثلاث مرات و ذلك بالتوازي مع تحسن مداخيل كافة الفئات المهنية بينما أتاحت سياسة العدالة الاجتماعية و التضامن الوطني الفعالة إنزال درجة الفقر في البلاد. الأوضاع في المنطقة تستدعي توخي الحذر على الدوام كما تحدث الرئيس بوتفليقة، عن الأوضاع التي تشهدها المنطقة، والتي قال أنها «ظروفا مشحونة بالتوتر»، خاصة مع التواجد المخيف لبؤر الإرهاب و شبكات المتاجرة بالمخدرات, و هو ما يستدعي منا على الدوام توخي اليقظة حفاظا على سلامة ترابنا و أمن شعبنا. وتقدم رئيس الدولة ب«تحية الإكبار الواجبة للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني على ما أبلاه و يبليه من بسالة واحترافية و روح التضحية التي بفضلها وفق بالتنسيق مع مختلف المصالح الأمنية في التغلب الكاسح على آخر بقايا الفلول الإرهابية المنتشرة عبر بلادنا المترامية الأطراف». كما حيّا رئيس الجمهورية «بكل تقدير ما نشهده من جهود ونجاعة من قبل قواتنا المسلحة و مصالحنا الأمنية الرابضة على طول حدودنا من أجل صون سلامة ترابنا من كل محاولة تسلل إجرامي من أي صنف كان و هي يقظة ترافق جهود دبلوماسيتنا في تعجيل استعادة السلم والوحدة و المصالحة في البلدين الجارين الشقيقين مالي و ليبيا». الجزائر لن تتنازل عن سيادتها الاقتصادية رغم الأزمة كما استعرض الرئيس بوتفليقة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد جراء التراجع الكبير في المداخيل الخارجية للدولة إلى ثلث ما كانت عليه منذ 2008، الأمر الذي أحدث ضغطا كبيرا على النفقات العمومية التي تظل المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني و تحديث المنشآت القاعدية للبلاد. وأحدث اختلالا في ميزان مدفوعاتها الخارجية. وأكد رئيس الجمهورية، بأن الدولة ستحتفظ بسيادتها غير منقوصة في قرارها الاقتصادي والاجتماعي بفضل ما جمعته من احتياطات الصرف التي بدأت تتناقص. وقال بأن الحكومة مجندة حول المهام اللازمة لتسريع التنمية الاقتصادية الوطنية و تنويع صادراتنا. وهو الالتزام الذي يخص كل الشعب الجزائري. طالما أن الرهان يتعلق بمصير البلاد والأجيال المقبلة. واعتبر الرئيس، بأن الأزمة التي تعيشها البلاد تستوقف الجزائريين لبذل المزيد من الجهود والاضطلاع بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية بكل سيادة. مضيفا بأن الجزائر لا تنقصها الموارد و لا المكسبات من حيث الفلاحة و السياحة و القدرات الصناعية و موارد الطاقة التقليدية منها و المتجددة على حد سواء. وهي تتمتع بشبيبة متعلمة و بسوق وطنية هامة. داعيا إلى تثمين هذه الموارد أكثر فأكثر و ذلك بإعادة الاعتبار لقيمة العمل, و تحسين مناخ النشاط الاقتصادي, و التعجيل بتنفيذ مختلف الإصلاحات الضرورية. تنصيب المجلس الأعلى للشباب قبل نهاية السنة وفي الشق السياسي، تطرق الرئيس للتشريعيات الماضية لانتخاب مجلس وطني شعبي جديد سيتولى مع الحكومة الجديدة مواصلة تجسيد التحويرات الهامة الواردة في الدستور المعدل فيما يتعلق بالتعددية الديمقراطية و تعزيز دولة الحق والقانون و مواصلة ترقية حقوق الإنسان و الحريات في كافة المجالات، كما أعلن عن تنصيب المجلس الأعلى للشباب، قبل نهاية العام الجاري، والذي سيمكن ممثلي الأجيال الصاعدة من صياغة تصورهم لمختلف الورشات المفتوحة في البلاد. وكذا الأمر بالنسبة للمجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي المجدد، والذي سيكون فضاء للحوار المتواصل بين الحكومة و شركائها الاقتصاديين و الاجتماعيين في ظرف يتعين على الحكومة أن تواجه فيه تحديات اقتصادية و مالية جسيمة.