كتب الشاعر العربي والسوري أدونيس رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد عن الأحداث التي تعرفها سوريا داعيا فيها على وضع أسس للديموقراطية والكف عن استخدام العنف ضد المحتجين، وتحولت الرسالة إلى تفكير في الديموقراطية التي يقول الشاعر أن العرب لم يعرفوها سابقا وستظل بعيدة عنهم ومما جاء في الرسالة التي نشرتها جريدة السفير اللبنانية وتداولتها عدة مواقع أمس. "لا يصدّق العقل ولا الواقع أنّ الديموقراطية سوف تتحقق في سوريا، مباشرة بعد سقوط نظامها القائم. لكن بالمقابل، لا يصدق العقل ولا الواقع أن يظلّ النظام العنفي الأمني في سوريا قائماً. وذلك هو المأزق: من جهة، لا تنشأ الديموقراطية في سوريا، إلا بعد نضال طويل، وإلا ضمن شروطٍ ومبادئ لا بدّ منها. لكن، لا بدّ من التأسيس لذلك، ومن البدء، الآن لا غداً. من جهة ثانية، بغير الديموقراطية، لن يكون هناك غير التراجع وصولاً إلى الهاوية". وبدا الشاعر مشككا في ما صار يعرف بالربيع العربي حيث يكتب في الرسالة: "صار من النافل القول إنّ الديموقراطية، سياسيّاً، لم يعرفها العرب في تاريخهم الحديث. لم يعرفوها أيضاً في تاريخهم القديم. وهي، ثقافيّاً، من خارج التراث الثقافي العربيّ. غير أنّ هذا لا يعني إطلاقاً استحالة العمل على التأسيس لها. وقد بُدئ هذا العمل مع بدايات الاستقلال. وكان شجاعاً وبنّاءً. وإنما يعني أنّ هذا العمل يقتضي شروطاً أساسيّة، ولن يكون مجدياً إذا لم تتحقق، بدئيّاً. وبين هذه الشروط ما حال، ماضياً، دون أن يأخذها العرب من الآخر ويمارسوها، كما أخذوا أشياء كثيرة، نظرية وعملية، ومارسوها ويمارسونها، وبرعوا فيها ويبرعون. أول هذه الشروط هو الخروج بالمجتمع، ثقافيّاً وسياسيّاً من «زمن السماء، الجمعي والإلهيّ»، إلى «زمن الأرض، الفرديّ والإنسانيّ». وفضلا عن العلمانية يضع ادونيس من شروط الديموقراطية إعادة الاعتبار للفرد وإشاعة قيم الاختلاف. ودعا حزب البعث إلى التخلي عن عقيدته العنصرية خصوصا في تعامله مع الاكراد. ويشرح ادونيس أزمة الحزب الحاكم في سوريا: "حزبٌ حكَمَ، باسم التقدم، باسم الخروج بالمجتمع من أحواله المتخلّفة إلى أحوال ناهضة، يجد نفسه اليوم، أنه متَّهَم ومسؤول تماماً كمثل الجماعات التي تعارضه، عن الانهيار الآخذ في التحقّق، انهيار سوريا وتشويه صورتها الحضارية بوحل «الطائفية» و»العشائرية» و»المذهبية» ووحل التدخل الخارجي ووحل التعذيب والقتل والتمثيل بجثث القتلى. وإنها لَمهزلة فاجعة أسهم حزب البعث نفسه في تكوينها، أن تُكسى الأحداث السورية اليوم على ألسنة الحكّام الغربيين بعباءة الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن تكون هذه العباءة واسعة تتسع للعرب جميعاً من المحيط إلى الخليج، باستثناء فئة عربية واحدة: الفلسطينيين. فهؤلاء لا حقوق لهم في نظر المدافعين الأميركيين والغربيين عن حقوق الإنسان العربي. والأكثر مأساوية هو أنّ العرب أنفسهم جميعاً من دون استثناء يشاركون، بشكلٍ أو آخر، قليلاً أو كثيراً، في تأليف هذه المهزلة الفاجعة، وفي أدائها وتمثيلها". و يرفض ادونيس الحوار الذي يطرحه النظام السوري داعيا إلى "طرح مفهوم الحكم، وآليات الوصول إلى الحكم وتداول السلطة، والآليات التي تسوّغ للمحكوم أن يقول رأيه في السلطة وأدائها، واعتبار السلطة في متناول كلّ مؤهَّل يختاره الشعب". واللافت أن رسالة أدونيس لم تتضمن أي نقد أو هجوم على الرئيس السوري بل كانت بمثابة ورقة عمل يقترحها لحل أزمة الحكم والديموقراطية في هذا البلد، وينتظر ان تثير "برودتها" ردود أفعال في سوريا والعالم العربي.