إنّ المبالغة و الإسراف في الحديث عن الأزمة المالية التي تعيشها بلادنا منذ أربع سنوات و التحذير من مآلاتها السلبية، ولّدت في النفوس مهما كانت قدرتها على تحمل مصاعب الحياة و نوبات الدهر، نوعا من الخوف الطبيعي و القلق المبرّر ممّا يخبئه المستقبل، خاصة بالنسبة للأجيال الصاعدة التي تحلم بحياة هنيئة و مستقبل واعد في جزائر آمنة و مستقرة. و يكفي جسّ الشارع العمومي و متابعة عموم ردود الأفعال و التعليقات على الشبكات الاجتماعية، و قراءتها قراءة صحيحة و واعية ، لتتأكد السلطات العمومية و من خلالها المسؤولون المحليون و المركزيون على جميع المستويات أن عملا اتصاليا واسعا و توعويا كبيرا ينتظرهم على نطاق واسع. و هذا باتجاه فئات واسعة من الشعب الجزائري الذي من حقه الدستوري أن يعرف الحقائق الاقتصادية و طبيعة الأزمة المالية و درجة حدّتها و انعكاساتها على حياته اليومية و على مستقبله و ما هو مطلوب من المواطن أن يلعبه كفاعل للمساهمة في الحلول المقترحة و الأكثر من ذلك تحديد أعباء الأزمة التي يمكن أن يتحمّلها باسم المواطنة. المواطن المتواجد في الجزائر العميقة ، و الذي قد يكون أحيانا ضحية مغالطات مغرضة تجاه إجراء حكومي و أحيانا أخرى ضحية سوء فهم قرار وزاري أو عدم توصيل معلومة رسمية، سيكون سعيدا جداّ عندما يتم الاتصال به لإبلاغه بحقيقة السياسة الحكومية و خلفيات الإجراءات و القرارات المتخذة و انعكاساتها على الحياة العامة. و هذا أبسط ما يمكن أن يقوم به المسؤول التنفيذي الذي يعتزم إقناع أكبر عدد ممكن من المواطنين على اختلاف مستوياتهم و توجهاتهم بالسياسة التي ينتهجها و البرنامج الذي ينفذه، و يأمل أيضا أن ينخرط في مسعاه فريق من المعارضين الذين جرّهم إلى طروحاته لوضوح سياسته و جدية الحلول التي يقترحها لتجاوز الأزمة. و يبدو أن المعنيين الأوائل بهذا التوجه في حكومة أحمد أويحيى، سيكثفون من نشاطهم الوزاري لمواصلة إعلام المواطن بحقيقة الأزمة المالية كما هي، لا أقل و لا أكثر و أسبابها كما حدث و يحدث في البلدان التي بنت اقتصادياتها على عائدات البترول و ليس على سواعد أبنائها العاملين. صحيح أن الحكومة شرّحت الأزمة و فصّلت حلولها و استفاضت في زرع الأمل أمام ممثلي الشعب في غرفتي البرلمان، غير أنّ مواصلة التواصل اليومي مع المواطن و الترويج للسياسة الحكومية هو من صميم النشاط الأساسي للمسؤولين المباشرين عن تنفيذها و هو لا يقل أهمية عن السياسات و الحلول المراد الترويج لها و الدفاع عنها. و هو ما يسعى إليه فريق واسع من الطاقم الحكومي هذه الأيام و خاصة المعنيين مباشرة بالسهر على صناعة مفاتيح حلول الأزمة و تجسيدها في الميدان خطوة خطوة. و لذلك الدفاع عن سياسة معيّنة و الترويج لها يستغرق وقتا أطول و يتطلّب جهدا أكبر من واضعيها و راسميها، إذ كثيرا ما يقضي المسؤول السياسي المنحدر من الأغلبية البرلمانية أو الذي يلتحق ببرنامج سياسي اقتنع به، وقته في طمأنة النفوس الخائفة و زرع الأمل وسط الأجيال الصاعدة و إقناع الناس بجدوى الحلول التي ينفّذها رغم الصعوبات التي لم تعد تخفى على أحد.