لا أحد بمقدوره الآن إنكار أو تجاهل حقيقة محاولة دول و منها الدولة العبرية، زرع الطائفية و المذهبية و العرقية على الأراضي الجزائرية، و تشجيع النحل الضالة و الملل الغريبة و الترويج لها و العمل على إغراق العامة من النّاس في متاهات لا نهاية لها و جدالات عقيمة. و هي بوابة ملائمة لتمرير هذا المخطط الجهنمي و إدخال الجزائر من جديد في نفق مظلم مشابه لفترة التسعينات أين أصبح فيه الجزائري يقتل أخاه و يحرق مدرسته و يخرّب مصنعه و يفجّر مطاره و يقتل معلمه و طفله و ..، و كل هذه الجرائم كانت ترتكب باسم مفاهيم خاطئة و فتاوى مغلوطة للدين الإسلامي الحنيف الذي يحرّم قطع شجرة فما بالنا بقتل إنسان خلقه الله ليحيى. و ما دام أن دولا عديدة لا يحتاج المرء إلى عناء كبير للتعرف عليها، لم يرقها انتصار الجزائر على آفة الإرهاب و التطرف و دخولها مرحلة من الأمن و الاستقرار أصبحت تحسد عليها، فهي تحاول جاهدة وضع العصي في العجلات على أمل عرقلة العودة القوية للجزائر على الصعيد الإقليمي و الإفريقي و الدولي. و ليس خافيا على المتابعين للشأن الدولي أن الحضور الدائم للجزائر على الساحة الدولية من خلال رجاحة المواقف التي تطرحها حول أهم القضايا الإقليمية و الدولية، أصبح يقلق الأعداء و مع الأسف بعض الأشقاء الذين كانوا يجزمون أن هذا البلد سيغرق في مستنقعات الفتنة و الطائفية و المذهبية التي أتت رياحها من الشرق و الغرب. و الأمور تبدو جديّة للغاية حسب تأكيدات وزير الشؤون الدينية أين كشف من قالمة، أن دولا من بينها إسرائيل و ما لا يقل عن مائتي محنة و طائفة تستهدف الجزائر في دينها و تسعى لتقسيمها إلى طوائف دينية و عرقية، مثلما هو حاصل اليوم في دول عربية مثل ليبيا و سوريا و العراق و اليمن و مصر. و عمليا مثل هذه التيارات الهدّامة قد بدأت تقترب من حدودنا الجنوبية و الشرقية و الغربية لتضع أقدامها الوسخة على أرضنا الطاهرة و تشرع في تجنيد بعض الشباب اليائس من أصحاب النفوس الضعيفة التي لم تنل حظها من الحصانة الوطنية و الدينية رغم المجهودات الجبّارة التي تقوم بها مؤسسات الدولة و هي الواعية بمخاطر التلاعب بأمن و وحدة الشعوب و الأوطان. و إذا كان وزير الشؤون الدينية يقول أنه مستهدف من قبل مواقع و مؤسسات صهيونية، فإن الجزائر من خلاله هي المستهدفة و التي لا تزال عقبة في طريق الدولة العبرية التي تعمل بالتوازي مع دول أخرى على إعادة تشكيل خارطة جديدة لعالم عربي متكون من دول مفتتة و متناحرة تحكمها عصبية العرق و المذهب. يبقى أن الرأي العام الوطني لمّا يعلم بأن الدولة العبرية توظف الطوائف و المذاهب و الأعراق في أي بلد فذلك لا يثير حفيظته لاعتبارات تاريخية معروفة، غير أنّه سيصاب بالصدمة لمّا يعلم أن دولا أخرى في المنطقة العربية و غير العربية تعمل على تنفيذ نفس الأجندة المفضوحة. و ربما يتناسى هؤلاء و أولئك أن الشعب الجزائري الذي هزم الإرهاب شرّ هزيمة، قد تمكّن من تحصين نفسه و مؤسساته ضد كل أشكال الفتنة الدينية و العرقية التي عملت قوى خارجية على الاستثمار فيها عبثا خلال السنوات الأخيرة.