" السيت كوم " لا يعكس واقع مجتمعنا و ابتعدت لتأمين مستقبلي يرى الممثل سليم أودينة في حواره للنصر أن الفن في الجزائر في الفترة الحالية يمر بمخاض عسير بسبب الاهتمام بالكم على حساب النوعية ، بالإضافة لعدم وجود استمرارية في الإنتاج مما قد يجبر الفنان على الانقطاع عن الساحة لفترة، كما اعتبر أن الكوميديا في بلادنا لا تؤمّن قوت يوم الممثل بما في ذلك المسرح، وهو السبب الذي جعله ينقطع مدة 10 سنوات قبل أن يعود مؤخرا. أين اختفى سليم أودينة الذي عرفناه من خلال الكوميديا؟ حاليا أنا متعاقد مع مسرح قسنطينة الجهوي، ومشارك في مسرحيتين في إطار مسرح الطفل و هما «فهيم والحاسوب» من إخراج صلاح الدين ميلاط و«جحا ديجيتال» للمخرج ياسين تونسي، وفي نفس الوقت هناك ثلاثة أعمال تلفزيونية نحن بصدد التحضير لها قبل بداية التصوير من بينها «كاميرا خفية» من إخراجي في ثاني تجربة لي في هذا المجال، كما أقوم مع مؤسسة خاصة بتصميم وإخراج الومضات الاشهارية الخاصة بالشركات وغيرها. المحسوبية والعلاقات مع المنتجين تتدخل في اختيار الممثلين ابتعدت لأكثر من عشر سنوات عن التمثيل المسرحي ما هو السبب؟ في الحقيقة هناك ظروف خاصة وظروف أخرى متعلقة بواقع المسرح، فمنذ 1989 وإلى غاية مطلع الألفية وأنا أقدم للمسرح، ووجدت أنني لم أضمن مستقبلي، فكان من الأفضل أن ابتعد لفترة لكسب قوت يومي والحمد الله وفقت وتمكنت من تكوين أسرة وتحسين وضعي المالي و الاجتماعي، وعدت بعدها إلى المسرح، وفي نفس الوقت كنت أقوم بعدة أعمال تلفزيونية. قبل عودتك للشاشة الصغيرة في رمضان الفارط، غبت لفترة هل كان ذلك بمحض إرادتك أو أجبرت عليه؟ في التلفزيون تختلف الأمور عن المسرح، فلا يوجد ضمان للاستمرارية في المشاركة، كما أن هناك عدة عوامل تتحكم في انتقاء الممثلين، من بينها المحسوبية والعلاقات مع المنتجين وغيرها، كما أننا عملنا لسنوات مع فريق واحد وحققنا عدة نجاحات بأعمال تلفزيونية مازال الجمهور يتذكرها ليومنا هذا، وبعدها تفكك فريق العمل، فكان لابد من تغيير الوجهة، وقمت بإخراج كاميرا خفية مع الفنانة بختة، وشاركت في رمضان الفارط في سلسلة«حكاياتكم» مع حكيم دكار وكوكبة من الممثلين المتميزين.
الكوميديا لا تضمن للفنان قوت يومه دخولك بوابة المسرح في البداية كان كتقني كيف انتقلت إلى التمثيل؟ نعم بدايتي كانت كتقني في الصوت والإضاءة وهذا سنة 1989، وقبل هذا كنت شغوفا بالمسرح والتمثيل وسمحت لي هذه التجربة بالالتحاق بمسرح الطفل في فرقة«مسرح الليل» أين تعرفت على رئيسها المخرج ياسين تونسي وعرض علي التمثيل في الفرقة رفقة محمد دلوم و داودي سرحان وكان وقتها عمري 19 سنة ، وشاركت في مسرحية «قدور والمصباح السحري» ومن هنا كانت الانطلاقة. كيف تم انتقالك من مسرح الطفل إلى مسرح الكبار؟ بعد دخولي في الفرقة والمشاركة في عدة مسرحيات خاصة بالطفل كنت اعتبر تلك الفترة فترة تكوين واكتساب خبرة وفي نفس الوقت كنا نجري تربصات مغلقة ودورات تكوينية، وبعد مسرحية «البراءة و الوحش» وفي سنة 1995 شاركت في أول مسرحية خاصة بالكبار« ليلة مع مجنون» سنة 1995 من إخراج كريم بودشيش، موضوعها يدور حول حرية الصحافة وأديت دور مدير السجن الذي كان متعاطفا مع الصحفي السجين، وبعدها شاركت في عدة « سكاتشات» قصيرة وشاركنا فيها في عدة مهرجان للضحك. كانت لك أيضا تجربة قصيرة في الإخراج المسرحي، حدثنا عنها؟ في منتصف التسعينات أخرجت مسرحية«سندس» والتي تحكي عن واقع الفنانة، وهي مقتبسة من رواية أحلام مستغانمي«ذاكرة الجسد». دخلت المسرح كتقني صوت وإضاءة في سنة 1995 فتح لك عمار محسن الباب لولوج الشاشة الصغيرة، كيف تم ذلك؟ منذ أن كنت صغيرا كنت أحلم بالمشاركة إلى جانب عمالقة التمثيل في قسنطينة وتحقق الحلم، وفي تلك السنة علمت مع المخرج عمار محسن في مسلسل «باب الراي» مع علاوة زرماني و بشير بن محمد، وشاركت في دور صغير، وكان لي مرور أيضا في سلسلة«حلفة 40» مع زرماني و بوعاكر. هل ترى أن «علة وعائلة» و«عمار بين الخدمة والدار» هي التي فتحت لك الأبواب ؟ قبل هذا كنت اكتفي بالأدوار الصغيرة لكن في«علة وعائلة» في سنة 2000 تم منحي في البداية دور صغير وتم تصويره وإرساله إلى التلفزيون لتقييمه وكان من بين الملاحظات هو منح الممثل سليم أودينة دورا أكبر، وهو ما تم فعلا وشاركت في العمل إلى جانب المرحوم كمال كربوز وفطيمة حليلو والشريف بوعاكر وغيرهم وشاركت باسمي «سليم»، ولعبت دور مركب لطفل متخلف وذكي في نفس الوقت(يضحك)، كما شاركت بعدها في مسلسل فكاهي «مسألة في رسالة» مع علاوة زرماني و فتيحة سلطان ومحمد الشريف بوعاكر. وبعد نجاح السلسلة أصبحت مطلوبا بكثرة، وبسبب ارتباط زرماني بأعمال أخرى تم تعويضه بالمرحوم كمال كربوز لتأتي سلسلة«عمار بين الخدمة والدار» ، وفي كلتا السلسلتين لعبت دور الولد العبقري، وشاركت في مسلسل « واش رأيكم» ، كما شاركت أيضا في عدة أعمال كوميدية مثل «على الخط» سنة 2010، و«حكايتكم» في رمضان الفارط. ما هو السر الذي جعل تلك الأعمال تنجح وتبقى راسخة في ذهن المشاهد؟ لأنه ببساطة كانت تحكي يوميات العائلة الجزائرية البسيطة وما تلقاه يوميا من مشاكل متعددة، وكانت كل عائلة جزائرية ترى نفسها في تلك الأعمال، وقد كنا نعالج تلك المشاكل بطريقة فكاهية هزلية دون أن نخدش حياء المشاهد ،عكس ما أصبحنا نشاهده اليوم. ألم تفكر في الخروج من عباءة الكوميديا و الاتجاه إلى الدراما؟ ربما أغلب الجمهور الذي شاهد سليم أودينة عبر الشاشة يتذكر فقط أدواري الكوميدية، لكن شاركت مرتين في أدوار درامية، مثل مسلسل«واش رأيكم 2009» الذي كان عبارة عن عدة حلقات وكل حلقة تحكي قصة معينة، وفي واحدة منها شاركت في دور رجل متخلف عقليا يسعى أقاربه لاستغلال إعاقته لأخذ ميراثه، واتقاني للدور جعل كل من في البلاطو يبكي، بالإضافة لدوري في مسلسل«ابن باديس» لما قتلني الجندي الفرنسي. حدثنا عن الكاميرا الخفية التي أخرجتها وقمت بالاستعانة بالممثلة بختة؟ أردت تغيير فكرة الكاميرا الخفية التقليدية دون إهانة أو إخافة الضيف، بمعنى نضع الضيوف في موقف معين ونرى ردة فعلهم، وفي نفس الوقت يكون هناك مزج بين الفكاهة والغناء، وقد استعنا بفرقة العيساوة للمطرب احمد بن خلاف، وكانت بختة مشاركة معنا في الإيقاع بالضيوف، وقبل بداية التصوير كان لي حديث معها وذكرتني بدوري في مسلسل واش رأيكم لما أتقنت دور المتخلف عقليا وكيف تأثرت به. لجنة تقييم الأعمال طلبت من المخرج منحي دورا أكبر كتبت سيناريو مسلسل«نحس ونص» ألم تفكر في تكرار التجربة؟ كانت هذه تجربة مميزة بالنسبة لي وكتبت سيناريو المسلسل ولعبت دور البطولة، وهو يحكي قصة شاب خانه الحظ في العديد من المجالات ومن حوله يعتبرون أنه نحس عليهم ويتفادون التعامل معه، وشارك معي المرحوم رشيد زيغمي و حباطي وريم حميدة و موني بوعلام وغيرهم، وبالطبع أود تكرار التجربة مرة أخرى، لكن في الوقت الحالي لا توجد فكرة معينة في ذهني. ما رأيك في المواضيع التي تعالجها الأعمال الجزائرية مؤخرا؟ في الحقيقة تغيرت القيم والمفاهيم، ومع ظهور القنوات الخاصة التي أصبحت تعرض كل ما هو غث وسمين، أصبحنا نرى أعمال تعالج مواضيع كان من المفروض عدم التطرق إليها لطبيعة مجتمعنا من جهة، و لكي لا تعمم ولا تصبح في ذهن أبنائنا والأجيال القادمة شيء عادي. ماذا قدمت لك الأعمال الموجهة لمسرح الطفل؟ ما قدمته لي لا يقدر بكنوز الدنيا، فتصور منذ 1989 وأنا أقدم مسرحيات للطفل بمعنى هناك أطفال في تلك الفترة تجاوزوا اليوم سن الثلاثين، ومنهم من لا يزال يتذكرني إلى اليوم، ومنهم من أصبح صحفي أو مهندس أو طبيب، كلما قصدت إحدى الإدارات الجزائرية أجد من يتذكرني من الموظفين بعد سنوات طويلة، هذا بالنسبة لي لا يقدر بثمن. ما هي المميزات التي يجب أن تتوفر في الممثل المتخصص في مسرح الأطفال؟ أنا أؤمن بأن هناك ممثل جيد وأخر سيئ، لأن الممثل الجيد سيتعامل مع جميع الأنواع المسرحية بنفس الشكل بما فيها مسرح الطفل والعكس صحيح. كنا نصوّر واقع العائلة الجزائرية البسيطة .. لهذا نجحنا الفنان علاوة زرماني صرح أن ما يقدمه المسرح حاليا مجرد «اسكاتشات»، هل توافقه الطرح؟ نعم أوافقه لأن المسرح بصفة خاصة و الفن بصفة عامة يعيش مرحلة مخاض عسير في السنوات الأخيرة وأصبح الاهتمام بالكمية على حساب النوعية، لكن هذا لا يعني أن الأعمال المقدمة رديئة. ماذا تقول عن المسلسلات الكوميدية و«السيت كوم» الذي يقدم في الفترة الحالية؟ «يضحك» بالنسبة لي هذه الأعمال يمكن تشبيهها بالوجبات السريعة و «الساندويتشات»، لأن هناك من يشاهد أعمال أجنبية بعيدة كل البعد عن واقع مجتمعنا الجزائري ويريد تطبيقها هنا، فمثلا أغلب«السيت كوم» الذي يقدم يصور العائلة على أنها تقطن في شقة فخمة على الطريقة الأمريكية، لكن هل هذا يمثلنا؟؟، لماذا الجمهور الجزائري بقي متعلقا بأعمالنا القديمة؟ هذا لأنها كانت تصور حالة العائلة الجزائرية بحلوها ومرها، وكما قلت لك سابقا كان كل فرد يرى نفسه في عائلتنا. هل يوجد وجه كوميدي جديد لفت انتباهك؟ مؤخرا أصبحت شهرة الفنان و الكوميدي مرتبطة بموعد عرض عمله على الشاشة في أوقات الذروة، لأن هناك فنانين موهوبين يتم عرض أعمالهم في أوقات غير مناسبة، أما أكثر ممثل كوميدي شاب نال إعجابي هو نبيل عسلي، فمنذ آن شاهدته لأول مرة عرفت أن له مستقبل كبير. يقال أن الممثل المسرحي لما يشارك في أدوار تلفزيونية، يجد صعوبة في التخلص من الأداء المسرحي كالإيماءات ، ما هو تعليقك؟ هذا راجع بالدرجة الأولى إلى المخرج، لأنه هو المسؤول عن الأداء، وإذا كان الممثل استعمل طريقة معينة مرتبطة بالأداء المسرحي فمن المفروض على المخرج أن ينبهه ويوجهه بالطريقة الصحيحة. ما هي مشاريعك المستقبلية؟ سننطلق قريبا في تصوير مسلسل لمحطة قسنطينة مع المخرج حسين ناصف، وهناك عمل آخر مازلنا في طور دراسته وسنكشف عنه قريبا، كما أنني بصدد التحضير لثاني كاميرا خفية من إخراجي.