كليوباترا تستظل بأشجار سكويا و تنهل من شجرة الحياة يتوسط تمثال كليوباترا الشامخ حديقة مليانة، بولاية عين الدفلى ، وسط أشجار عملاقة لا مثيل لها بالجزائر، تحفها مختلف أنواع النباتات التزيينية ذات الألوان الزاهية و العطور التي لا تكاد تفارق الزائر، عقب مغادرته أسوار المدينة الموشحة بالاخضرار . تتربع حديقة مليانة على مساحة تتجاوز هكتار و نصف ، وتحتوي على مختلف أنواع النباتات التزيينية و الأشجار التي تعود إلى حقب زمنية قديمة، كشجرة سكويا العملاقة ذات الخشب الأحمر التي يتعدى طولها 80 مترا، بجذع قطره 30 مترا . تعانق جانكو بيلوبا اليابانية و السرو الكاليفورني وتشير الأبحاث و الدراسات المتوفرة لدى جمعية جوهرة زكار لحماية النباتات في المدية، إلى أن مثل هذا النوع من الأشجار السروية الفصلية، توجد بكالفورنيا بطول 88 مترا ، و تتميز بأخاديد عميقة تميل إلى اللون البني القاتم ، و يمتاز خشبها الخام بالمتانة ، فضلا عن ذلك يوجد نوع من الأشجار النادرة من بينها شجرة «جانكو بيلوبا» أو شجرة المعبد، ذات الأصول اليابانية التي يطلق عليها شجرة الحياة، و تتأقلم مع عدة أوساط، حيث غرسها الصينيون القدماء و أولوا لها اهتماما كبيرا منذ أكثر من ألف سنة، فلهذه الشجرة فوائد عظيمة جدا، حيث تستغل أوراقها و مستخلصاتها لأغراض صحية وعلاجية ، وهي شجرة دائمة الخضرة أوراقها لها شكل قلوب، و ثمارها تشبه الجوز ، ويبلغ ارتفاع شجرة الجينكو زهاء 30 متراً وقطر ساقها نحو 6 أمتار. الفرنسي ماتيران مورو رسم ثلاثة تماثيل لكليوباترا يتوسط الحديقة تمثال كليوباترا و هي تحمل شعلة عبارة عن قنديل وسط نافورة ماء ، و يعد التمثال ثالث نسخة في العالم ، و قد نحته الفنان الفرنسي ماتيران مورو في القرن 19 ، و توجد منه نسختان، حسب مثقفي المدينة، النسخة الأولى بباريس و الثانية بريو دي جانيرو في البرازيل ، وهي تحفة فنية نادرة لا تزال تحافظ على جمالها و رونقها وسط فضاء أخضر يسر الناظرين، رغم الظروف المناخية التي تميز المنطقة، من بينها هطول الأمطار بغزارة سنويا، مصحوبة ببرودة شديدة، لكنها لم تؤثر على المواد التي صنع منها التمثال . أهم ما يميز حديقة مليانة التي يعود تاريخ استحداثها إلى سنة 1870 بهندسة وتصميم فرنسي بلمسة إنجليزية، من حيث توزيع الأشجار و النباتات التزيينية و المساحات و فضاءات استقبال الزوار ، في ظروف تمكنهم من قضاء أوقات طويلة في الاستمتاع بجمال الحديقة. فضاء ساحر و آمن يستقطب الوفود الأجنبية يؤكد عمي "عبد القادر- م"، 70 سنة، متقاعد، بأنه يجد في حديقة مليانة الفضاء الأمثل لقضاء أوقات فراغه، خصوصا و أن الحديقة، كما قال، تقع وسط المدينة مقابل سوق مغطاة و البريد المركزي ، كما أنها آمنة و يمكن للعائلات زيارتها في الوقت الذي تريد لأنها محاذية لمصالح الأمن ، و الحديقة تعد رمز و تراث، كما قال محمد ع 66 سنة، بالنظر إلى توفر مختلف أصناف النباتات و الأشجار النادرة بها، من بينها شجرة سرو البحر المتوسط ، الزيزفون، وشجرة الجابونيكا ذات الأصول اليابانية ، وغيرها من الأنواع التي لا يمكن إحصاءها. و أضاف المتحدث بأن عامة الناس، لا يستطيعون تحديد أنواع الأشجار و النباتات، إلا بالاستعانة بأهل الاختصاص و المعرفة ، مشيرا إلى أن جمعية زكار لحماية النباتات، شاركت في أشغال تصنيف الأنواع النباتية لهذه الحديقة التي من المفروض تصنيفها و منحها العناية الكافية لتجديد بعض الأنواع النباتية المهددة بالاندثار. وتبقى الحديقة العتيقة في انتظار تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين حديقة الحامة و مليانة، من بين أجمل الحدائق على المستوى الوطني، كما أكد زائر آخر ، خاصة و أن موقعها جد متميز ، و لا تزال، حسبه، المكان المفضل لزوار ولاية عين الدفلى، كما أن الجمعيات الثقافية تختارها لتنظيم الأنشطة الثقافية و الفنية و تستقطب الوفود الأجنبية التي تزور المدينة الأثرية .