رفض المدرب ولد علي تصنيف ما حققه المنتخب البلجيكي في خانة المفاجأة، مؤكدا أن هذا البلد الأوروبي بصدد جني ثمار برنامج تكويني طويل المدى، وأضاف التقني الجزائري الذي يشرف على تدريب منتخب فلسطين، في حواره للنصر أن الفاف مطالبة باستيعاب دروس نجاح عدد من الأمم، والكف عن سياسة الترقيع، مختتما حديثه بالتأكيد على أن الكرة الجزائرية بحاجة لجلسات وطنية لتطوير الرياضة الأكثر شعبية، لكن تخصص للتقنيين عوض الماضية التي حضرها البعض ممن وجدوا في الشعبوية فرصة للشهرة. حاوره: مروان. ب ما رأيك في المستوى العام للنسخة ال21 من المونديال؟ كتقني يتابع نهائيات المونديال، يكون لديك فضول كبير في مقارنة الطرق والأساليب المنتهجة من طرف المدربين خلال المباريات، كما تسعى جاهدا للوقوف على تفكير المدربين وتحليل توجهات الفكرية في اللعبة، أما عن مستوى الدورة، فبطبيعة الحال كان متوسطا في دور المجموعات، بالنظر إلى الحسابات الكثيرة، غير أنه تحسن بشكل كبير خلال المباريات الفاصلة، أين تابعنا مباريات رائعة ومليئة بالندية والإثارة. تدريب ماجر للخضر خطأ وتعيين خليفته مهمة المديرية الفنية ! الحدث الأبرز كان الخروج المبكر للمنتخبات الكبيرة، هل كنت تتوقع هذا؟ كل الاحتمالات واردة في مثل هذه الدورات، ولكن ما حدث للمنتخبات العملاقة، خلال مونديال روسيا فاجأنا، على اعتبار أن لا أحد كان ينتظر توديع ألمانيا البطولة من الدور الأول، غير أنني أمتلك تفسيرات لذلك، حيث تراجع المستوى الفردي لعناصر المانشافت، التي تقدمت في السن، ما انعكس بالسلب على مردودهم الجماعي، وهو نفس السيناريو الحاصل لكل من إسبانيا والبرتغال، اللذان خيبا الآمال وأقصيا مبكرا. بما تفسر تألق منتخبات الصف الثاني، على غرار بلجيكاوكرواتياوالسويد، في وقت أخفقت منتخبات عملاقة في صورة البرازيل والأرجنتين؟ المنتخبات التي لم يكن يحسب لها بالأمس القريب، سطرت برنامجا تكوينيا في السنوات الماضية، ما جعلها تحصد الثمار خلال المونديال الحالي، فمثلا هناك دول صغيرة عدد سكانها قليل مقارنة مع الدول الكبرى، غير أنها تمتلك عددا هائلا من اللاعبين ينشطون في كبرى الدوريات الأوروبية، ولا تنسوا أن السويد لديها ثقافة كروية من قديم الزمان، وتعد أحسن المنتخبات الإسكندنافية، في وقت تعد كرواتيا الوريثة الشرعية للكرة اليوغسلافية، في وقت باتت فيه بلجيكا حاضرة في كبرى الدورات الكروية، ما جعلها تكتسب الخبرة. المنتخبات اللاتينية ضحية نقص احترافية لاعبيها بالحديث عن بلجيكا، كيف تعلق على إنجازها الحالي بتخطي البرازيل والوصول إلى الدور نصف النهائي ؟ بحكم أنني متواجد باستمرار في بلجيكا للحصول على شهادات تدريبية جديدة، اكتشفت في المدة الأخيرة أبجديات التكوين والتطوير في هذا البلد، وصدقوني لقد انبهرت بالمستوى العالمي الذي بلغوه، وبالمناسبة زميلي المحاضر عادل عمروش عنصر فعال في هذه الآلية. وبخصوص النجاح، الذي بصم عليه الشياطين الحمر في روسيا، فذلك كان متوقعا من وجهة نظري، في ظل العمل الجبار المنجز على مدار السنوات الماضية، ما مكّن بلجيكا من إقصاء البرازيل والوصول إلى إنجاز باهر يتمثل في تنشيط الدور نصف النهائي، وعن اللاعبين الموهوبين، لاحظنا أن بلجيكا تضم اليوم نجوم بازرة، يتقدمهم هازاراد ودي بروين ولوكاكو، وهاته الأسماء لديها إمكانات باهرة، كما تمتلك ذهنية قوية، وتشكل مجموعة قوية متجانسة تختلف كثيرا عن نجوم البرازيل والأرجنتين، التي ليس بإمكانها صنع الفارق في غياب المجموعة. بلجيكا تحصد ثمار سياسة تكوينية أراها نموذجا جيدا يحتذى به عدم تأهل أي منتخب لاتيني للمربع الذهبي يؤكد بأن الكرة الحديثة لم تعد تعترف بالموهبة فقط والدليل ما حدث للبرازيل، أليس كذلك؟ صراحة الكرة اللاتينية مختلفة عن نظيرتها الأوروبية، خاصة على مستوى طريقة التفكير، فاللاعب القادم من أمريكا الجنوبية تنقصه الاحترافية، على عكس الأوروبي، الذي يوظف موهبته لصالح المجموعة، وهو ما لاحظناه في لقاء بلجيكاوالبرازيل، أين خدم هازارد منتخب بلاده، في وقت أثر نيمار بأدائه السلبي على «السيليساو». ما هي الأشياء التي لفتت انتباهك في المونديال؟ ما شد انتباهي خلال نهائيات كأس العالم الحالية، ابتعاد الفرق عن التقليد ولجوئها إلى استراتيجيات مؤقتة، وأكثر شيء أن المنتخبات صارت تغامر في أكثر الأحيان، مع تطبيقها لمبادئ اللعب الدفاعي، فضلا على الاعتماد على الفرديات التي تصب في صالح المجموعة، علاوة على امتلاكها لحراس بارعين، دون أن ننسى ال»كوتشينغ» الناجح، ونجاح الفرق الأوروبية راجع إلى سياسة الاتحاد الأوروبي في تطوير الكرة. الكرة الجزائرية بحاجة لجلسات وطنية لا يحضرها «الشعبويون» ما رأيك في السياسة المنتهجة من البلجيكيين الذين كونوا جيلا رائعا توقعوا له بالتألق في المونديال قبل عدة سنوات؟ بحكم أنني أدرس في بلجيكا منذ فترة، فالسياسة المنتهجة في هذا البلد، تقوم على الواقعية والبساطة في التكوين، ما انعكس بالإيجاب على منتخب «الشياطين الحمر»، الذي أظهر تجانسا كبيرا في السنوات الماضية، باعتبار أن الفريق يضم جيلا من اللاعبين المخضرمين، وآخرين في طريق النضج، وهذا ما افتقدته منتخبات كإسبانيا والبرتغال. كلامك يجرنا ربما للحديث عن التكوين ووقف سياسة التبضع من المدارس الفرنسية (قانون الباهماس)؟ لا ليس هذا، التخلي عن اللاعبين المغتربين والمكونين في أوروبا أكبر خطأ، في ظل الخدمات التي قدموها لنا، بدليل أنهم من أهلنا مرتين متتاليتين إلى المونديال، كما أنه لا يحق لأي كان أن يقف ضد أبناء الجزائر القادمين من وراء البحار، صحيح أن التكوين مهم، ولكن لا يمكن الاعتماد عليه في الجزائر في الوقت الحالي، على اعتبار أنه غير موجود أصلا، وبالتالي علينا أن نضع التجربة البلجيكية درسا لنا، كونهم توقعوا نجاح جيل هازاراد منذ أن كانوا في الفئات الشبانية، ويكفي أن نعود إلى المقال الصادر عن إحدى الصحف قبل سنوات، والذي ضم مقالات عن كل من دي بروين وهازارد والبقية. على القائمين على شؤون الكرة الجزائرية أن يجدوا حلولا فنية فورية، وغير ذلك قد يعد تفرقة بين أبناء البلد الواحد. اللجوء للتكوين لا يعني الاستغناء عن «خيرات» قانون البهاماس كيف تتوقع مباراتي المربع الذهبي ؟ بالنسبة للنصف النهائي الأول، بين فرنساوبلجيكا سيكون قمة نارية من الصعب التكهن بهوية المتأهل فيها، ففرنسا تعتبر مفاجأة بوصولها إلى هذا المستوى، رغم لاعبيها الشبان، الذين يفتقدون للخبرة العالمية، ولكنهم استطاعوا تجاوز منافسيهم، وقد لاحظت بأن مدرب «الديكة» ديشان لعب بطريقة إيمي جاكي، باعتماده على الدفاع المتين، أما البلجيكيين فتوقعت مردودهم الجيد، نظرا للتركيبة البشرية للمنتخب المتكامل في كل الخطوط، كما أن مباراة اليابان، كانت صفعة بالنسبة للشياطين الحمر، وأعطت تفكير جديد لمدربهم، وأجبرته على تغيير طريقة لعبه، أنا على يقين بأننا سنشهد فريق فرنسي يدافع ويلعب على أخطاء الفريق البلجيكي، الذي سيضغط لتفادي سرعة مبابي، وأرشح رفاق هازارد للتأهل بضربات الترجيح. أما عن كرواتيا التي تعد مفاجأة النصف النهائي، التي تأهلت مرتين بضربات الترجيح، ما يجعلنا نتساءل إن كان هذا حظ التتويج أم ماذا ؟، وبخصوص إنجلترا فتمتلك منتخبا قويا وبلد يحتضن أقوى دوري في العالم بلاعبين شباب أراهم في النهائي. لماذا فشل العرب والأفارقة في روسيا وكيف تقيم مستوياتهم؟ غياب التكوين الفعلي عند الأفارقة والعرب سبب الخيبة في روسيا، فهم تعودوا على بيع الأحلام الوردية لجماهيرهم، التي تصاب بالخيبة بعد كل مشاركة في مثل هذه الدورات الكبرى، وهنا فقد لاحظت بأنه توجد أكاديميات كثيرة، شغلها الأول البحث عن الربح دون الاهتمام بوضع برامج على المدى البعيد، فالتكوين هو مشروع بلد وإتحاد ونوادي، وتكوين لاعب كرة قدم ليس بالأمر الهين، بل يتطلب تدابير وآليات مؤسسة على أسس علمية. كرواتيا ورثت الثقافة الكروية اليوغسلافية هل يمكن القول بأننا ضيعنا فرصة الذهاب بعيدا في هذا المونديال، في ظل امتلاك الخضر لأسماء لامعة سطعت في سماء البرازيل ؟ لا أشاطركم الرأي فيه، على اعتبار أننا نتواجد في مرحلة حرجة، ولم نتمكن حتى من التأهل، دون أن ننسى الصعوبات التي أصبحنا نواجهها في كافة المباريات، وبالتالي لا يحق لنا التحسر على أشياء لم نصل لها أصلا. ما رأيك في قرار إقالة ماجر؟ لن أعلق على قرار تنحية ماجر، لأن تعيينه أصلا لم يكن منطقيا، باعتبار أنه لا يمتلك المواصفات المطلوبة، ولذلك من الضروري إتباع معايير محكمة في تعيين الناخب الوطني الجديد وكذا طاقمه، كما هو شائع في كل البلدان الناجحة في عالم الكرة، أين تتولى المديرية الفنية كل الجوانب الفنية والتقنية. من تفضل خليفة له رونار، حليلوزيتش، كيروش، روهر أو كوبر ؟ لست شعبويا، ولن أتبع ما يقال في مواقع التواصل الاجتماعي، أنا تقني أفكر بطريقة مغايرة، وبالتالي أتمنى أن لا يكون الاختيار القادم خاطئا، وأن لا يكون عن طريق «لوبيات»، كون رجال الأعمال باتوا يتدخلون في أمور الرياضية، ما انعكس بالسلب على الخضر. نجوم أوروبا ينصهرون في منظومة لعب منتخباتهم عكس اللاتينيين هل التقني المحلي قادر على تدريب الخضر في الفترة القادمة ؟ أجل بإمكانه تدريب المنتخب الوطني ويملك الحق في ذلك. هل أنت مع أو ضد تقنية الفيديو التي أثارت جدلا كبيرا في روسيا؟ خيار الفيديو فرض نفسه، كما فرضت التغييرات في قوانين الكرة نفسها، ولكن هذه التقنية يجب أن تخدم كل الفرق، صراحة أنا ضدها، لأنها قتلت المتعة التي كانت موجودة. بحكم تجربتك مع فلسطين والاحتكاك بالمنتخبات الأسياوية، ماذا فعلت اليابان حتى وصلت لهذا المستوى العالي، مقارنة بالجزائر؟ أظن بأن إنجاز اليابان عاد، بالنظر إلى العمل المنجز من هذا البلد منذ فترة من خلال إنشاء مراكز تكوين وجلب خبراء وأجانب، مع انتهاج احتراف حقيقي بالتعاقد مع لاعبين عالميين، والنتيجة المشاركة بانتظام في تظاهرات المونديال، والوصول إلى الدور ثمن النهائي في روسيا وإحراج منتخب بلجيكا الذي تلاعب بمنتخب بحجم البرازيل، صدقوني الكرة الآسيوية في تطور مذهل. ديشان استنسخ أسلوب أيمي جاكي وأرشح بلجيكا للنهائي بماذا تريد أن تختم الحوار؟ في الجزائر المناهج المقترحة والمعمول بها، أكل عليها الدهر وشرب، ولذا يجب جمع شمل كل التقنيين دون استثناء، وأقول تقنيين وليس لاعبين قدامى، لأن هناك بعض الأفواه لازالت تؤثر على مسار الكرة بآراء شعبوية بعيدة عن الفكر الكروي الحديث.