«لا يمكن للمجلس الدستوري التدخل إلا بتطبيق حرفي للدستور» أكد رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي ، أمس، بالجزائر العاصمة أن تكريس مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين يجسد إرادة المشرع الجزائري في حماية حقوق الإنسان و تطهير المنظومة القانونية من الأحكام التشريعية التي تمس بالحقوق و الحريات. و أوضح مدلسي خلال افتتاحه لأشغال الملتقى الدولي التكويني حول مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين، أن الغاية من وراء إدراج هذه الآلية القانونية هو «دعم حماية حقوق الإنسان و تعزيز أسس دولة القانون في الجزائر، و هي الحماية التي لا تقتصر على إدراج هذه الحقوق ضمن النصوص فقط ، لأن ضمان فعالية هذه القوانين يقتضي أن تمتد الرقابة الدستورية إلى الجانب التطبيقي و العملي». و أرجع مدلسي أهمية هذا النص إلى كون عدم دستورية قانون ما «لا تظهر دائما عند إعداده بل تتبين غالبا لدى تطبيقه على أرض الواقع»، و هذا بإقرار فقهاء الدستور، مضيفا بأن الدفع بعدم دستورية القوانين يعتبر من أهم المستجدات التي تضمنها التعديل الدستوري لسنة 2016 الذي أقر في مادته 188 هذه الآلية القانونية الجديدة التي تخول لكل طرف في النزاع، شخصا طبيعيا كان أو معنويا، حق الاعتراض أمام جهة قضائية على دستورية الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع بدعوى أنه ينتهك الحقوق و الحريات التي يكفلها الدستور. و في هذا المنحى، صدر القانون العضوي رقم 22-16 المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية الذي تضمن على الخصوص إجراءات تطبيق هذه الآلية أمام قاضي الموضوع و أمام الجهات القضائية العليا و المجلس الدستوري. و تحسبا لدخول هذا القانون حيز التطبيق شهر مارس المقبل، سيتم تكييف النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مع هذه الآلية الدستورية الجديدة التي يرى مدلسي بأنها «جاءت في أوانها من أجل إعادة التوازن في تمثيل السلطات الثلاث في تشكيلة المجلس الدستوري››. و إلى جانب كل ما سبق ذكره، أقر المؤسس الدستوري إصلاحا آخر له علاقة بإخطار المجلس الدستوري، الذي كان و إلى غاية 2016 محصورا في السلطتين التنفيذية والتشريعية ليمتد في ظل التعديل الدستوري الأخير إلى المتقاضين بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة. و حول الغاية من وراء تبني هذه الطريقة غير المباشرة في الإخطار، أوضح مدلسي أن الهدف من ذلك هو «تفادي إغراق المجلس الدستوري بطعون يكون القصد منها المماطلة أو الخداع». من جهة أخرى، رد مدلسي على سؤال يتعلق بالانسداد الذي كان قد شهده المجلس الشعبي الوطني مؤخرا نتيجة سحب أزيد من 350 نائبا الثقة من رئيسه السابق السعيد بوحجة و إقرار حالة الشغور، حيث قال بأنه «لا يمكن للمجلس الدستوري التدخل في أي شأن ما، إلا بتطبيق حرفي للدستور».