تباينت ردود الأفعال السياسية والحزبية بشان القرارات التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في رسالته إلى الأمة، ومنها تأجيل الانتخابات الرئاسية، والتزامه بعدم الترشح، ومباشرة إصلاحات سياسية واقتصادية، تكون ثمرة ندوة وطنية جامعة، ففي الوقت الذي باركت فيه أحزاب الموالاة تلك القرارات واعتبرت بأنها جاءت استجابة لمطالب الشعب، رفضتها المعارضة التي رأت فيها مساسا بالدستور والتفافا على مطالب المتظاهرين. * أحزاب الموالاة : الرئيس استجاب للشعب باركت عديد الأحزاب السياسية، وعلى رأسها الأحزاب المشكلة للتحالف، القرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، في رسالته الموجهة إلى الأمة، لا سيما ما يتعلق بتأجيل الانتخابات وإطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية، لبناء الجزائر الجديدة، واعتبرت تلك الأحزاب، ما جاء في رسالة الرئيس استجابة للمطالب التي رفعها المتظاهرون، داعين الجزائريين إلى المساهمة في بسط السكينة عبر التراب الوطني ثمنت جبهة التحرير الوطني، قرار رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أفريل المقبل، وقال الحزب في بيان له، أن القرار يعد "استجابة لتطلعات الشعب الجزائري التواق إلى المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وأفاد بيان لحزب الأفلان، أن "الذهاب إلى حكومة كفاءات وطنية وإشراف شخصية وطنية مستقلة على الندوة الوطنية الجامعة، تمثل فرصة حقيقية لكل الطبقة السياسية ومكونات المجتمع المدني من شخصيات علمية وثقافية للانخراط والمساهمة في تحقيق هدف بناء الجزائر الجديدة". وأبدى حزب الأفلان، استعداده التام للعمل على "تجسيد هذه القرارات إلى جانب كل القوى الوطنية، بما يتوافق وطموحات الشعب وآمال شبابه في التغيير والمساهمة في بناء مستقبله". من جانبه، أعلن التجمع الوطني الديمقراطي، أمس، عن مساندته للإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية، في رسالته الموجهة للأمة والرامية إلى تحضير البلاد لمواجهة تحديات المستقبل والاستجابة لتطلعات شباب الجزائر. وأوضح الحزب في بيان له أن هذه الرسالة حملت «العديد من التأكيدات والمزيد من التوضيحات على أن الحرص الوحيد للمجاهد عبد العزيز بوتفليقة هو تحضير البلاد لمواجهة تحديات المستقبل والاستجابة لتطلعات شباب الجزائر». وأضاف البيان أنه «بعد قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية وتحديد رزنامة مسبقة لعقد الندوة الوطنية للتوافق وكذا التأكيد على تأسيس هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات المقبلة، فإن التجمع الوطني الديمقراطي يعلن عن مساندته لهذه الإجراءات ويناشد جميع أطياف الطبقة السياسية للمشاركة في هذا النهج السياسي المعلن عنه والذي يلتقي في الكثير من نقاطه مع مطالب ما فتئت المعارضة تناشد بها». كما يدعو الحزب جميع المواطنين والمواطنات ولاسيما الشباب منهم إلى «المساهمة في بسط السكينة والاستقرار في جميع ربوع الوطن والتحلي بالحيطة والحذر تجاه كل ما يمس باستقرار بلادنا». بدورها حيت الحركة الشعبية الجزائرية قرارات رئيس الجمهورية لاسيما المتعلقة بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أفريل 2019. وقال حزب عمارة بن يونس في بيان له، بأن هذا القرار يعد «استجابة لمطالب المسيرات الشعبية التي كان مطلبها الرئيسي عدول الرئيس عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة و تغيير النظام السياسي».وعبرت الحركة عن أملها أن تساهم هذه القرارات بصفة فعالة في تهدئة الأوضاع وتعزيز المسار الديمقراطي في الجزائر. وأكدت «الامبيا» تجنّدها بمعية كافة الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والكفاءات الوطنية للمشاركة الفعالة في إنجاح الندوة الوطنية الشاملة و المستقلة والمساهمة في إعداد دستور جديد وإثراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة للولوج إلى جمهورية جديدة. وأكدت الحركة الشعبية في بيانها، بان المسار سَيُتوج بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تحت الإشراف الحصري للجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات. وعبرت عن أملها أن تقود هذه المرحلة من اجل نظام جديد كفاءات وطنية مُعترف بها. واعتبرت «الامبيا» بأن الطموحات الشعبية المعبر عنها في المسيرات الأخيرة قد لاقت صدى إيجابي عن طريق القرارات الواردة في رسالة رئيس الجمهورية. داعية كافة الشعب الجزائري إلى المساهمة بكل عزيمة لإنجاح هذا المسار.من جانبه رحب حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» بالقرارات الحكيمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة استجابة للمطالب المرفوعة خلال المسيرات الشعبية، ودعا تجمع أمل الجزائر «تاج» في بيان أصدره، أمس، إلى التعجيل بالإصلاحات العميقة والجريئة مع توفير ضمانات الانتقال السلس للحكم، وتغيير النظام وبناء الجمهورية الجديدة. وقال حزب عمر غول في بيانه «في هذه المرحلة التاريخية الحساسة يدعو تجمع أمل الجزائر «تاج» كل مكونات الشعب الجزائري إلى التعاون وتقريب وجهات النظر والتنازل عن الأنانيات والطموحات الشخصية الضيقة، لتحقيق طموحات وتطلعات الشعب الجزائري في بناء جزائر آمنة، مستقرة، متطورة، قوية ورائدة بين الأمم». بدوره رحب رئيس المنتدى العالمي للوسطية ابوجرة سلطاني، بالإجراءات المتخذة من الرئيس الذي ذهب إلى الحلول السياسية متجاوزا الحلول الدستورية، كما اقترح المتحدث ذاته انتخاب ممثلين في المجلس الانتقالي وانتخاب المجلس لرئيسه بدل التعيين، وإعطائه صلاحيات واسعة وجعل الحكومة تحت خدمته لا العكس. وقال سلطاني لدى حلوله ضيفا على القناة الإذاعية الأولى إن الحراك الذي بدأ في الشارع كان مطلبه واضحا لا لعهدة خامسة، مستعيدا كرونولوجيا الرسائل التي بعث الرئيس بدءا من رسالة نية الترشح، في 10 فبراير ثم رسالته الثانية التي أودع موكله بها ملف ترشحه وصولا إلى رسالته الأخيرة بعد تأكده أن اغلب الشعب لا يرغب في الاستمرار، والتي رافقها سلسلة من الإجراءات كاستقالة الوزير الأول أحمد أويحيى وتنصيب وزير أول جديد واستحداث نائب له.وفي رده عن سؤال ما إذا كانت قرارات الرئيس المتخذة هي التفاف واستمرار في السلطة دون انتخابات، اعتبر سلطاني أن الحل السياسي أفضل من الحل الدستوري لأن جوهر الأزمة هو جوهر سياسي وليس قانوني أو اقتصادي أو اجتماعي. معتبرا هذه الإجراءات مخرجا لتجنيب الصراع والمآلات غير المحمودة. ع سمير * المعارضة: القرارات المعلنة التفاف على المطالب أبدت وجوه بارزة في المعارضة رفضها للقرارات التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة، الاثنين، في الرسالة التي وجهها إلى الأمة، خاصة ما يتعلق بتأجيل الانتخابات ، وانتقد قادة الأحزاب المعارضة وكذا مترشحون للرئاسيات «غياب الحجج الدستورية» التي يمكن أن تستند عليها السلطة لتبرير قرارها بتمديد العهدة الرابعة. قالت حركة حمس، في بيان أصدرته أمس، عقب اجتماع مكتبها التنفيذي، أن الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية لا ترقى إلى طموحات الشعب الجزائري الذي خرج بالملايين في مختلف الولايات يطالب بتغيير فعلي، واعتبرت بأن هذه الإجراءات هي التفاف على إرادة الجزائريين يقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية والتخلص نهائيا من النظرة الأحادية الفوقية. وأكدت «حمس» أن إجراءات التأجيل التي أُعلِن عنها لا تتوافق مع مبادرة حركة مجتمع السلم التي عرضتها على الرئاسة والمعارضة بكل شفافية ووضوح، ورأت الحركة، بأن السلطة قامت بإفراغ المبادرة من محتواها واستعمال لصدقيتها ومصداقيتها، وهو ما لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وعددت الحركة بعض الفروق الجوهرية بين قرارات رئاسة الجمهورية لتأجيل الانتخابات ومبادرة حركة مجتمع السلم التي سلمت للرئاسة مكتوبة واطلعت عليه جل الأحزاب والشخصيات المعارضة. ومن بين أوجه الخلاف بين المبادرتين، كما قالت «حمس» افتقاد مبادرة السلطة كلية لمبدأ التوافق الذي دعت إليه الحركة منذ الصائفة الماضية والذي لم تسمع له السلطة مطلقا بأي شكل من أشكال من خلال الحوار المسؤول والمباشر، والاكتفاء بالتوافقات بين أجنحتها فحسب دون أي اعتبار لمطالب الجماهير الداعية لتغيير قواعد اللعبة كلية ولا لنضالات الطبقة السياسية الوطنية الصادقة. واعتبر على بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات، أن الجزائر عاشت «تعديا بالقوة على الدستور بالإعلان عن تمديد العهدة الرابعة». وأوضح بن فليس في أول رد فعل له حول قرارات رئيس الجمهورية، سجله على شريط فيديو، أن تمديد العهدة الرابعة تم « دون ترخيص أو إذن أو موافقة من الشعب»،. كما انتقد رئيس حزب طلائع الحريات، قرار تعيين نور الدين بدوي، وزيرا أول خلفا لأحمد أويحيى الذي قدم استقالته. وقال بل فليس، "منذ الاستقلال وضعوا عدة قوانين انتخابات وزير الداخلية الذي أصبح الوزير الأول هو صانع أسوأ قانون انتخابات منذ الاستقلال». رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله الذي كان من الداعين لتأجيل الرئاسيات، وصف قرار رئيس الجمهورية القاضي بتأجيل الانتخابات، بأنه التفاف على مطالب الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة. وأكد جاب الله، بان السلطة بعدما فشلت في تثبيت ترشيح الرئيس التفت على مطالب الشعب الجزائري. و أضاف المتحدث بأن السلطة بعد أن فشلت في فكرة التمديد في وقت سابق بعد رفض المعارضة لها، ها هي الآن تعود لها عن طريق قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية. كما أبدى مترشحون للرئاسيات، رفضهم للقرارات التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة، حيث انتقد المرشح عبد القادر بن قرينة، القرارات وقال في تغريدة نشرها على حسابه في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «رفض البعض حلولا دستورية في إطار شرعية منقوصة نتيجة الأنانية المفرطة والنظرة الضيقة، كيف يقبلون الآن بالشرعية الواقعية (المتغلب)؟؟». كما عبر رئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي، أمس ، عن رفضه لما أسماه «التدخل الفرنسي في الشأن الداخلي للجزائر»، حيث وصف هذا التدخل بالسطو والتفاف حول مطالب الشعب، وقال رئيس حزب جيل جديد بان «فرنسا ساندت إلغاء العمل بالدستور»، مضيفا بان ما جرى يعتبر «سطوا والتفافا حول مطالب الشعب». أما المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، فقد اعتبر القرارات انتصارا جزئيا للشعب، وأنها تجاهل للمطلب الأساسي وهو مرحلة انتقالية بحكومة توافقية. وقال في فيديو تم بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي "أريد أن أقول أن مطالب الجزائريين ليست في تأجيل الانتخابات فقط، بل كان يتحدث عن مرحلة انتقالية، ولا نريد أن يتم الالتفاف حول رغبة الشعب الجزائري في الذهاب إلى انتخابات حقيقة وديمقراطية حقيقة". وقال بوشاشي إن تعيين حكومة انتقالية بوجوه يتم الاتفاق عليها عن طريق مشاورات واسعة أمر ضروري . من جهته، قال كريم طابو منسق الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي قيد التأسيس، في تسجيل فيديو أن النظام يراوغ ويريد الالتفاف حول الحراك الشعبي. وأضاف طابو «أناشدكم مواصلة النضال فقد أسستهم لجزائر جديدة ولا تتركوا النظام يفشل مسعاكم.»