صنع خبر منح النساء السعوديات الحق في التصويت و الترشح للانتخابات المحلية الحدث في الصحافة العربية والعالمية، وقالت وسائط إعلامية سعودية أن القادم سيكون أحلى وأن السعوديات مبشرات بقيادة السيارة في خطوة جريئة أخرى قد تقدم عليها سلطات المملكة. و تزامن الخبر السعيد مع ترشح سيدة منقبة لرئاسة الجمهورية الفرنسية. وحتى وإن كان الفرق بين الترشح لرئاسة الجمهورية و الترشح لعضوية بلدية كبير إلا أن ثمة عنصرا مشتركا في الخبرين السعيدين هو النقاب المفروض في السعودية والمرفوض في فرنسا وبين النقابين حكايتين مختلفتين عن نساء يبحثن عن الحرية داخل النقاب و آخريات يبحثن عن الحرية خارجه. في السعودية لا يجوز للمرأة أن تخرج من النقاب وبالطبع فإنها لا تختلط بالرجال حتى في المدارس ولا يجوز لها السفر ولا حتى إجراء عملية جراحية دون موافقة الولي الذكر، وتعارض قوى محافظة كل انفتاح في اتجاه تحرير المرأة إلى درجة أن النقاش بدأ أمس حول ضرورة أن تكون قاعات النساء في المجالس المنتخبة منفصلة عن قاعات الرجال. وحتى وإن كانت السلطات السعودية أكدت أن القرار لا علاقة له بضغوط خارجية أو بما يحدث في العالم العربي إلا أن التناول الإعلامي المفرط لقرار الملك يحيل إلى استغلال سياسي وترويج لانفتاح ويخفي المسائل الجوهرية الحقيقية ويتجاوز النقاش عن وضع المرأة بالذات في بلد المرجعية الدينية للمسلمين وفي بلاد إسلامية أخرى لا زالت إلى غاية هذا الوقت المتأخر من عمر الكون تتعامل مع المرأة كمصدر عار وخجل، مستعيدة "الوأد" الذي كان سائدا قبل الإسلام في أشكال رمزية جديدة تفضي في مجموعها إلى إبعاد المرأة من الحياة العامة وإخفائها، وفي ذلك نوع من القتل الرمزي يحل فيه الحجب محل الوأد. ترد مختصة في علم النفس على المبتهجين بالقرار السعودي بتساؤل مفاده: أيهما أجدى للمرأة، أن تقود سيارتها بنفسها أم أن تنتسب لمجلس استشاري؟ تبدو الصورة التي يقدمها المسلمون عن نسائهم مخيفة، من النساء الموعودات بقيادة السيارات إلى نساء اليمن السعيد اللائي يرشقن قطار صالح بالحجارة وانتهاء بالسيدة كنزة المرشحة لرئاسة فرنسا. ومع ذلك فإن صحافة الخليج ترى الربيع في كل مكان وتنسى أنها بدون ربيع لأنها تخفي "سنونواتها"!