نظم أساتذة التعليم الابتدائي أمس إضرابا مفاجئا شل عديد المؤسسات التعليمية، للمطالبة بتحسين ظروف العمل وتخفيف الأعباء التي يتحملها أساتذة هذا الطور، وتصنيفهم في نفس الرتبة مع أساتذة الطورين المتوسط الثانوي. وشارك في الإضراب الذي لا يؤطره أي تنظيم نقابي، عديد أساتذة الابتدائي، بعدما تم الترويج لخبر الحركة الاحتجاجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورفض الأساتذة المحتجون الالتحاق بالأقسام واستقبال التلاميذ، واضطر من جهتهم مدراء المؤسسات المعنية بالإضراب إلى إعلام التلاميذ بتوقف الدراسة، مما طرح إشكالا حقيقيا بالنسبة للأولياء الذين يرافقون يوميا أبناءهم إلى المدرسة. ونظم أساتذة التعليم الابتدائي الذين اضربوا للمرة الثانية، بعد توقيف العمل الاثنين الماضي، وقفة احتجاجية أمام ملحقة وزارة التربية الوطنية بالعناصر بالعاصمة، رافعين مطالب تتعلق بمراجعة التصنيف الخاص بهم، بما يجعلهم في مرتبة واحدة مع أساتذة الطورين المتوسط والثانوي، بحجة أنهم يحملون بدورهم شهادات جامعية، كما طالبوا بمراجعة المهام الملقاة على عاتقهم، من بينها إلزامهم بحراسة التلاميذ وقت الاستراحة ومرافقتهم داخل المطاعم المدرسية، علما أن الإطعام ممنوع على الأساتذة. وطالب المضربون أيضا بفتح مناصب مالية خاصة بأساتذة التربية البدنية والموسيقى والرسم، مع منح أستاذ التعليم الابتدائي الحق في المشاركة في مسابقة الالتحاق بمنصب مدير مدرسة ابتدائية على غرار الأساتذة المكونين، علما أن أستاذ التعليم الابتدائي يدرس على الأقل 26 ساعة في الأسبوع، ما يعتبر في تقديرهم إجحافا إذا ما تمت مقارنتهم بأساتذة التعليم المتوسط والثانوي، بسبب إشرافهم على تلقين مواد التربية البدنية والرسم والتربية الفنية أو الموسيقى. وتسبب الاضراب الذين لا يحمل تأطيرا نقابيا، ولم يعلن عنه مسبقا في حالة من الارتباك لدى الأولياء والتلاميذ، وفي وقت لم يتمكن مدراء المؤسسات الابتدائية من التحكم في الوضع والتكفل بالتلاميذ المتضررين من الإضراب، بسبب عدم وجود مشرفين تربويين في الطور الابتدائي عكس المتوسط والثانوي، لحراسة التلاميذ في حال غياب الأساتذة. واستنكر أولياء التلاميذ الوضع رافضين بشدة حالة الإرباك التي عاشها ابناؤهم أمس، وقال في هذا الصدد رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ خالد أحمد إن المطالب مشروعة، غير أن طريقة شن الاحتجاج ليست ملائمة تماما، واصفا في تصريح «للنصر» الإضراب بالعشوائي وغير القانوني، لأن الأساتذة المحتجين لا يخضعون لأي تأطير نقابي، وشن إضرابات بهذا الشكل لن يحقق أي نتائج ملموسة حسبه، بسبب عدم وجود ممثلين عن الاساتذة للتحاور مع الوصاية. وأوضح خالد أحمد بأن أي حركة احتجاجية ينبغي أن تكون مهيكلة وفي إطار منظم، حتى يسهل على المعنيين بها رفع مطالبهم إلى الوزارة، قائلا إنه يرفض بشدة الممارسات التي تمس بمصلحة التلميذ، خاصة صغار السن، أي الأولى ابتدائي، رغم تأييده للمطالب المرفوعة التي اعتبرها معقولة ومشروعة، مقترحا على الأساتذة التكتل في تنظيم نقابي لإسماع صوتهم إلى الوصاية، عوض شن إضرابات عشوائية. كما اقترح من جهته رئيس النقابة المستقلة لأساتذة التربية والتكوين «ساتاف» بوعلام عمورة على الأساتذة المضربين الالتحاق بتنظيم نقابي يرونه يوافق مطالبهم، مذكرا بأن الساحة النقابية في قطاع التربية تضم 14 تنظيما، يمكن أن يكون أحدها مجالا مناسبا للنضال وتحسين الوضع المهني والاجتماعي لأساتذة التعليم الابتدائي، معبرا عن استعداد تنظيمه لتبني المطالب المرفوعة والدفاع عنها أمام وزارة التربية الوطنية.وكانت نقابات التربية قد تبنت مطالب أساتذة الطور الابتدائي، حسب بوعلام عمورة، غير أن الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والدعوة إلى الاحتجاج عن طريق هذه الشبكات لا يمكن ان يحقق أي نتائج ملموسة، متسائلا عن سبب اختيار هذا الظرف بالذات لشن الاحتجاج من قبل أساتذة الطور الابتدائي، في حين أن مشاركتهم في إضرابات سابقة كانت جد ضئيلة، مع انها تبنت لائحتهم المطلبية.وذكر بوعلام عمورة في هذا السياق بالموقف الذي اتخذته مختلف التنظيمات النقابية، بتأجيل كافة الاحتجاجات ذات المطالب الاجتماعية فور انطلاق الحراك الشعبي، والتفرغ للنضال من أجل تحسين الوضع السياسي للبلاد، في انتظار انتخاب رئيس شرعي يتولى معالجة كافة مشاكل الجبهة الاجتماعية.