تعرف عملية تركيب التدفئة المركزية انتشارا واسعا بين العائلات الجزائرية في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة تنامي الوعي بمخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون و خوف المواطنين من تزايد حالات الاختناق الناجمة عن المدفئات العادية و أجهزة التسخين البسيطة، و هو ما انعكس إيجابا على نشاط بيع و تركيب التدفئة المركزية رغم تكاليفها الكبيرة التي تتراوح بين 25 إلى 40 مليون سنتيم. منذ حوالي ثلاث سنوات تحديدا، أصبح الكثير من الجزائريين أقل اقتناعا بنوعية أجهزة التدفئة خصوصا في ظل الحديث عن حجز منتجات غير مطابقة في الأسواق و ضعف جودة ما هو موجود في المحلات مقابل ارتفاع الأسعار في كل مرة، فبين الأمس و اليوم، لم تعد تلك المدفئة الصغيرة تستهوي العائلات للحصول على أجواء دافئة في بيوتهم، نتيجة الأرقام المخيفة لحالات الاختناق التي تسجل كل فصل شتاء و تحصد أرواح الكثيرين بفعل التسربات أو الغاز المحترق، الأمر الذي دفع بمواطنين للبحث عن بدائل تضمن لهم تدفئة جيدة دون مخاوف، و فيما يتعمد بعض أرباب الأسر إطفاء الغاز أو إطفاء المدافئ كليا كل ليلة تفاديا للاختناقات، وجد آخرون الحل في التدفئة بطريقة مغايرة، حيث يتوجه عدد كبير من الناس خلال السنوات الأخيرة للتدفئة المركزية بمختلف أنواعها سواء كانت عن طريق تسخين المياه أو الهواء الساخن أو بواسطة البخار، بالرغم من أن التقنية الأولى تبقى الأكثر انتشارا، حيث تحولت إلى ضرورة في الكثير من المساكن بحسب ما أكده حرفيون في المجال. و حسب السيد عيدوني عادل، وهو متخصص في عمليات الترصيص و تركيب هذا النوع من الأجهزة بقسنطينة، فإن الإقبال زاد بشكل واسع مؤخرا، و ذلك بسبب الخوف من خطر الاختناقات بالغاز الطبيعي، خاصة و أن التدفئة المركزية تعد نظاما آمنا على الأشخاص و الممتلكات و تتميز بعدم إفرازها للغازات المحترقة على عكس مدفئات الغاز التي أصبحت تشكل خطرا على مستعمليها يتعدى حجمه فوائدها بكثير، و عن الفئات التي تحرص على تركيب هذا النظام في مساكنها، قال عيدوني، أن جزءا كبيرا من المساكن التي تبنى حديثا تزود بها بدلا عن مدفئة الغاز، إلا أن الملفت للانتباه كما قال، هو الإقبال المتزايد لأصحاب الشقق، إذ يلجأ الكثيرون اليوم، إلى استبدال نظام الغاز بالتدفئة المركزية، التي و على الرغم من أنها تستلزم أشغالا كبيرة خاصة إذا ما تم تركيبها بطريقة مخفية تحت البلاط أو بين الجدران، إلا أن ذلك لا يشكل عائقا بالنسبة لهم، بل يعتبرونه أمرا هينا في سبيل ضمان سلامتهم من خطر الاختناقات. سألنا بعض المواطنين عن سر الاهتمام بهذا النظام المكلف، فقال السيد محمد الذي يملك شقة من 3 غرف، بأنه عمد إلى تركيبه من أجل حماية أفراد عائلته من الحوادث التي تتزايد سنويا بالجزائر، مؤكدا أنها كلفته مبلغ 25 مليون سنتيم بعد أن قام بنزع تدفئة الغاز و استبدلها، أما السيد رضوان فأكد، بأنه قرر أن يتم تركيبها بمسكنه الجديد المكون من 4 غرف، إلا أن ذلك قد كلفه مبلغا كبيرا قارب 40 مليون سنتيم باحتساب كامل التكاليف، موضحا أنه اعتمد في ذلك على مواد ذات جودة عالية بالرغم من توفر البدائل التي من شأنها أن تخفض من التكلفة الإجمالية، وذلك لقناعته بأن الجودة هي معيار لسلامة، كما أن المواد منخفضة التكلفة و النوعية سريعة التلف و ما تكلفه من تصليحات لاحقا سيتعدى نفقات تركيب نظام نوعي منذ البداية. وفرة العرض لم تخفض أسعار سوق التجهيزات و على الرغم من ارتفاع التكاليف مقارنة بالمستوى المعيشي للجزائريين، إلا أن هذه الخدمة تبقى مطلوبة و تعرف انتشارا بحسب ما أكده السيد عيدوني، موضحا بأن عملية تركيب هذا النظام على مستوى شقة مكونة من 3 أو 4 غرف يكلف ما بين 27 إلى 30 مليون سنتيم، مع احتساب كل التكاليف بما فيها الأجهزة و أجرة العامل، مرجعا السبب في ذلك إلى غلاء أسعار التجهيزات بالرغم من توفرها و تنوعها على مستوى السوق الوطنية، خاصة بالنسبة للمدفئات المعدنية «رادياتور» التي تختلف أسعارها بحسب نوعية المعدن الذي تصنع منه حيث تنطلق من 10 آلاف دج إلى 17000 دينار جزائري للجهاز الواحد ، بالمقابل يصل سعر الجهاز المسير للنظام في العموم إلى مبلغ 10 ملايين سنتيم. و كان المنسق الوطني للجمعية الجزائرية لحرفيي الترصيص الصحي و التدفئة المركزية عبد الله لقرع، قد أكد للنصر، في وقت سابق، تزايد معدل الإقبال على التدفئة المركزية خلال السنوات الأخيرة بنسبة تتراوح ما بين 65 إلى 70 بالمائة، بعدما لم تكن تتعدى من قبل ، 30 بالمائة، على اعتبار أنها كانت حكرا على الميسورين من أصحاب الفيلات الفخمة و ملاك الشركات الكبرى، لتصبح خدمة متوفرة في الشقق البسيطة نظرا لانخفاض التكاليف نسبيا.