ينتظر الملاكم جمال دحو زوال هذه الأزمة العصيبة، التي سببها وباء كورونا للعودة مجددا لحلبات الملاكمة الاحترافية، بعد غياب دام أربع سنوات كاملة بسبب إصابة كادت توقف مشواره، واعدا في حوار مع النصر من مدينة لاس فيغاس، بالمثابرة لأجل استعادة ما ضيعه، كما تطرق ابن مدينة تيارت لوضعيته وبعض أفراد الجالية في هذه المدينة الصاخبة، مؤكدا أن الوباء ينتشر بسرعة، غير أن كل معارفه في منأى لحد الآن عن خطر العدوى. - بداية أين تتواجد الآن ؟ متواجد بمدينة لاس فيغاس الأمريكية أو «محج الملاكمين»، كما تُلقب لدى الجميع، لقد هاجرت إليها قبل سنوات وفضلت الاستقرار بها، لأخذ فرصتي في عالم الملاكمة الاحترافية، ولم لا الاحتكاك بأبطال عالميين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب، في سجلات الفن النبيل. - كيف تقضي يومياتك في الحجر الصحي ؟ أعتقد أن يومياتي في هذه الفترة العصيبة لا تختلف عن يوميات كافة سكان المعمورة، بعد تفشي فيروس كورونا، حيث لا أغادر منزلي سوى للضرورة القصوى، رغم أن السلطات في أمريكا لم تفرض حظر التجوال كما هو معمول به في عدة بلدان أوروبية، وأقضي يومي بين التدرب بالبيت، في ظل امتلاكي بعض المعدات الرياضية التي تسمح لي بذلك، والإطلاع على آخر مستجدات هذا الوباء سواء بالولاياتالمتحدة، أين أقيم منذ سنوات أو بلدي الأم الجزائر، في ظل تواجد عائلتي وأحبائي وأصدقائي هناك، كما أحاول أن أتعلم أيضا فن الطبخ. - الوباء انتشر بشكل مخيف في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كيف تتعاملون مع الوضع ؟ الولاياتالمتحدةالأمريكية في صدارة الدول الأكثر تضررا من فيروس كورونا، حيث بلغ عدد الإصابات المؤكدة، حسب آخر مرة اطلعت فيها عن الموضوع قرابة 700 ألف حالة، مما يؤكد بأن الأوضاع لا تبشر بالخير، ولذلك التزمت بالحجر الصحي، رغم أنه لم يتم فرضه لحد الساعة، كما أسعى لإتباع كافة التعليمات المقدمة من طرف منظمة الصحية العالمية، من خلال غسل اليدين بالصابون باستمرار، مع وضع الكمامات والأقنعة عند مغادرة البيت، خاصة وأنها متوفرة بقوة في أمريكا ولا يتطلب أمر اقتنائها الاحتكاك كثيرا مع الأشخاص. - لماذا انهارت المنظمة الصحية في أمريكا رغم قوة وتقدم هذا البلد ؟ لست متخصصا في هذا المجال حتى أقول بأن المنظومة الصحية في الولاياتالمتحدة قد انهارت أم لا، ولكن من وجهة نظري أن استقبال المستشفيات لقرابة 10 آلاف مصاب يوميا، وضع سلطات هذا البلد في مأزق حقيقي، ولو أن المسؤولية الأكبر يتحملها الرئيس ترامب، الذي استهزأ بالوباء في بدايته، وكان يصف فيروس كورونا بمجرد أنفلونزا موسمية ستزول بعد فترة قصيرة، ليفاجأ فيما بعد بخطورة كوفيد 19، الذي أود بحياة عدد معتبر من الأشخاص لحد الآن، فيما تسبب في تواجد أعداد أكبر بالمستشفيات، كما لدي شيء آخر أضيفه وكان وراء تفشي الفيروس... - تفضل.. رغم الكثافة السكانية الكبيرة في أمريكا، إلا أنه لا توجد أي قرارات صارمة للتعامل مع هذه الأزمة، حيث لا يزال السكان يعيشون يومياتهم السابقة، ولا يوجد أي تدخلات من رجال الشرطة لمنع التجمعات كما يحدث في الجزائر مثلا، حيث تقوم السلطات بمجهود جبار لاحتواء الوضع. - جزائريو أمريكا ماذا يفعلون في هذه الفترة العصيبة، وهل هناك تكافل فيما بينهم ؟ لا داعي للقلق على أحد، فصراحة الحكومة الأمريكية تقوم بالواجب، حيث وقفت إلى جانب شعبها في زمن الكورونا، وخصصت1200 دولار لكل فرد يتعدى سنه 18 سنة، فيما منحت 500 دولار للأطفال، كما يقوم الجيش الأمريكي ببعض المبادرات الخيرية كتلك التي كنت شاهدا عليها مؤخرا بلاس فيغاس، حيث قام بتوزيع بعض المواد الغذائية على المحتاجين والفقراء، وهنا يحضرني حال بعض الجزائريين في بلدي من أصحاب الدخل اليومي، حيث يواجهون صعوبات بالجملة، بعد تطبيق إجراءات الحجر الصحي وتوقف نشاطهم، وآمل أن يجدوا المساعدة المطلوبة، سواء من حكومتنا التي لم تبخل لحد الآن، خاصة بعد تخصيص منحة بمليون سنتيم لكل متضرر أو من الطبقة الغنية القادرة على مد يد العون لإخوانها المعوزين والمساعدة، لاسيما وأننا على أبواب شهر رمضان الفضيل والنفقات ستكون أكبر. - إذن جزائريو أمريكا بخير والحمد لله... الجزائريون موزعون بكثرة في نيويورك وبوستن وكاليفورنيا، ويومياتهم لا تختلف عن يوميات الأمريكيين، وأنا على يقين بأنهم متضامنون مع بعضهم البعض، وأما عن لاس فيغاس فأعدادنا لا تتجاوز السبعة أشخاص، وجُلهم من أقاربي، وليس لي اتصال دائم بهم ونتحدث أحيانا فقط عبر الهاتف، ولو أن الجميع بخير ولم يصب أي أحد بمكروه، في انتظار أن تمر علينا هذه المحنة بسلام. - هل تتابع الوضع في الجزائر، وهل تتواصل يوميا مع أفراد عائلتك ؟ بطبيعة الحال، أتابع أحوال بلدي الجزائر منذ غادرته قبل عدة سنوات، فما بالك خلال هذه الفترة العصيبة، وآمل أن يرفع المولى عزوجل الوباء عن وطني وكافة بلدان العالم، ويحفظ شعبنا الذي أثبت معدنه الأصيل خلال هذه الأزمة، وهنا استغل هذه الفرصة لأشيد ببعض المبادرات الشبانية الرائعة، على غرار الشاب الذي ابتكر أجهزة للمساعدة على الكشف عن المرض، وهذا ليس بجديد عن أبناء بلدي، الذين هم بحاجة للرعاية والاهتمام من أجل تفجير طاقاتهم ومواهبهم، كما يجب أن أنوه بأنني أنحدر من عائلة متواضعة من تيارت ولم أنس يوما من أين أتيت، فرغم تواجدي بأمريكا منذ عدة سنوات، إلا أن قلبي ظل متعلقا دوما ببلدي الجزائر، ولذلك أنا على إطلاع بكل شيء، وبخصوص التواصل مع عائلتي، فلا أظل يومين متتاليين دون الحديث مع والدتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. - ما جديدك وهل عُدت لممارسة الملاكمة من جديد بعد تخلصك من الإصابة ؟ ابتعدت عن الملاكمة لأربع سنوات كاملة، بعد إجرائي أربع عمليات متتالية على مستوى الظهر تسببت في بقائي مشلولا لقرابة سنة كاملة، حيث لم أكن أشعر بقدماي، ولكن أطمئن جمهوري الآن بأن صحتي بخير ولقد تعافيت بشكل نهائي من هذه الإصابة الخطيرة، وبعد زوال كورونا سأعود لممارسة الملاكمة من جديد، وسأرفع الراية الجزائرية من جديد، ولم لا أحقق إنجازات أفضل من تلك المسجلة سابقا، خاصة وأنني استفدت كثيرا مما حصل معي من أزمات وعوائق. - ما هي مشاريعك المستقبلية ؟ أتدرب خلال فترة الحجر الصحي بكل جدية تأهبا لعودتي إلى الحلبة من جديد، وبعد زوال كورونا بحول الله سأبرمج منازلات بسيطة لاستعادة إمكانياتي السابقة، وكما تعلمون غيابي كل تلك الفترة، جعلني أخسر كافة ألقابي العالمية، كما خسرت نقاطي أيضا كما تنص عليه قوانين الملاكمة الاحترافية، ولكن بعد الفوز بأربع أو خمس منازلات سيبرمج لي الاتحاد العالمي للعبة منازلات قوية ستسمح لي باستعادة أمجادي الضائعة. - ما رأيك في قرار تأجيل أولمبياد طوكيو للسنة المقبلة ؟ قرار تأجيل الأولمبياد كان منتظرا وأراه صائبا للحفاظ على النخبة الرياضية، خاصة وأن الوباء لا يبدو أنه سيزول عن قريب، كما اعتبره فرصة لأبطالنا الجزائريين من أجل التحضير الجيد لهذا الموعد العالمي، على أمل تحقيق الإنجازات التي ينتظرها الجميع. - هل أنت متفائل بخصوص القفاز الجزائري في طوكيو بعد خيبة ريو دي جانيرو؟ علينا أن نُقر بأن القفاز الجزائري فقد بريقه في آخر السنوات، فبعد أن كانت الملاكمة الرياضة الوحيدة رفقة ألعاب القوى التي تُهدي الجزائر ألقابا في الأولمبياد والمحافل الكبرى، باتت عاجزة عن المنافسة، بسبب الخلل الموجود في المنظومة الرياضة، ولو أنني متفائل في طوكيو بنفض الغبار، والظهور بأداء قوي يليق بالجزائر، وهنا أطالب الجميع بالتحضيرات القوية، وتفادي القيل والقال الذي بات يلطخ سمعة القفاز الجزائري. - ما هي الرسالة التي توجهها للشعب الجزائري قبل حلول شهر رمضان؟ علينا بالصبر والدعاء لتجاوز هذه المحنة، كما يتوجب على شعبنا الالتزام بالتعليمات المقدمة من طرف السلطات العمومية والتقيد بالنصائح والإرشادات المقدمة من وزارة الصحة، لتفادي تسجيل أرقام مرعبة قد تزيد من حالة الهلع والخوف لدى الجميع، وثقتي كبيرة في مقدرتنا على تخطي الأزمة، خاصة وأننا تعودنا على مثل هذه الأمور، سواء خلال حرب التحرير أو بعد الاستقلال، كما أتمنى في الأخير الشفاء لكافة مرضانا ومرضى المسلمين، وآمل أيضا في ازدهار بلدي وأتمنى التوفيق للجميع قبل شهر رمضان الذي هو على الأبواب. م. ب