يترأس رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم، جلسة عمل تضم الوزير الأول وأعضاء الحكومة المعنيين بإعداد الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي, حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. وأوضح نفس المصدر أنه ستتم خلال هذه الجلسة مناقشة «المقاربة الاقتصادية والاجتماعية الجديدة من جميع جوانبها تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها في اجتماعه القادم. من المتوقع أن يحسم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خلال الاجتماع المقرر اليوم، في عديد الخيارات الاقتصادية المطروحة لتجاوز الضائقة المالية التي تعاني منها البلاد منذ أشهر بسبب تراجع إيرادات النفط نتيجة لانخفاض أسعار المحروقات، وكذا تداعيات وباء كورونا الذي أثر على المردودية الاقتصادية لعديد القطاعات والشركات الاقتصادية التي اضطرت لخفض وتيرة إنتاجها بسبب القيود المفروضة على العمال. ومن المنتظر أن يكشف الرئيس خلال الاجتماع الخطوط العريضة لخطة الإقلاع الاقتصادي التي سيتم العمل بها بعد تراجع حدة وباء كورونا، بنموذج اقتصادي جديد، من خلال البحث عن مصادر إنتاجية أخرى «تعفيها من الصدمات المالية» المرتبطة بانهيار أسعار النفط الذي يعد مصدر الدخل الأساسي للبلاد. والتي تتضمن توجها نحو الشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاعات الناشئة والابتعاد عن الشركات الكبرى التي تستهلك أموالا طائلة وتتأخر مردوديتها لسنوات. مع التوجه نحو الصناعات البتروكيمياوية والصناعات التحويلية لخفض فاتورة الواردات من جهة والتوجه نحو التصدير. وكان رئيس الجمهورية قد شدد خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء على ضرورة تحقيق الإقلاع الاقتصادي قائلاً: «نحن في سباق مع الزمن لإعادة بناء اقتصاد غير ريعي يحسّن عائدات الخزينة، ويوفر مناصب الشغل للشباب، ويحدّ من الاستيراد حفاظاً على احتياطي الصرف، الشعب سيحكم عليكم في الميدان».كما أكد في اجتماع سابق على ضرورة الإسراع في تنفيذ الخطّة الصناعية الجديدة وتجنب الوسطاء في استيراد المواد الخام، والانتهاء في أقرب الآجال من إعداد دفاتر الشروط لاستيراد السيارات الجديدة بكل أنواعها، وشدد الرئيس على المزيد من تقليص فاتورة الاستيراد دون خلق الندرة في السوق، كما أمر بالمنع الكامل لاستيراد المنتوجات الفلاحية في موسم الجني حماية للإنتاج الوطني، وبتشديد الرقابة على الفواكه المستوردة لمنع تضخيم الفواتير، والتأكد من النوعية حفاظا على صحة المواطن. وتركزت جل التوجيهات التي قدمها الرئيس على ثالوث التّجديد الاقتصادي القائم على الأمن الغذائي، في شقه المتعلق بخفض الواردات وتشجيع المنتوج المحلي في كل القطاعات، والانتقال الطاقوي والاقتصاد الرقمي. حيث تقرر مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بالاستثمار، وتحويل الأنشطة الصناعية والمنجمية إلى ممول للخزينة العمومية وفصلها عن وزارة الطاقة والمناجم. و التركيز على الصناعة البتروكيمياوية والاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة الموجهة للتصدير وتوسيع أنشطة شركة سوناطراك النفطية خارج البلاد ل»تحصين الاستقلال الاقتصادي من عالم المفاجآت الذي تمثله سوق النفط». حيث طلب الرئيس تبون من الحكومة «جرد كل الثروات الوطنية الطبيعية غير المستغلة» بهدف الرفع من قدرات البلاد في مجال تصدير الطاقة وتعوضها عن تراجع عائدات النفط».وكان البنك الدولي قد توقع انكماشاً في الاقتصاد الجزائري بنسبة 6.4 بالمائة خلال السنة الجارية، بسبب تداعيات جائحة كورونا وكذلك تداعيات تهاوي أسعار النفط ومواطن الضعف الهيكلية، يصاحبه تراجع الناتج الداخلي من 5.2 بالمائة السنة الحالية مقابل 6.2 السنة المقبلة. وأشار آخر تقرير للبنك إلى أنّ انكماش النشاط الاقتصادي سيشمل كل البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متوقعاً أن يبلغ 5 بالمائة بالنسبة إلى هذه البلدان.واضطرت الحكومة إلى تعديل توقعاتها المالية، تحت ضغط تهاوي عائدات النفط، حيث تتوقع تهاوي احتياطي البلاد من العملة الصعبة من 51.6 مليار دولار، كما هو محدد في الموازنة الأولى للسنة الحالية، إلى 44.2 مليار دولار في الموازنة التكميلية. وتواجه الجزائر أزمة مالية خانقة بسبب تهاوي الإيرادات النفطية، ما أدى إلى نزيف كبير في الاحتياطي من النقد الأجنبي والذي بلغ 60 مليار دولار، مطلع مارس الماضي.