«الطلاق قبل البناء» ..لعنة تطارد المرأة الجزائرية يواجه الأشخاص الذين فسخوا الزواج قبل إكماله بوضعهم ضمن خانة المطلقين التي تظل لعنتها تلاحقهم وتمنع عنهم مواصلة حياتهم بصفة عادية بسبب عبارة “ طلاق قبل البناء” المقيدة في شهادة الميلاد والدفتر العائلي وهم يحاولون ربط علاقات جديدة تصطدم برفض الشريك الجديد تبعات هذا الخطأ الذي تحول إلى مطلب رئيسي لبعض الجمعيات لرفع هذا الغبن المسلط خاصة على النساء. « رفض خطيبي عقد قراننا بسبب عبارة مطلقة قبل البناء التي لا يريد رؤيتها على شهادة ميلادي و لا على الدفتر العائلي”...»لم يعد الهامش المخصص للملاحظات على شهادة الميلاد يسع ملاحظة جديدة لأنني فسخت عقد قراني مع أربع خطيبات قبل الدخول بهن و كلها قيدت في سجل حالتي المدنية»...» فسخ خطبتنا بعد رؤيته شهادة ميلادي الحاملة لملاحظة مطلقة و عبارة قبل البناء لم تقنعه و لم تشفع لي»...»لماذا حكموا علينا بحمل صفة مطلقة طيلة الحياة لعلاقة لم تكتمل و لم تبنى أبدا”...»عبارة طلاق ليست في محلها و لابد من توظيف عبارة الفسخ في علاقة زوجية لم تبنى”...هذه عيّنات من جملة من الانشغالات و التساؤلات التي يطرحها الكثير من الأشخاص ممن اضطروا لفسخ رابطة الزواج قبل استكماله، و صدموا بتابعات مشروع زواج تهدم قبل أن يجسد. حوالي 15 بالمائة من حالات الطلاق المتضاعفة من شهر إلى آخر تخص حالات حالت الظروف دون دخولها القفص الذهبي رغم تقييد عقد قرانها، و ارتأت فسخ العلاقة التي كانت للكثيرين أشبه بفترة تعارف، فرضت عادات بعض العائلات الاستعجال بقراءة الفاتحة بحجة جعل العلاقة أكثر شرعية ، و لأن قانون الأسرة فرض عدم عقد زواج شرعي أو قراءة الفاتحة كتعبير عن إتمام الزواج إلا في حالة وجود عقد زواج مدني موثق، دفع الكثيرين إلى استعجال تقييد عقد الزواج مدنيا بعد فترة قصيرة من تعارف الخطيبين، مما أوقع الكثيرين في مشكلة لم يحسبوا لها حسابا و هي مواجهة حكم الطلاق حتى لو كان في نظر الخطيبين المنفصلين مجرّد فسخ خطبة لا أكثر لأنهم لم يتموا مراسيم الزواج التي أبطلت قبل بنائها، غير أن الواقع غير ذلك و نجم عنه الكثير من المشاكل للرجال كما للنساء و إن كانت النساء أكثر تضررا بسبب الذهنيات التي لا زالت تتقبل طلاق الرجل و تنبذ طلاق المرأة مثلما حدث مع الآنسة عبلة(32سنة) التي أسرت لنا بأنها عانت الأمرين منذ فسخ عقدها من خطيبها الأول. و سردت عبلة التي كانت تستفسر بإحدى مكاتب الحالة المدنية بقسنطينة عن كيفية التخلص من صفة مطلقة قبل البناء من شهادة ميلادها التي أكدت أنها شكلت لديها عقدة لاسيما بعد رفض خطيبها الثاني الارتباط بها بسببها:» لقد تقلصت فرص ارتباطي بسبب مجرّد عبارة دوّنت على شهادة ميلادي، و بعد أن تسببت في رفض خطيبي الثاني الارتباط بي لأجلها، جعلت الآخرين يعتقدون بأنني سيئة السمعة». لن أتخلص من عقدتي حتى أمحي عبارة مطلقة من شهادة ميلادي و خلال تواجدنا بمصلحة الحالة المدنية فرع سيدي راشد ببلدية قسنطينة لاستكمال استطلاعنا التقينا بشخص كان يستفسر عن الإجراءات التي يمكن لشقيقته إتباعها من أجل التخلص من عبارة مطلقة قبل البناء. و بعد انهائه لمكالمته الهاتفية مع شقيقته المعنية بأمر الطلاق قال لنا أنها رغم عدم تضررها من عبارة مطلقة قبل البناء و تمكنها من الارتباط من جديد و زواجها من شخص طيّب تنتظر منه مولودا غير أنها لم تتمكن من تقبل الملاحظة المدوّنة على هامش شهادة ميلادها و الحاملة لصفة مطلقة قبل البناء التي لا تريد أن يبقى هاجسها يتبعها طول حياتها. نفس التجربة تقريبا عاشتها السيدة /فضيلة/37سنة التي سمعت حديثنا صدفة فأبت إلا المشاركة فيه قائلة»تعبت قدماي لفرط ما سعيت بين الادارات بحثا عن حل قانوني يمكنني من التخلص من عبارة مطلقة قبل البناء” التي التصقت بوثائقي الخاصة و شكلت العقدة لي مع زوجي الذي يتذكر مغامرتي الأولى كلما استخرج وثائقنا الشخصية، و يسألني إذا ما كنت أتذكره، لأن فترة خطوبتنا استمرت أكثر من سنة. و أكد عون بمصلحة الحالة المدنية بأنهم يسجلون بشكل متزايد تساؤلات حول كيفية أو الإجراءات التي يجب إتباعها لأجل التخلص من ملاحظة طلاق قبل البناء المدونة على هامش شهادة الميلاد و التي يرى البعض أن لا جدوى من ذكرها لأن الزواج لم يتم أصلا. هامش مستنفد على شهادة ميلاد «سيجبرون لوضع ذيل لشهادة ميلادي لأن هامش الملاحظات لم يعد يكفي لتدوين ملاحظات أخرى» قال شاب وصف نفسه بغير المحظوظ بسبب فشل كل محاولات ارتباطه السابقة و التي ظن أنه باستعجاله لتقييد عقد قرانه لن تتركه الخطيبة، غير أنه صدم في الحالات الأربعة بطلب الخطيبات فسخ علاقتهن به، غير مكثرات بتبعات الطلاق حتى لو كان قبل البناء. و بتجاربه الفاشلة استنفد الشاب الذي لم يتجاوز بعد 38سنة كل الحيّز المخصص لتدوين الملاحظات الخاصة على شهادة ميلاده و هو اليوم يستعد للارتباط بخامسة لكنه رفض عقد قرانه مدنيا إلى آخر لحظة حتى لا يتكرر معه نفس”النحس” على حد تعبيره. و قصة اسكندر أشبه بأخرى سردتها علينا إحدى المحاميات بمدينة قسنطينة و التي قالت أن أحد موكليها ترجاها لإيجاد حل له للتخلص من صفة الطلاق لزيجات ثلاثة لم تتم أبدا و التي يخشى أن تؤثر على علاقته مع شريكة حياته لاحقا و قد تسبب له الإحراج أيضا مع أبنائه في المستقبل. و إن كان الرجال لا يواجهون مشكلة في الارتباط بأخرى بسبب الطلاق قبل البناء مثلما هو حال الكثير من النساء، غير أن تدوين العبارة على شهادة الميلاد و الدفتر العائلي تقلق الكثيرين منهم، حيث أكد كل من تحدثنا إليهم على انزعاجهم منها، لأنها تذكرهم بتجربة فاشلة يريدون نسيانها من جهة، و لا يجدون في تدوين علاقة لم تبنى أساسا من جدوى مثلما قال /مختار/40سنة الذي علق باستياء كبير “لابد من التفكير جديا في المشكلة التي لا تكف عن خلق المشاكل للأزواج، و ذلك بعدم ذكره كليا على شهادة الميلاد لأنه ليس طلاقا في اعتقادي”. تضاعف مستمر لحالات الطلاق قبل البناء أكد عدد من رجال القانون تضاعف عدد حالات الطلاق قبل البناء و هو ما أكده أيضا مصدر من مصلحة الحالة المدنية ببلدية قسنطينة الذي قال أنهم قاموا بتقييد 150 حالة طلاق قبل البناء في 2011 في حين لم تتجاوز الظاهرة ال40حالة في بداية الألفية الثانية. و أرجع بعض المحامين المختصين في الأحوال الشخصية سبب تزايد الظاهرة إلى الفهم الخاطيء أو تهاون البعض بأهمية العقد المدني و إسراعهم إلى إتمام الإجراءات المدنية من أجل قراءة الفاتحة دون التفكير فيما قد يحدث من مفاجآت أو تابعيات لعلاقات لم تنضج، لأنها في الواقع لم تتجاوز فترة التعارف، و غالبا ما يكتشف الطرفان عيوب بعضهما البعض بعد مرور فترة معيّنة على خطبتهما و يدركان استحالة استمرار علاقتهما، و يقرران فسخ العلاقة التي لن تكون نتائجها و هي غير مقيّدة مثلما ستكون عليه و هي مقيّدة رسميا في سجل الحالة المدنية. عبارة طلاق لا تؤدي المعنى لعلاقة لم تكتمل كزواج فعلي من جهتها اعتبرت رئيسة جمعية “نور” لحماية وترقية حقوق الأسرة، الأستاذة المحامية بغدادي ترعي فتيحة أن عبارة الطلاق ليست في محلها و أن الأنسب توظيف عبارة فسخ في حالات فك العلاقة الزوجية قبل بنائها، لما لذلك من تأثير على الحياة الاجتماعية للطرفين المنفصلين في مجتمع لا زال يولي أهمية كبيرة لعبارة الطلاق و لا يحبذها لاسيّما بالنسبة للمرأة، مشيرة إلى أن عبارة الفسخ قبل البناء ستسمح بإيجاد حل لمشاكل المنفصلين الذين لم يحدث زواج فعلي بينهما، لأنه لن يكون واجبا تسجيل الملاحظة على هامش شهادة الميلاد ، ما لم تكن طلاقا لزواج حقيقي. و أوضحت محدثتنا بأنه سبق لجمعيتها طرح هذا الانشغال على الوزارة المكلفة بالأسرة و لا زالت متفائلة بإيجاد حل لذلك لما التمسته من تفهم من قبل المسؤولين.