أكدت مريم شرفي المفوضة الوطنية لحماية الطفولة، أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مجال حماية الطفولة، و تتوفر على آليات لحماية الطفل لا تتوفر سوى عند بعض الدول المتقدمة فقط، فعمالة الأطفال، مثلا، المنتشرة في عديد الدول، ضئيلة جدا في الجزائر، و قالت في هذا الحوار الذي خصت به النصر، بأن نسبة الإخطارات التي تلقتها الهيئة لا يمثل فيها الاستغلال الاقتصادي للأطفال سوى 3.38 بالمئة. حاورها: نورالدين عراب النصر: الجزائر أصدرت قانونا خاصا بحماية الطفولة في سنة 2015، إلى أي مدى اهتم هذا القانون بمحاربة عمالة الأطفال؟ مريم شرفي: الجزائر ، على غرار كل دول العالم، أحيت بتاريخ 12 جوان اليوم العالمي ضد عمالة الأطفال، هذا اليوم أقرته منظمة العمل الدولية في سنة 2000، و منذ ذلك التاريخ كل عام يتم اختيار شعار لهذا اليوم، و البحث في كيفية القضاء على عمالة الأطفال في العالم. وهنا يجب التمييز بين مصطلحين بالنسبة لعمالة الأطفال، الطفل الذي يعمل خارج الشروط التي نص عليها قانون 90/11 الذي يحدد علاقات العمل، بمعنى عندما نرجع لهذا القانون، نجد بأنه قيد عمالة الأطفال بمجموعة من الشروط في المادة 15 منه، الطفل الذي يقل عمره عن 16 سنة، لا يعمل إلا إذا تحصل على رخصة من الأولياء، ولا يعمل في الأعمال الشاقة التي تضر بصحته و تربيته و نموه، كما لا يعمل الطفل في الليل إلى غاية بلوغه سن 19 سنة. وفي حال عمل الطفل خارج هذه الشروط، نكون في إطار عمالة الأطفال، بمعنى عندما يعمل الطفل وسنه أقل من 16 سنة، بدون رخصة الأولياء، في أعمال شاقة، وفي الليل، كلها تندرج في إطار عمالة الأطفال، وهي مضبوطة من طرف مفتشية العمل التي تفتش كل أماكن العمل، وتحدد إذا كان هناك أطفال فعلا يعملون خارج هذه الشروط . نسعى لدفع الأطفال للبحث عن حقوقهم في الجزائر نسبة عمالة الأطفال ضئيلة جدا، هذه خطوة كبيرة مشينا فيها، لكن إلى جانب مصطلح عمالة الأطفال، نجد مصطلح آخر أكبر منه وعمالة الأطفال جزء منه، وهو الاستغلال الاقتصادي للأطفال، فنجد أطفالا يمارسون أعمالا شاقة خارج الأماكن التي يمكن أن تكون فيها علاقة عمل، و الأماكن التي يمكن لمفتشية العمل أن تصل إليها، و تحدد إذا كانت تمارس فيها عمالة أطفال أم لا، مثلا الأطفال الذين يبيعون الخبز، أو يبيعون الأعشاب العطرية في رمضان، ويحدث ذلك في أماكن قد تشكل خطرا عليهم، كالطرقات مثلا، كما انتشر منذ سنة تقريبا نشاط بيع المناديل في الطريق السريع، و العمل في المزارع في ظروف قاسية، هذه كلها تدخل في مجال الاستغلال الاقتصادي للأطفال. إن قانون حماية الطفل الذي صدر في 15جويلية 2015 ، المصادف ليوم الطفل الجزائري، جاء بكل الحقوق التي يتمتع بها الطفل، و تضمن كل المبادئ التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية، كما أنه مستمد من الشريعة الإسلامية. وتناول هذا القانون الحقوق التي يتمتع بها الطفل، و فئة الأطفال الذين ارتكبوا جرائم وهم الأطفال الجانحين الذين خصهم بإجراءات خاصة، كما نص على الأطفال ضحايا الاختطاف وخصهم بإجراءات خاصة. و تناول أيضا فئة أخرى من الأطفال وهم الأطفال الموجودون في خطر، والمادة 2 من قانون حماية الطفل، نصت على الاستغلال الاقتصادي للطفل على أنه خطر يعرض الطفل وصحته و تنشئته للخطر. ويعرف قانون حماية الطفل في المادة 2 الاستغلال الاقتصادي، بأنه تكليف الطفل بعمل من شأنه حرمانه من أن يمارس دراسته، و هذا أهم شيء، و يعتبر من بين حالات الخطر، ونحن في الهيئة الوطنية نتلقى إخطارات تتعلق بالاستغلال الاقتصادي عبر كل الآليات التي وضعتها، لا سيما الرقم 1111، ونحيّي بالمناسبة كل المواطنين الذين يتصلون ليبلغوا عن حالات لأطفال في خطر، ويعبرون عن قلقهم لما يشاهدونه من استخدام أطفال في التسول، أو يتسولون بمفردهم، أو أطفال يتم استغلالهم اقتصاديا، وفي العديد من الحالات نتلقى اتصالات تتعلق بالخطر الذي يتعرض له الطفل في الشارع، وفي كل الوضعيات التي يمكن تخيلها، بما فيها حوادث المرور. وبالفعل القانون يعاقب على الاستغلال الاقتصادي للأطفال، و نؤكد هنا على أن حماية الطفولة هي مسؤولية الجميع، وكلما كان هناك تعاون نصل إلى الحماية الآنية للأطفال، و نركز في هذا المجال على أهمية الاتصالات على الرقم 1111 لأنها تمكننا من أن نتخذ الإجراءات في الوقت المناسب، ونتدخل مع العائلات إذا كان لا بد من حماية اجتماعية، لأن قانون حماية الطفل عندما يتطرق للتبليغ وثقافة الإخطار يقدم حماية للشخص المخطر و يحافظ على هويته، ويدرس الإخطار حسب وضعيته، وإذا لاحظنا بأن الأمر يتعلق بطفل يسعى لمساعدة العائلة، خصوصا إذا كانت عائلته فقيرة، هنا نتدخل بتدابير اتفاقية مع الطفل وعائلته، عن طريق مصالح الوسط المفتوح الموجودة عبر كامل التراب الوطني، و تكون تدابير اتفاقية بين الطفل وعائلته، من أجل إبعاد الطفل عن الخطر، وفي حالات أخرى، ربما عندما يدفع الطفل لاستغلاله اقتصاديا من طرف أحد أفراد العائلة، هنا يبعث الإخطار إلى السادة قضاة الأحداث للتدخل بالحماية القضائية، هذا كله في إطار حماية الأطفال من كل المخاطر. تتلقى الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة إخطارات عبر الرقم 1111 والآليات الأخرى حول الأطفال الموجودين في خطر، كم تمثل نسبة الإخطارات المتعلقة بعمالة الأطفال أو الاستغلال الاقتصادي؟ نتلقى عبر الرقم 1111 عدة مكالمات يوميا، تتراوح بين 5 آلاف إلى 10 آلاف مكالمة يوميا من كل أنحاء الوطن، ويعبر فيها المواطنون عن انشغالاتهم و يطلبون توجيهات من الهيئة الوطنية في الأمور المتعلقة بالطفولة، فمثلا اليوم على الساعة الثالثة مساء، تلقت الهيئة ابتداء من منتصف الليل 5036 مكالمة، وقد تصل إلى غاية نهاية النهار إلى 10 آلاف مكالمة، وعدد المكالمات المعالجة إلى غاية الثالثة مساء 2389، و عدد الإخطارات إخطارين اثنين فقط، التي تتعلق بأطفال في حالة خطر، و كل يوم نتلقى من إخطار إلى إخطارين يتعلقان بالاستغلال الاقتصادي للأطفال، بما فيها التسول، البيع في الشارع، و نذكر من جديد بأن القضاء على هذه الظواهر ترتبط بالإخطار، عندما نرى الطفل في خطر. تلقت الهيئة أكثر من 323 ألف مكالمة هاتفية على منذ جانفي بصفة عامة الإخطارات التي تلقتها الهيئة من الفاتح جانفي إلى غاية 13جوان الجاري قدرت ب710 إخطارات، متعلقة بالمساس بحقوق الطفل، من بينها 390 ذكرا و320 أنثى و تشمل مختلف أنواع الخطر، و منذ الفاتح جانفي الماضي إلى غاية 13 جوان تلقينا 323164 مكالمة هاتفية، تمت معالجتها وتمثل نسبة استغلال الأطفال اقتصاديا 3.38 بالمائة من مجموع الإخطارات التي تلقتها الهيئة. يلعب العمل التحسيسي دورا هاما في محاربة عمالة الأطفال و غرس ثقافة التبليغ عند المواطنين، إلى أي مدى اهتمت الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة بهذا المجال؟ أكبر الأعمال التحسيسية والتوعية مستمرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، لأنها لها دور كبير في التعريف بحقوق الطفل و نشر ثقافة الإخطار في حال المساس بحقوق الطفل، و دائما ننطلق من نقطة نكررها باستمرار، و هي أن حماية الطفل مسؤولية الجميع، و كل واحد منا في مكانه مسؤول عن حماية الطفولة، و لا يمكن مشاهدة طفل يتعرض للخطر و نسكت عن ذلك، والعمليات التحسيسية عن طريق وسائل الإعلام، تعد من الأولويات في نشاط الهيئة، وهناك عمل دائم، و لدينا شبكة إعلاميين لتعزيز حقوق الطفل، وهي تجربة موجودة في دول قليلة، و خلال هذه السنة، سيكون دفعا لهذه الشبكة من جديد، لأننا نفتخر بأن الجزائر رائدة في تكوين صحفيين في مجال حقوق الطفل، و لدينا هذه الشبكة المهمة جدا، وكل عضو في الشبكة يسعى إلى ترقية حقوق الطفل. هذا بالنسبة لمجال الإعلام، إلى جانب دورنا في التحسيس والتوعية وتنظيم الأيام الدراسية والتكوينية المستمرة، و حتى في مجال التعريف بحقوق الطفل، فكرنا في الوصول إلى الأطفال وهم يبحثون عن حقوقهم، و تعطل هذا المشروع بسبب وباء كورونا. تأتي هذه الفكرة انطلاقا من أننا نحن الكبار، نتكلم عن حقوق الطفل، و كيف نحافظ عليها، لكن نريد أن نعكسها و نجعل الأطفال هم من يبحثون عن حقوقهم ويطالبون بها، و الطفل مثلا يعرف معنى حق المشاركة، و متى يبدي رأيه و متى يكون بحاجة إلى توجيهات الكبار، وعائلته و أساتذته و أقاربه، و كنا قد أطلقنا الموسم الماضي بداية من الفاتح جوان مسابقة حول التعبير عن حقوق الطفل بالقصة و الأغنية و الأنشودة و الرسم، وأي طريقة يراها الطفل مناسبة، و إعلان النتائج كان بتاريخ 15 جويلية الماضي. شبكة إعلامية لتعزيز الحقوق الهدف من المسابقة هو تعريف الأطفال باليوم الوطني للطفل الجزائري، و هو تاريخ هام، وقد عرفت المسابقة اكتشاف عدة مواهب للأطفال، وخلال هذه السنة أيضا أطلقنا الطبعة الثانية حاليا، و نتلقى مشاركات الأطفال، ونعرف أكثر بهذه المسابقة عن طريق وسائل الإعلام حتى تكون مشاركة أكبر للأطفال، و إعلان النتائج سيكون يوم 15 جويلية القادم، بمناسبة يوم الطفل الجزائري. وفي نفس الوقت نشارك في مختلف الحصص و ننظم ملتقيات، وهناك نشاط كبير بالنسبة للجنة التنسيق الدائمة للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، التي تضم كل القطاعات الوزارية التي تلتقي مرة في الشهر، وتدرس ملفات متعلقة بالطفولة، وتضم اللجنة في تشكيلتها ممثلي الأمن والدرك والجمعيات، و لدينا لجنة للصحة موجودة في اجتماع الآن، وتحضر للقاء اللجنة الموضوعاتية الذي سيكون قريبا. إن التعريف بحقوق الطفل هو أيضا من المهام الكبرى للهيئة الوطنية، فالتعريف بهذه الحقوق، والتأكيد على أن حماية الطفولة، مسؤولية الجميع، وبغرس ثقافة الإخطار، نصل دائما إلى تحسين وضعية الطفولة، و الجزائر خطت خطوات كبيرة إلى الأمام في مجال حماية الطفولة، و نفتخر بأن الجزائر من أوائل الدول التي صادقت على كل الاتفاقيات المتعلقة بالطفولة، بما فيها الاتفاقيات المتعلقة بعمالة الأطفال. إن الدستور الجزائري الأخير، تحدث عن مبدأ مهم جدا، و هو الحق في التربية و التعليم المجاني الإجباري، وفي نفس الوقت تحدث عن مبدأ جديد وهو المصلحة العليا للطفل، وهذه نقطة مهمة جدا يجب العمل عليها وهدفنا كلنا هو تحقيق المصلحة العليا للطفل. ما مدى اهتمام المجتمع بحماية الطفولة بعد صدور قانون حماية الطفل وإنشاء الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة؟ عندما نتحدث عن القانون، نقول قطعنا خطوات كثيرة، و قليل من الدول تملك قانونا لحماية الطفل، و القليل من الدول الكبرى لها هيئة من أجل حماية الطفولة. إن الهيئة الوطنية لحماية و ترقية الطفولة في بلدنا، أنشئت بموجب قانون حماية الطفل، و نظرا لحجم مهامها وضعت لدى السيد الوزير الأول، لأن من بين مهامها، تنسيق جهود المتدخلين في مجال حماية الطفولة، وهناك خطوات كبيرة وضعت، لأن القانون وحده غير كاف، و لا بد من آليات تسهر فعلا على تطبيق القانون و السهر على تحقيق ما ورد في القانون ميدانيا، و الهيئة هي آلية تسهر على حماية حقوق الطفل، و وضعت هي الأخرى آليات للتبليغ عند المساس بحقوق الطفل، نذكر منها البريد الإلكتروني الخاص بالهيئة، الاستقبال بمقر الهيئة، الهاتف، الفاكس و الرقم الأخضر 1111، و يعد هذا الأخير من الآليات الموجودة في الدول المتطورة، و يقاس مدى تطور الدول في مجال حماية الطفولة بوجود هذه الآليات التي وضعتها الدولة و تسهر على حماية أطفالها. أشرفنا على تكوين 150 جمعية لنشر ثقافة حماية الصغار نشير إلى أن الرقم 1111 متوفر لكل المواطنين عبر كل متعاملي الهاتف النقال والثابت و المكالمة مجانية، كما نحافظ على هوية الشخص المتصل، وكل هذه الأشياء الجديدة في الميدان، نقول بأننا قطعنا خطوات كبيرة، لكن مهما عملنا مع الأطفال، نقول بأنه لا يزال ينتظرنا عمل أكبر، عندما نشاهد بعض الظواهر المتعلقة بالطفولة، كالاستغلال الاقتصادي للأطفال، وهنا لابد من عمل كبير. نتحدث أيضا عن دور المجتمع المدني في ترقية وحماية الطفولة، والمجتمع المدني موجود في كل مكان ويقوم بعمل ميداني، وعملنا نحن في الهيئة على تكوين عدد من الجمعيات، كما نتوفر على شبكة مجتمع مدني، لتعزيز حقوق الطفل مشكلة من 150 جمعية، تعمل في كامل التراب الوطني، هدفها نشر ثقافة حماية الطفل و التعريف بحقوقه، ومن أهدافها أيضا الإخطار والإنذار المسبق بمجرد وجود طفل في حالة خطر. ن ع