قررت نيابة الجمهورية على مستوى محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة، فتح تحقيق حول عمليات جوسسة تعرضت لها مصالح الجزائر وطالت شخصيات جزائرية، وذلك بناء على ما تناولته وسائل إعلام وطنية ودولية وعلى تقارير عدة حكومات حول ما عرف ببرنامج التجسس «بيغاسوس». و أفاد بيان للنائب العام لدى محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة أول أمس أنه و « على ضوء ما تناولته بعض وسائل الإعلام الوطنية والدولية وتقارير واردة عن حكومات بعض الدول حول عمليات جوسسة تعرضت لها مصالح الجزائر وتنصت طالت مواطنين وشخصيات جزائرية عن طريق برامج تجسس مصممة لهذا الغرض، فإن النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر تطلع الرأي العام بأن نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد أمرت بفتح تحقيق ابتدائي للتحري حول هذه الوقائع». ويضيف ذات البيان في نفس السياق أنه ولهذا الغرض تم «تكليف مصالح الضبطية القضائية المختصة في مكافحة الجرائم السيبرانية والمعلوماتية»، علما أن «هذه الوقائع، إن ثبتت، تشكل جرائم يعاقب عليها القانون الجزائري». وتتمثل هذه الجرائم في «جناية جمع معلومات بغرض تسليمها لدولة أجنبية يؤدي جمعها واستغلالها للإضرار بمصالح الدفاع الوطني» و «جنحة الدخول عن طريق الغش أو بطرق غير مشروعة في منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات» و كذا «جنحة انتهاك سرية الاتصالات. وذكر بيان النائب العام بأن فتح هذا التحقيق يأتي عملا بأحكام المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية. ويأتي فتح تحقيق في ما يعرف بقضية برمجيات «بيغاسوس « ذات الصنع الإسرائيلي بعد أن فضحت تقارير إعلامية موثوقة صادرة عن وسائل إعلام كبيرة وذات مصداقية في العديد من الدول، المغرب، الذي قام باستغلال هذه البرمجيات للتجسس على هواتف الآلاف من الشخصيات السياسية والإعلامية ونشطاء في مجال حقوق الإنسان في المغرب وفي عدة دول بينها الجزائر. وكانت وسائل إعلام فرنسية وتقارير مطابقة قد تحدثت الأربعاء الماضي عن أن المغرب استهدف من خلال هذا البرنامج هواتف 6 آلاف شخصية جزائرية في العامين الأخيرين، بينهم ضباط سامون ووزراء وصحفيون ونشطاء، وهو ما دفع النيابة العامة لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة إلى المبادرة بفتح تحقيق في هذا المجال كون الدفاع الوطني ومصالح البلاد تعرضت للخطر. و قد رحب الوزير والدبلوماسي الأسبق عد العزيز رحابي بقرار النيابة العامة بفتح تحقيق في قضية التجسس هذه، وكتب رحابي على صفحته على موقع فايس بوك « بعد ورود اسمي في واقعة ييغاسوس أرحب بقرار محكمة سيدي امحمد بفتح تحقيق ابتدائي حول عمليات جوسسة وتنصت عن طريق برامج تجسس مصممة لهذا الغرض تعرضت لها مصالح الجزائر وطالت مواطنين وشخصيات جزائرية». ويتزامن فتح تحقيق من قبل العدالة الجزائرية في هذه القضية التي هزت الرأي العام الدولي في الأيام الأخيرة مع إعلان الحكومة الفرنسية بأنها تتابع هذه القضية عن كثب وأنها قررت هي الأخرى فتح تحقيق فيها. وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، لإذاعة «فرانس إنتر» المحلية، إن الرئيس إيمانويل ماكرون «يتابع القضية عن كثب، ويأخذ الأمر على محمل الجد»، وأضاف أن ماكرون «ترأس صباح الخميس اجتماعا استثنائيا لمجلس الدفاع في الإليزيه بشأن قضية بيغاسوس والأمن السيبراني في بلادنا». وكشف أن بلاده «بدأت تحقيقا في قضية برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس، بعد يومين من الكشف عن أن هاتف ماكرون، كان هدفا لاختراق محتمل»، وأكد أن باريس تعمل بجدية على قضية الأمن السيبراني، وأنفقت خلال العام الماضي 100 مليون يورو (118 مليون دولار)، لحماية المؤسسات من الهجمات الإلكترونية. فيما نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، عن مسؤول في الإليزيه، لم تسمه، قوله إن «ماكرون قرر تغيير هاتفه ورقمه، وطلب تعزيز جميع البروتوكولات الأمنية بالتوازي مع العمليات التقنية الجارية». وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد كشفت الثلاثاء الماضي أن أرقام هواتف الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاء في حكومته كانت على قائمة الأرقام التي اختارها جهاز أمني مغربي يستعمل برمجيات «بيغاسوس» للتجسس بغرض القيام بقرصنة محتملة. وكانت منظمة «فوربيدن ستوريز» ومنظمة العفو الدولية قد حصلتا على قائمة تضم 50 ألف رقم هاتف اختيرت من قبل زبائن شركة « إن.أس. أو» الإسرائيلية منذ سنة 2016 بغرض القيام بعمليات تجسس محتملة، وقد أرسلت المنظمتان هذه القائمة ل 17 وسيلة إعلامية في دول غربية كبرى وتم الكشف عنها يوم الأحد الماضي. وعلى الرغم من إعلان المغرب قبل ثلاثة أيام اللجوء إلى القضاء للتحقيق في الاتهامات الموجهة إليه بشأن تورطه باستخدام برنامج بيغاسوس للتجسس لاستهداف شخصيات عامة وبارزة، إلا أن حملة التنديد الدولي بما لجأ إليه نظام المخزن ما تزال متواصلة، و الدعوات لإجراء تحقيقات محايدة في هذه الفضيحة التي زلزلت العالم مستمرة كذلك.