أظهرت إحصائيات رسمية أخيرة، أن الجزائر تحصي سنويا 50 ألف حالة إصابة جديدة بالسرطان، منها 14 ألفا خاصة بسرطان الثدي الذي يؤكد مختصون أنه أصبح يُسجل بصورة ملفتة وسط النساء اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة و حتى الفتيات، حيث يرجعون ذلك أساسا إلى نمط الحياة غير الصحي، خاصة ما تعلق بالغذاء غير المتوازن و قلة الحركة المؤدية إلى السمنة، و هو أمر يستدعي الحرص على الكشف المبكر الذي يخص حتى من تقل أعمارهن عن 20 سنة، و الذي يحمي من استئصال الثدي و من الوفاة. أعدّت الندوة: خيرة بن ودان * البروفيسور شافي بلقاسم أخصائي أمراض النساء التلوث البيئي يؤثر سلبا و هناك أغذية تُطهر خلايا الجسم ينصح المختص في أمراض النساء البروفيسور شافي بلقاسم، و هو من أوائل المبادرين بحملات أكتوبر الوردي بالجزائر، بضرورة التطهير المتواصل لخلايا الجسم من الأخطار التي تؤدي للإصابة بالسرطان، و هذا بتناول البروتينات و الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات "أ"، "ب"، "س" و "د" و الموجودة في الخضروات، خاصة الخضراء الغنية بالألياف، إلى جانب تفادي الإفراط في تناول الألبان و مشتقاتها و السكريات و الأغذية الغنية بالبروتينات بمختلف أنواعها. و شدد الطبيب على أهمية الرضاعة الطبيعية و بشكل صحيح، أي من خلال احترام عدد الرضعات اليومية على مدار 24 شهرا مما يخفض خطر الإصابة إلى ما بين 20 و 25 بالمائة، و يفسر المختص هذا الأمر بأن خروج الحليب من الثدي يُخلص الجسم من الجسيمات الدقيقة التي تعمل على تحويل الخلايا من عادية إلى سرطانية، و بالتالي فالمرأة غير المرضعة معرضة للإصابة بسرطان الثدي أكثر من غيرها. وأرجع محدثنا إصابة فتيات في مقتبل العمر بسرطان الثدي، إلى ارتفاع درجة التلوث البيئي و تغيير النظام الغذائي الذي لم يعد يرتكز على الطبخ التقليدي في البيت و تحضير الخبز بالاعتماد على طحين غير الفرينة البيضاء، و هذا ما أثر على الوضع الصحي للأفراد في المجتمع الجزائري الذي أصبحت السمنة أبرز مميزاته مع ارتفاع استهلاك السكريات و العجائن و غيرها، و هي مخاطر تؤدي إلى تحول الخلايا إلى سرطانية. و بالنسبة للسيدات اللواتي أجرين عملية استئصال للثدي، حذر الأخصائي من إجهاد اليد المرتبطة بالثدي المعني لأن القنوات اللمفاوية به تكون ممزقة، كما لا يجب وضع خاتم أو أي حلي حتى لا تؤثر مكوناته على الجسم، بينما يمكن ممارسة أنشطة وفق ما توصي به المنظمة العالمية للصحة بأن تقوم المرأة بحركات و تمرينات رياضية، خاصة المشي بمعدل 30 دقيقة يوميا. و أكد البروفيسور شافي، أن أهم طريقة للتحكم في سرطان الثدي هي الكشف المبكر الذي يساعد على العلاج و تفادي الاستئصال، كما يسمح بمنع انتشار الخلايا السرطانية في باقي أنحاء الجسم، وغير ذلك من الأمور التي يمكن للمرأة القيام بها بعد انتهاء مدة العادة الشهرية، و هنا نبه الطبيب بأنه يجب على المرأة مراقبة أي تغيير في الثدي على غرار نزول قطرات الدم التي تُعد دليلا على وجود ورم سرطاني، حيث يمثل هذا الوضع 4.5 بالمائة من أنواع سرطان الثدي، ليأتي بعده الألم على مستوى الثدي و الذي يشكل 7 بالمائة من الحالات المشخصة، حيث أنه يتواصل حتى بعد انقضاء مدة الحيض. و وجه محدثنا نداء لوسائل الإعلام بضرورة نشر الفكرة التي مفادها بأن السرطان مرض مثل غيره من الأمراض رغم خصوصيته، و بأن حالات الشفاء منه أصبحت ممكنة و مرتفعة و حتى علاجه تطور، مقدما مثالا عن سرطان عنق الرحم الذي يتم اكتشافه مبكرا فأصبحت 100 بالمائة من الحالات تُشفى و تعود لحياتها الطبيعية حتى أنها تستطيع أن تحمل أيضا. و استطرد البروفيسور شافي أن تواصل الكشف المبكر عن سرطان الثدي سيجعل من الممكن الوصول إلى نسب شفاء كبيرة جدا، مشيرا إلى أن المرأة غالبا ما ترهن وضعها الصحي بأطفالها، إذ تتحاشى زيارة الطبيب حتى لا تكتشف أنها مصابة بمرض ما و خاصة سرطان الثدي الذي يشعرها بأنها ستموت و تترك أولادها، أو أنها ستواصل حياتها دون القدرة على التكفل بالزوج و الأسرة و هو الشعور الغالب على الحالات رغم أنه خطأ، مثلما يؤكد المختص. * رئيسة مصلحة الأورام السرطانية البروفيسور بريكسي فائزة ثلثا المريضات يخضعن لاستئصال الثدي أوضحت البروفيسور بريكسي فائزة، رئيسة مصلحة الأورام السرطانية بمستشفى أول نوفمبر بوهران، أن ثلثي الحالات التي تعاينها تكون في وضع متقدم من المرض و بالتالي يجب الإسراع في استئصال الثدي و بداية العلاج الكيميائي ثم الإشعاعي، فيما تكون حالة بعضهن متقدمة جدا فلا يمكن إنقاذها وعليه يتم تقديم العلاج الدوائي فقط وكذلك التلطيفي. وركزت الطبيبة على أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي، يساعد في تقليص عمليات الاستئصال الكلي للثدي، والاقتصار على جزء فقط منه لنزع الورم، هذا ما يسمح للمريضة بإبقاء الإحساس بثديها خلافا للاستئصال الكلي الذي يدخِلها في دوامة من الحزن و الكآبة. و أضافت الدكتورة أنها تستقبل يوميا ما بين 15 إلى 20 حالة جديدة لسيدات مصابات بسرطان الثدي، حيث تتراوح أعمارهن غالبا بين 55 و 60 سنة، مؤكدة أنه ومنذ بداية السنة أحصت 90 حالة جديدة لغاية سبتمبر المنصرم فقط و ذلك بالمصلحة التي تشرف عليها، فيما كانت الحالات الجديدة تعادل 131 إصابة خلال سنة 2019 وفي 2020 وصلت إلى 108 حالات. من جانب آخر، ذكرت البروفيسور بريكسي أن توفر أجهزة العلاج الإشعاعي في الولايات الداخلية مثل سيدي بلعباس و سطيف و كذا المناطق الجنوبية مثل بشار و ورقلة، رفع الغبن عن الكثير من المريضات اللواتي يخضعن إلى استئصال الثدي، لكن تتعذر استفادتهن من العلاج لاستعمال المسرعات الخطية مما ينعكس على طول مدة الانتظار، منوهة بالمقابل باستحداث منصة رقمية تابعة لوزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات، حيث سهلت على المرضى الإتصال بالمراكز التي تتوفر على الأجهزة و الحصول على موعد في أقرب وقت و هذا دون تكبّد عناء التنقل إلا عندما يحين وقت العلاج.
* البروفيسور بوشريط الحسان رئيس مصلحة التوليد وأمراض النساء استأصلنا ورما من ثدي طفلة عمرها 12 سنة قال البروفيسور بوشريط الحسان رئيس مصلحة التوليد و أمراض النساء بمستشفى وهران، إنه أجرى عملية جراحية لطفلة تبلغ من العمر 12 سنة بعدما أصيبت بنوع من سرطانات الثدي يسمى "الورم اللمفاوي" أو "الفيلودي"، إذ تتكاثر خلاياه بسرعة و قد تتحول لسرطان. وأوضح البروفيسور أن الطفلة كانت تعاني من تضخم على مستوى الثديين، وتم نزع الورم وتقديم العلاج لها، موضحا أنه و رغم أن الإصابة بهذه الأورام للفئات العمرية الأقل من 20 سنة قليلة، إلا أنه يجب الإسراع في الفحص بمجرد تلمّس جسم غريب في الثدي، خصوصا أنه يمكن أن يكون حميدا وقد يتحول إلى سرطان إذا تم إهمال علاجه. و يتابع المختص أن الفتاة و حتى إن كانت في سن مبكرة، ينبغي أن تعي أهمية الفحص الطبي و عدم إهمال أي أمر غير اعتيادي في الجسم، منبها أن البداية المبكرة للعادة الشهرية في عمر أقل من 12 سنة، تنذر أيضا بعامل محفز للإصابة بسرطان الثدي و حتى بأورام أخرى في الجسم، و ينجم هذا، مثلما يبرز المتحدث، عن إفراط في إفراز الهرمونات يجب اكتشافه مبكرا و علاجه. وبهذا الخصوص، يؤكد البروفيسور بوشريط أن اكتشاف الإصابة في وقت مبكر، يعتبر أحسن بالنسبة للمريضات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 22 و 25 سنة، مضيفا أن النساء الجزائريات اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة، أصبحن يصبن بسرطان الثدي لعدة أسباب منها التلوث و كذلك النمط الغذائي الاستهلاكي الذي أصبح يعتمد على الأكل خارج البيت مع كل ما يحمله من سموم. و أبرز المتحدث، أن اكتشاف الفتاة لجسم غريب في الثدي يستلزم إخضاعها للكشف بالأشعة "إيكوغرافي" ثم القيام بتحليل عينة من الخلايا حتى يتم التأكد إن كانت مصابة بالسرطان أو بورم حميد، أما المرأة التي توجد في محيطها العائلي حالات لسرطان الثدي، فيجب إخضاعها لكشوفات أعمق لأن احتمال الإصابة بهذا المرض الخبيث يكون كبيرا. و أشار البروفيسور بوشريط، إلى أنه يمكن إزالة الورم بعملية جراحية و إعادة ترميم الثدي حتى يظهر مثلما كان عليه في الحالة العادية إذا كان طول هذا الورم لا يتعدى 3 سنتيمترات، لكن أغلب النساء لا يكتشفن الإصابة إلا عندما يكون طوله أكبر، و في هذه الحالة يتم استئصال الثدي نهائيا أو الاكتفاء بالعلاج التلطيفي في الحالات المتقدمة جدا. * البروفيسور لعرباوي بلاحة رئيس مصلحة الأورام السرطانية 5 بالمئة من حالات الإصابة سببها وراثي أبرز البروفيسور لعرباوي بلاحة رئيس مصلحة الأورام السرطانية للكبار بمركز مكافحة السرطان بمسرغين في وهران، أن الإصابة بسرطان الثدي في الدول الغربية تظهر عموما بعد عمر 60 سنة، أما في بلدان شمال إفريقيا و منها الجزائر فيظهر هذا الداء في سن مبكر و يكون عند الأقل من 40 سنة و لكن بنسبة قليلة. و أكد المختص أنه لم يتم بعد تحديد عوامل معينة للإصابة بسرطان الثدي، خلافا لأنواع أخرى من السرطان، لكن يمكن القول، مثلما يتابع، إن 5 بالمائة من الحالات سببها وراثي و لكن تبقى العوامل الأخرى نسبية و منها السمنة، النظام الغذائي، التلوث البيئي و غيرها. ودعا البروفيسور، السيدات اللواتي أجرين عمليات استئصال للثدي بسبب السرطان، إلى استرجاع حياتهن الطبيعية خاصة بعد استكمال المسار العلاجي و نسيان الإصابة و مضاعفات العلاج. و يضيف المختص أنه لا مانع من عودة السيدة العاملة لأداء مهامها و ممارسة يومياتها بشكل عادي، و حتى الأسريّة منها، لكن مع الحرص على عدم إجهاد اليد التي أجريت على مستواها العملية و استعمالها بعقلانية. و هنا ذكر المتحدث أن عدة حالات سبق له الإشراف عليها، خضعن لعمليات استئصال الثدي و تابعن مسيرة العلاج على مدار عامين و بعدها استرجعن حياتهن الطبيعية و أنجبن بشكل عادي، منتقدا في الوقت نفسه، السيدات اللواتي يشعرن بنهاية الحياة بعد الاستئصال، رغم أن الأمر يتعلق ببداية جديدة لكن بطريقة مغايرة يجب استغلالها بإيجابية. و يشدد البروفيسور لعرباوي على أن الشفاء من سرطان الثدي ممكن و بدرجة كبيرة، إذا قامت المرأة بالكشف المبكر و مباشرة الفحص الطبي إن وجدت جسما غريبا على مستوى الثدي، فالورم الذي حجمه 1 سنتيمر يضم خلايا سرطانية تتضاعف كلما تهاونت المرأة في مباشرة العلاج. و أضاف رئيس المصلحة أن مسار العلاج بعد الجراحة ينقسم إلى عدة أنواع حسب الحالة و يرتكز على العلاج بالأشعة، الكيميائي أو الهرموني، و غالبا ما يكون الكيميائي موجها للسيدات اللواتي لم تنقطع عنهن العادة الشهرية، أما اللواتي دخلن سن اليأس و غاب عنهن الحيض فيكون العلاج بالهرمونات هو الأنسب. و أكد البروفيسور لعرباوي أن كورونا لم تمنع النساء من الكشف المبكر و استعجال العلاج، و هذا بفضل الوعي الكبير بخطورة التهاون في التكفل الطبي بحالتهن خاصة و أن الأنترنت أيضا وفر لهن معلومات في هذا الإطار، و عليه فلم يتغير الوضع منذ بداية الجائحة، مشيرا إلى أنه على مستوى مصلحة الأورام السرطانية للكبار بمركز مسرغين، لم يتوقف استقبال الحالات و لا العلاج، لكن يجب إجراء التحاليل للتأكد من عدم الإصابة بفيروس "كوفيد 19". وأشاد البروفيسور لعرباوي بالخدمات المقدمة للمصابين بالسرطان على مستوى مركز الأمير عبد القادر بوهران، حيث قال إنه المركز الوحيد وطنيا الذي يوفر للمرضى كل التحاليل البيولوجية الخاصة بهم مجانا، و هذا على مستوى مخبر المصلحة الذي يتوفر على كل الأجهزة المطلوبة بينما يقتصر التعامل مع الخواص على الأشعة. و أضاف المتحدث أن بعض المراكز ساهمت في خفض ثمن الأشعة لفائدة مرضى السرطان لدى الخواص، وفي بعض الأحيان تُجرى للمعوزين مجانا، و هذا بفضل تدخل المساعدة الاجتماعية التي تعرض الحالات على الخواص و تتفاوض معهم لتمكين ذوي الدخل الضعيف من الخضوع للأشعة المطلوبة في المسار العلاجي. و نوّه البروفيسور أيضا بوفرة الأدوية التي يتم جلبها من فرع الصيدلية المركزية بوهران، خلافا لما كان يجري سابقا بالتنقل للعاصمة، و هذا ما يسهل التكفل الجيد بالمريض، حيث تتوفر المصلحة على 44 سريرا و 20 أريكة في الاستشفاء اليومي، بالإضافة لقسم الاستعجالات الذي يستقبل المرضى في كل وقت. * المختصة النفسانية بسعيد حنينة اكتئاب المريضة يحفز تكاثر الخلايا السرطانية أوضحت المختصة النفسانية بسعيد حنينة، أن دخول المرأة في حالة كآبة عند اكتشافها الإصابة بسرطان الثدي، يؤدي إلى مضاعفة سرعة انشطار الخلايا السرطانية، مؤكدة أنها لاحظت خلال التشخيص النفسي لبعض الحالات التي قامت بمتابعتها، أن معظم المصابات يعانين من الاكتئاب و المشاكل النفسية. و تبرز النفسانية أن الملاحظ هو أن هناك علاقة بين مرض سرطان الثدي و التوتر النفسي خاصة الكآبة، حيث أن زيادة نسبة بعض الهرمونات في الجسم تؤدي إلى زيادة انقسام الخلايا وبالتالي النمو غير الطبيعي للخلايا المسببة للأمراض السرطانية. وتضيف المتحدثة أن المصابة بسرطان الثدي تتعرض للضغط النفسي و تصبح "فريسة سهلة" لأي مرض فيروسي، حيث تكون ضعيفة في مقاومة الداء بالنظر أيضا لهاجس الخوف من عدم الشفاء و الاستسلام الذي ينتابها، في حين أن الضغط النفسي الشديد قد يؤدي إلى نقص المناعة مما يضع المريضة في حالة حرجة و تطور سريع للداء. و أشارت المتحدثة، إلى أن محيط المصابة بسرطان الثدي يؤثر على نفسيتها خاصة إذا تواصلت مع سيدات تشترك معهن في نفس الظروف و المعاناة، و هو ما يحول دون تقدم أو تحسن الحالة الصحية مما يحملها إلى اليأس، و بالمقابل، هناك بعض الحالات التي تماثلت للشفاء بسبب الدعم النفسي و الاجتماعي من طرف محيطها، خاصة الأسري، و هذا، مثلما تبرز النفسانية، يعتبر نتيجة علاقة واضحة بين ما تتلقاه المريضة من حب و طمأنة و إظهار لأهميتها ومكانتها داخل الأسرة. ويجب أيضا حسب المختصة النفسية، أن تكون العلاقة بين المريض و الطبيب و فريق التمريض حسنة، كي تساهم في مساعدة المريضة على المقاومة و الاستجابة للعلاج خاصة الفيزيائي ومنع حدوث انتكاسة صحية.