أكد الدكتور الحاج مكراشي جراح بالمؤسسة الإستشفائية بقصر البخاري ولاية المدية، في حديث خص به يومية ''الحوار'' حول الانتشار المذهل لسرطان الثدي بالجزائر بعد الإحصائيات الرسمية التي أكدت تضاعف عدد الإصابات ب5 مرات في أقل من عشرين سنة، حيث أكد أن هذا المرض بالذات يعد الأول في قائمة السرطانات في البلاد ب 9 آلاف حالة جديدة سنويا ضمن قرابة 40 ألف حالة جديدة، داعيا جميع النساء اللواتي يتراوح سنهن ما بين 40 إلى 45 سنة فما فوق، إلى ضرورة إجراء الفحص المبكر عن سرطان الثدي، مرة كل سنتين، لأجل التمكن من علاجه في الوقت المناسب. الدكتور الحاج مكراشي كجراح وعضو منسق بجمعية المرضى المصابين بالسرطان ''البدر ''،هل تعتقدون أن حملة التوعية الخاصة بشهر سرطان الثدي آتت أكلها؟ نعم هناك ايجابيات لهذه الحملات التحسيسية، حيث عرفت العديد من العيادات المتخصصة للكشف عن سرطان الثدي، درجة إقبال كبيرة خلال شهر أكتوبر، خاصة بعد الحملة التضامنية الواسعة، التي بادرت إليها جمعية ''البدر'' بالتنسيق مع لجمعية الجزائرية للتصوير بالأشعة الطبية بالبليدة، لفائدة النساء اللائي بلغن سن الأربعين، لتحسيسهن بأهمية إجراء الأشعة الخاصة بسرطان الثدي، والتي تسمح باكتشاف المرض مبكرا في حالة وجوده، خاصة بعد أن عمدت المراكز الخاصة إلى تخفيض أسعارها، خلال هذا الشهر الذي يعد شهر محاربة سرطان الثدي. هل تلقيتم استحسانا من قبل السيدات على هذه الحملة؟ بالفعل لقيت هذه المبادرة استحسانا كبيرا من قبل السيدات الجزائريات، حيث أن بعضهن أبدين لنا رغبتهن في بقاء الحملة متواصلة على مدار السنة، خصوصا وان الأسعار الخاصة بالفحص قبل تخفيضها خلال الشهر الجاري، لا تناسب كثيرا من السيدات سيما المنتميات إلى طبقات بسيطة أو فقيرة، ما يجعلهن الأكثر عرضة لخطر الفتك بهن من طرف هذا المرض القاتل. هل تملك الجزائر في المجال الطبي دليلا إرشاديا ومعلوماتيا حول السرطان يسهم في توعية السيدات؟ الجزائر لا تملك دليل إرشادات ومعلومات في مجال الإعلام الطبي، حول سرطان الثدي ،ونظرا لهذا الانعدام مقارنة بدول العربية والأوربية، ارتأت جمعية مساعدة المرضى المصابين بالسرطان '' البدر ''، تحت إشراف أطباء مختصين في مجال السرطان من ذوي، الكفاءة المهنية والعالية في هذا المجال، بكل من مركز مكافحة السرطان بالبليدة، ومركز بياروماري كوري بالجزائر، على تأليف دليل إرشادي يضم 100 سؤال وجواب، لمساعدة المريضات المصابات بسرطان الثدي وأقاربهن، هذا الأخير قد يتلاءم والوضعية الاجتماعية للمريضات، ينطلق ويرتكز على مبررات علمية محضة وآنية تسمح للمريضة على فهم الداء، فهما معمقا ومسبقا لتتجنب وتتفادى الآلام النفسية والجسدية. ما هو الدافع وراء مبادرة الجمعية في إخراج هذا الدليل؟ نظرا للتخوفات و الأسئلة المطروحة والمتكررة من طرف المريضات التي نستقبلها عبر جمعيتنا وعبر المستشفيات، متى ظهر عندي السرطان؟ ما هو مرض السرطان الثدي؟ هل يعني أنه يساوي الموت؟، هذا الدليل عملنا على توجيهه خصيصا إليهن، لاحتمال تعرضهن للإصابة بسرطان الثدي و إلى عموم الناس، لأن سرطان الثدي في السابق كغيره من السرطانات، ضل مرضا غير مستوعب تماما، كان معناه الموت ويقضي على غالبية المصابات به، وعلى ضوء التطورات العلمية تم الفهم الجيد لسرطان الثدي ومن ثم تم تحسين عملية التشخيص والعلاج حاليا، بفضل التشخيص المبكر والتطور المسجل في العلاج، نسبة الناجيات من المرض في تزايد ومنهن في تماثلن للشفاء نهائيا. ما هو المفهوم الطبي لسرطان الثدي؟ وكيف ومتى يصيب المرأة؟ يعتبر سرطان الثدي من أكثر الأنواع السرطان شيوعا لدى النساء، إلا أن هذا الأخير لا يصيب الرجال إلا نادرا بمعدل رجل واحد مقابل 200 امرأة، فهو عبارة عن خلية، و هي الوحدة الأساسية للحياة، وبفضله تستبدل الخلايا الميتة وتلتئم الجراح، لكل نوع من الخلايا دورة خلوية مبرمجة ومراقبة (النمو والموت ). والسرطان هو مرض الخلية، وبالتالي فالخلية السرطانية تهرب من كل رقابة، وتبدأ في الانقسام والتكاثر بطريقة غير منتظمة، حيث تشكل كتلة تسمى بالورم الخبيث، هذا الأخير يتكون في الثدي ويعد من أكثر السرطانات شيوعا عند المرأة، حيث يصيب المرأة خلال مختلف مراحل حياتها وخاصة باقترابها من سن ,55 وفي الجزائر 0009 حالة سرطان ثدي جديدة تكشف عند المرأة الجزائرية سنويا. هل هناك نوع واحد أم عدة أنواع لسرطان الثدي؟ في الحقيقة هناك عدة أنواع لسرطان الثدي وبمراحل مختلفة، والأكثر شيوعا والتي تصل نسبته المئوية إلى 95 بالمائة، يتطور ابتداء من خلايا القنوات والفصوص، ويمكن أن يكون موضعيا غازيا أو انبثاثيا، كما ينتقل إلى العقد اللمفاوية خاصة منها الغدد اللمفاوية الابطية أو بعيدا في أنحاء الجسم، وكل النساء المصابات بسرطان الثدي، ليس لديهن نفس السرطان، وبالتالي لا يخضعن لنفس العلاج. وفيما يخص الإجابة عن الشق الثاني من السؤال، حول درجة الخطورة فسرطان الثدي كغيره من السرطانات، هو مرض خطير لكن هذا لا يعني أنها ستموت، وكل شيء يتعلق بالمرحلة التي تم فيها التشخيص وكيفية العلاج، وإذا شخص المرض مبكرا يمكن الشفاء التام منه. عندما يكون المرض في مراحل متقدمة فهناك تطور مستمر في طرق العلاج يمكن من احتواء المرض نسبة الموت بسرطان الثدي في انخفاض مستمر منذ قرابة ال 20 سنة. هل كل ورم في الثدي هو سرطان؟ لحسن الحظ لا، ظهور كرية ألم أو التهاب ليس بالضرورة سرطان، قد تكون إصابات أو أورام حميدة للثدي ليس إلا ، كما أن الإحساس بالآلام بإمكانه مرافقة العادة الشهرية أحيانا. وعن أسباب تشكيل ورم سرطان الثدي، على الرغم كل التطورات التي سمحت بمعرفة ميكانيزمات تطور السرطان، إلا أن الأسباب تظل إلى غاية الآن مبهمة، غير أن الدراسات الوبائية لهذا المرض سمحت بالكشف عن العوامل الخطرة التي تساهم في حدوث هذا الداء فقط لا غير، وهو ما ندعو إليه في هذا الشأن من توجه كل السيدات إلى مختلف المراكز العلاجية، والاستشفائية والعيادات الطبية، لإجراء الفحص والكشف عنه. هل اكتشفتم حالات مرضية لسيدات خلال الشهر التحسيسي والتوعوي للداء؟ بصفتي كمختص في الجراحة العامة لقد أجريت ثلاث عمليات لسيدات أصبن بسرطان الثدي، حالتان تم اكتشافها يوم الأربعاء الفارط، بمدينة قصر البخاري بولاية المدية، وأنا من قمت بإخضاعهما إلى عملية جراحية، فالسيدة الأولى تبلغ من العمر 75 سنة، والحالة الثانية يبلغ سنها 55 سنة، أما الحالة الثالثة فقد أجريت لها عملية جراحية في شهر جويلية الفارط وسنها 41 سنة. هل عملية استئصال الورم كافية للشفاء من هذا الداء؟ أم أن العلاج الإشعاعي أو الكيميائي ضروري؟ سبق وأن قلت كلما كان التشخيص مبكرا كلما كان العلاج أنجع، وكل مريضة وكيفية علاجها لهذا الداء، يمكن العملية الجراحية كافية للشفاء من الداء، وخصوصا للمريضات اللاتي اكتشفت الداء مبكرا، كما يمكن أن تكمل العملية بإخضاع إلى العلاج الإشعاعي أو الكيمائي أو الهرموني، وخاصة لمن لم يكتشفن وجوده إلا في مراحله النهائية، وهنا بعد الجراحة هناك بعض الأماكن التي لا يراها الجراح، ولا تظهر في صور الأشعة ربما ستكون مصدر ظهور المرض مرة ثانية في منطقة الثدي المنزوع، لذلك لا بد من علاج هذه الأماكن بالأشعة، وفي اغلب الأحيان يجب إتباع الجراحة بالعلاج بالأشعة، خاصة في حالة عدم الاستئصال الكلي للثدي، وهو نفس الحال مع العلاج الكيميائي ووقت إجرائه يكون عادة من 4 إلى 8 أسابيع بعد الجراحة، حيث يؤثر على الخلية السرطانية الموجودة، داخل الورم السرطاني وفي باقي أنحاء الجسم يعمل على تهديمها وقتلها، والعلاج الهرموني يقوم بمنع عمل الهرمون الأنثوي على الخلايا السرطانية حتى يحدد أو يبطئ نموها، ويكون هذا الداء مع الجراحة والعلاج بالأشعة أو العلاج الكيميائي. هل هناك حالات عالجتموها وشفيت تماما من هذا الداء؟ بالفعل هناك حالة اكتشفت أنها مصابة بداء سرطان الثدي بعد عامين من إخضاعها إلى التشخيص الماموغرافي، أخضعت إلى عملية جراحة واستئصال الورم السرطاني ، مكملة العملية الجراحية بالعلاج الكيمائي، اكتشافها للمرض كان في سنة ,1996 وخضعت إلى العملية سنة ,2001وهي الآن بصحة جيدة عادة لمزاولة عملها في مؤسسة عمومية، كما وأنها لم تصب به إطلاقا فالعلاج بيد الله عزى وجل. هل ينتقل السرطان من ثدي إلى آخر، إذا لم تكتشفه المرأة مبكرا؟ و هل هو داء وراثي؟ يمكن أن ينتقل السرطان من ثدي إلى آخر، فهناك حالات لم يكتشفنه، انتشر في كامل جسمها حتى انه وصل إلى العظام ، ويكون وراثيا بنسبة 5 بالمائة، والطفرات تورث عن طريق احد الوالدين، وفيما يخص الحالات التي تم استئصال الثدي كليا فأغلبية السيدات الجزائريات تم استئصالهن الكلي للثدي وفئة قليلة بقيت بدون استئصال. بعد استئصال الثدي هل يمكن إعادة تشكيل ثدي آخر اصطناعي؟ هل قمتم بعمليات جراحية وتجميلية من هذا القبيل في الجزائر؟ الثدي هو رمز أساسي للأنوثة، وفقدانه يخلف اثر مهما على نفسية المريضة، على عائلتها، مجتمعها، عملها، ونحن كأطباء قد عرضنا على العديد من الحالات حلا لإعادة بناء ثديها وفق وسيلتين متاحتين، فالأولى إعادة ترقيع جراحية لخلق توازن في هيئة الثدي، بوضع جهاز داخلي تحت الجلد، أو باستعمال قطع للأنسجة أو العضلات، فمستشفى مصطفى باشا قد باشر بمثل هذه العمليات التجميلية، أما الحل الثاني فقد اقترحنا على بعضهن شراء جهاز تبديل للثدي الخارجي، وهو موجود بكل الصيدليات، حيث يوجد بأحجام مختلفة دعامات ثدي، مناسبة لهذه الأجهزة الضرورية. هل يمكن الشفاء التام من سرطان الثدي بعد اجتياز عتبة ال5 سنوات، هل هناك حظوظ أوفر للنجاة؟ نعم، لكن عودة ظهوره غير مستبعدة، علينا مراقبة مؤشرات المعاودة كالانتفاخ أو الم وغيرها، وبعد اجتياز عتبة ال5 سنوات، إن كان هناك حظوظ أوفر للنجاة، نعم يوجد هناك حظوظ، لان جل الانتكاسات تحصل خلال السنوات ال 3 الأولى، غير انه توجد انتكاسات بعد ال 5 سنوات ولكن بصفة نادرة. هل الاضطرابات النفسية عند إعلان المرض طبيعية، هل العلاج النفساني المتخصص ضروري؟ غالبا وبشكل جلي، إعلان المرض يصطحب باضطرابات عند المريضة وذويها. الاضطرابات تكون حاضرة في البداية وتتلاشى شيئا فشيئا فيما بعد، في هذه الحالات تكشف القدرات الإنسانية على التأقلم ، والعلاج النفسي ضروري ومهم دائما، ولابد من لجوء المريضات لاختصاصي للنصح، وخاصة لما يغيب الدعم العائلي والاجتماعي. ما المطلوب من الزوج؟ وماذا يمكن أن تقدم العائلة، الأصدقاء والأقارب للمريضة؟ تعامل الزوج مهم من اجل تحسن حالة المريضة، وكذا التوازن العائلي خلال فترة العلاج، فالمرض يوطد غالبا علاقة الزوجين، وجود الزوج ومدى جاهزيته إلى جانب زوجته لا يمكن تعويضها، وهذا بإلقاء الكلمات والتعامل بشكل لائق في جميع مراحل العلاج لتجنب تعريض الزوجين إلى الخطر، وحتى العائلة، الأقارب، الأصدقاء لهم دور معنوي، وكذا الإعانات الممكن تقديمها ومواكبة المريضة خلال العلاج كشراء الأدوية، الإعانة في أمور البيت وغيرها.