شرعت بحر هذا الأسبوع، مصالح محافظة الغابات لولاية باتنة، في أول تجربة لغرس 80 شتلة من شجرة أيوال «أو العرعار البخوري»، بإقليم ثنية العابد وذلك بعد ثلاث سنوات من التحضير والتجارب لغرس هذه الشجرة النادرة التي لاتنمو إلا ببعض المرتفعات بجبال الأوراس، وتُعرف الشجرة محليا بالشاوية « أيوال» أو «أزنزنة»، ويطلق عليها الاسم العلمي juneperus thurifera. ، و تعد شجرة العرعار البخوري من الأصناف الأصيلة غير المزروعة المحمية بموجب مرسوم تنفيذي، وهي تواجه خطر الانقراض، ولأيوال الشجرة التي هي رمز للصمود، خصائص تميزها عن باقي الأصناف النباتية حيث تنبعث منها برودة منعشة بظلها في فصل الصيف، ويُرجح على أن نموها مرتبط بطائر الدغناش الوردي. تواجه شجرة العرعار البخوري التي ينحصر تواجدها على المستوى الوطني ببعض المناطق بجبال الأوراس بباتنة، خطر الانقراض، فتواجدها ينحصر بمرتفعات الجنوب الشرقي لولاية باتنة، على غرار منطقة عين البيضاء ببلدية تكوت، وحوز الزانة ببلدية وادي الطاقة، والوادي الأصفر والمحمل وبعلي ببلدية ثنية العابد، والزقاق بين لارباع وبوزينة، وأريس وإشمول وتصنف شجرة العرعار البخوري، أو أيوال حسب محافظة الغابات من الأنواع المحمية بموجب المرسوم التنفيذي رقم 12-03 المؤرخ في السادس جانفي من عام 2012 وأيوال من الأنواع النباتية المحمية غير المزروعة، ولشجرة العرعار البخوري خصائص تميزها عن باقي الأصناف، فهي شجرة أصيلة بشمال إفريقيا، وناهيك عن اقتصار نموها بالجزائر على مرتفعات الأوراس، فإن خبراء حسب محافظة الغابات لولاية باتنة، ذهبوا إلى أن الصنف الجزائري المتواجد بالأوراس، يختلف جينيا عن الأصناف الموجودة بالمغرب وتونس، وعن التي تتواجد أيضا بجنوب أوروبا المطلة على الحوض المتوسط بجبال الألب بفرنسا وإسبانيا، وهي المناطق التي ينحصر تواجد صنف العرعار البخوري بها، ما يبقي فرضية تميز شجرة العرعار البخوري المتواجدة بالجزائر عن الأنواع الأخرى. وتنمو شجرة أيوال المتواجدة بجبال الأوراس، بالمرتفعات التي يتراوح علوها بين 1300 و2050 مترا عن سطح البحر، والملاحظ أن تواجدها أيضا في المناطق شبه الجافة ذات البرودة الشديدة التي تعرف انخفاضا قياسيا لدرجة الحرارة خلال فصل الشتاء، وأيوال شجرة دائمة الاخضرار ذات أوراق إبرية، تعرف على أنها شجرة صامدة ومقاومة لمختلف العوامل الطبيعية، كما إنها شجرة معمرة يتجاوز عمرها خمسة قرون، ويصل قطرها حتى المترين وتترامى بأوراقها حد 16 مترا. ارتباط نمو «أزنزنة» بطير اختفى عن الأنظار يتداول محليا منذ القديم أن نمو شجرة أيوال مرتبط بدورة حياتية مع طائر اختفى في السنوات الأخيرة عن الأنظار، حيث يربط سكان المناطق التي تتواجد بها شجرة أيوال بالأوراس، وكذا العارفين بالمنطقة، تجدد نمو الشجرة بطائر يعرف بالدغناش وردي الجناحين، أو كما يعرف بالشاوية «مكثب أزقاغ نيذورار» « Roselin à ailes roses «، وهو طائر يعيش بالأوراس يصل طوله ل 15 سم ويتداول على أن بذرة شجرة أيوال يتغذى عليها طائر الدغناش، وبعد أن تمر بجهازه الهضمي ويطرحها خارجا تنمو مجددا شجرة أيوال من خلال هذه الدورة البيولوجية، وأكد بهذا الخصوص محافظ الغابات لولاية باتنة عبد المؤمن بولزازن فرضيات ترجح هذه الدورة الحياتية مضيفا بأن خطر الانقراض قد يرجع لاختفاء الطائر منذ سنوات. وتتميز شجرة أيوال التي قد نصادفها في أماكن عارية من الغطاء الغابي جنوب ولاية باتنة، بصمودها وسط العوامل الطبيعية القاسية مثل الجفاف وخلال فصل الصيف، فإنها تطلق في ظلها برودة طبيعية حتى أن رعاة الأغنام يستأنسون تحت ظلها، وتجد الماشية تحتمي بظلها من لفح درجة الحرارة المرتفعة وفي القدم تمارس طقوس تبركية بها، لخصائصها المميزة التي تنفرد بها، وباعتبارها موروثا طبيعيا فريدا بمنطقة الأوراس ظلت تعمر لقرون من الزمن. وسجلت محافظة الغابات لولاية باتنة تجددا طبيعيا لبعض الشجيرات في السنوات القليلة الماضية، وبالموازاة مع ذلك عمدت المحافظة إلى إنشاء بنك لبذور هذه الشجرة بمبادرة من الإطار السابق المتقاعد بمصلحة النباتات والحيوانات عثمان بريكي للمحافظة عليها كإرث، وفي الوقت نفسه شرعت مقاطعة إقليم الغابات لثنية العابد في تجربة لغرس هذه الشجرة، وهي التجربة التي لقيت حسب محافظ الغابات تجاوبا بعد نمو شتلات في بيوت بلاستيكية، وقال ذات المسؤول بأن العملية تظل تحت المراقبة بعد تحويل الشتلات إلى مكان نمو العرعار البخوري بعد اختيار منطقة ماثيل بثنية العابد لغرسها. وبالنسبة لما يتداول عن دورة نمو شجرة أيوال عبر فضلات طائر الدغناش فقد أكد محافظ الغابات بأنها فرضية علمية قائمة، خاصة بعد اختفاء طائر الدغناش وردي الجناحين، ما يعزز تراجع نمو شجرة أيوال واعتبر بأن شجرة أيوال تبقى مهددة بالزوال كونها شجرة أصيلة لم تكن تزرع في انتظار نجاح أول تجربة بادرت إليها محافظة الغابات. ياسين عبوبو حوار رئيس المجلس الوطني المهني لتربية الإبل للنصر الإبل الجزائرية لم تتعرض للتهجين لكنها في طريق الزوال أكد رئيس المجلس الوطني المهني لتربية الإبل،عبد القادر طويسات، في حديثه للنصر، أن آخر إحصاء قام به المجلس سنة 2019 ،عبر 20 ولاية تنتشر بها هذه الشعبة، كشف عن تراجع كبير لهذه الثروة الحيوانية ببلادنا، فبعد أن كانت تقدر بالملايين بعد الاستقلال، لا تتخطى اليوم نصف مليون رأس، و هذا مؤشر خطير بأن الإبل في طريقها للزوال بالجزائر. و أعرب المتحدث عن أسفه لتعثر مشروع الخارطة الرقمية لإحصاء الإبل و حمايتها من المخاطر، وهو المشروع الذي من شأنه إعطاء دفع حقيقي لهذه الشعبة و تطويرها، و دعم الموالين، و يدعو المتحدث لاستغلالها اقتصاديا، بالنظر إلى خاصية الإبل الجزائرية، الوحيدة في العالم التي لم تهجن. . النصر: ما هو دور المجلس في حماية الإبل كثروة حيوانية ؟ عبد القادر طويسات: المجلس الأعلى المهني لمربي الإبل تأسس سنة 2019 بمبادرة من وزارة الفلاحة، تهدف إلى تثمين و ترقية شعبة الإبل في الجزائر، و مرافقة المربين و أصحاب مؤسسات اللحوم و الحليب و الجلود، و عددها حاليا 18 مؤسسة في الجنوب، إلى جانب مهام أخرى، و أهداف مسطرة على المدى القريب و المتوسط. . هل هناك إحصاء للإبل في الجزائر؟ باشرنا في وقت مضى مع وزارة الفلاحة في تطبيق مشروع الخارطة الرقمية لشعبة الإبل، حيث تمت إضافة أربع ولايات جديدة إلى 16 ولاية، تنتشر فيها هذه الشعبة، و تقوم هذه الخارطة بإحصاء عدد المربين، و عدد الإبل عن طريق تقنية تحديد الموقع" جي بي س"، الذي يوضع في شكل إشارة ضوئية يحملها الجمل، من خلالها يمكن تحديد موقعه، و معرفة مناطق الخطر، من أجل توفير الحماية لها، لكن للأسف هذا المشروع الذي انطلق في أكثر من ولاية توقف، لذلك قرر المجلس الوطني المهني لتربية الإبل استكمال الإحصاء بالطريقة الكلاسيكية، أي عن طريق المعاينة من خلال خرجات ميدانية للجان ولائية عند المربين، و قد انتهت العملية السنة الفارطة، و بلغ العدد الإجمالي للإبل في 20 ولاية، 500 ألف جمل، منها 360 ألف ناقة منتجة، 140 ألف مخلول و حاشي و بكرة و هي الناقة التي توقفت عن الولادة، و فحل وهو ذكر القطيع، و هذه الأرقام تدل على تراجع كبير في الثروة التي كانت تزخر بها الجزائر، بعد الاستقلال و التي كانت تقدر بالملايين. هذه المخاطر تهدد حياة الإبل في الصحراء .هل يعني ذلك أن الإبل في الجزائر مهددة بالزوال؟ للأسف هناك مؤشر خطير لاحتمال انقراض الإبل في الجزائر ، لعدة أسباب، منها الطبيعية في مقدمتها الجفاف و نقص المياه و المراعي، و منها البشرية مثل حوادث المرور التي تقضي على الكثير من الإبل في الطرقات، حيث كان من بين أهداف مشروع الرقمنة، تحديد مناطق الخطر لحماية الإبل من حوادث المرور، إضافة إلى خطر الفضلات البترولية، خاصة بحاسي مسعود و حاسي الرمل، إذ تعمد الشركات هناك، إلى استخراج ما يعرف ب "البراين" و رميها بالقرب من الآبار. للأسف الإبل تقتات عليها و أحيانا تشرب منها، ما يتسبب في تسممها و موتها. و قد راسل المجلس الوطني لتربية الإبل الهيئات العليا للبلاد، من أجل التدخل و وضع حد لهذه التجاوزات التي تهدد مأكل و مشرب الإبل، لكن دون جدوى، كما لاحظنا عزوف الموالين عن هذه الشعبة، بسبب الكثير من العراقيل. . ماذا عن ظاهرة تهريب الإبل، و كذا استخدامها كوسيلة للتهريب من قبل الشبكات الإجرامية؟ لحسن الحظ أن هذه الظاهرة غير منتشرة كثيرا في الجزائر، مقارنة بما هي عليه في الكثير من الدول الإفريقية، التي تنتشر بها حالات تهريب الإبل، التي تستخدم في الكثير من المجالات، و تسيل لعاب أصحاب كبرى مصانع مواد التجميل ، و مصانع الجلود، و حتى الأدوية. اختلالات بيئية يخلفها تراجع الإبل في الصحراء . ما هي خصوصية الإبل الجزائرية؟ رغم الإهمال و التقصير في ارتقاء و تطوير شعبة تربية الإبل في الجزائر، ما أدى إلى تراجع أعدادها بشكل كبير، إلا أن الإبل الجزائرية، مقارنة بكل دول العالم، طبيعية لا تزال تحافظ على سلالتها الأم و نسبها الحقيقي، لأنها نجت من عمليات التهجين، وهي طريقة منتهجة عبر العالم، و تسببت في الكثير من الدول التي يعيش بها الجمل إلى هشاشة السلالات، فأصبحت أجسامها ضعيفة و مهددة بالأمراض و الأوبئة، أما السلالة الجزائرية، فهي تتميز ببنيتها القوية، و مقاومتها للأمراض، من خلال نظامها الداخلي، و كذا طبيعة المرعى و الأعشاب التي تعتبر مضادات حيوية للكثير من الأمراض. كما أن لها قدرة فائقة في التعرف على الأماكن و العودة إليها، لذا فان تربيتها سهلة جدا في الصحراء الواسعة، فهي تذهب للمرعى و تعود بمفردها، دون أن تتيه وسط الصحراء. و يجب ألا ننسى أن الإبل ساهمت كثيرا إبان الثورة التحريرية، في نجاح المقاومة في الصحراء، و شاركت في 17 معركة، تغلب الجزائريون فيها على المحتل، و بفضل خاصية تعرف الإبل على الأماكن، كان الثوار يستخدمونها لنقل المؤن و جلب الأسلحة من الحدود، و بعد أن اكتشف المستعمر ذلك أباد المئات منها. . كيف يمكن للجزائر أن تستغل هذه الثروة اقتصاديا ؟ للأسف هذه الثروة الحيوانية غير مستغلة اقتصاديا، رغم الفوائد الموجودة في الحليب و الوبر و حتى الشحوم الموجودة في جسم الجمل. و إذا استثمرت هذه الثروة فستعود بفائدة كبيرة على الاقتصاد الوطني، فمثلا حليب الإبل الجزائرية، كما بينت تحاليل مخابر أوروبية، غني بالمضادات و الفيتامينات، و يمكن استخدامه في الجانب العلاجي من قبل المخابر المحلية، إذ يقتصر استخدامه حاليا على الطرق البدائية فقط. أما لحم الإبل الجزائرية فهي غنية بمادة " الكولاجين"، التي تساعد على استرجاع خلايا البشرة لشبابها، وهي مادة باهظة الثمن و تستخدمها أكبر شركات و مصانع مواد التجميل. كما أن تناول لحم الإبل مفيد جدا للجسم، فهو خال من الكوليسترول، و يحمي من أمراض معوية و معدية و مقوي لمناعة الأطفال، كما أن وبره صالح لصناعة الملابس و الأحذية و الحقائب ذات النوعية الجيدة. . هل زوال هذه الثروة سيؤثر على التوازن البيئي في الصحراء؟ لاشك أن للإبل دور في الحفاظ على التوازن البيئي في الصحراء، فمثلا عندما يرعى الأعشاب الصحراوية، فإن اللعاب الموجود في أفواهها يساعد على تجديد نمو الأشجار و الأغصان، فهي بمثابة تقليم طبيعي مفيد، لزيادة المراعي، و نظرا لنقص عددها حاليا، فإن الكثير من المساحات الرعوية لم تتجدد و تقلصت إلى جانب تعرضها لظاهرة الجفاف. كما أن المستثمرات العشوائية، تؤثر مباشرة على محجات و مسارات الإبل، التي تنتقل صيفا إلى المناطق الباردة و شتاء إلى المناطق الدافئة، وهذه التنقلات تساهم في محافظة الإبل على بنيتها الجسدية، من خلال رعي أعشاب متنوعة تمنحها الكثير من الخصائص في صنع مضادات ذاتية، تحميها من الأمراض و الميكروبات. وهيبة عزيون قف "كوب 26" بغلاسكو إفريقيا الضحية تنتظر الدعم لمواجهة آثار التغيرات المناخية يسود العالم تفاؤل حذر حيال قمة المناخ «كوب26» المنعقدة بمدينة غلاسكو الاستكلندية منذ الاثنين الماضي، لبحث أزمة المناخ العالمية التي تهدد كوكب الأرض، و تنذر بالمزيد من المخاطر، إذا واصلت الغازات الدفيئة اكتساح الغلاف الجوي، و زيادة معدلات الاحترار، و التأثير على الحياة، ومصادر الغذاء و المياه و التربة. و ترافع الدول الإفريقية المشاركة في القمة من أجل لفت انتباه العالم إلى ما تعانيه شعوب القارة من تداعيات بيئية خطيرة، تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى، التي تسعى اليوم إلى جبر ما أمكن من الأضرار التي تتعرض لها إفريقيا العاجزة عن مواجهة آثار التغيرات المناخية المتسارعة، كالجفاف، و التصحر و أزمة المياه و الغذاء، و الفقر و النزاعات و النزوح الداخلي، دون أن تكون لها يد في ما يتعرض له كوكب الأرض من احترار مدمر، و انبعاثات غازية، و كوارث طبيعية لا تتوقف عن توجيه الإنذار تلو الآخر للبشرية، قبل بلوغ النهاية المأساوية، خلال العقود القادمة، إذا فشل العالم في التوصل إلى اتفاق شجاع اليوم قبل الغد. وقد تعهد زعماء العالم المجتمعون بغلاسكو في أولى بوادر الأمل، بوقف التمويل لمشاريع الطاقة الأحفورية، ووضع حد للانتهاكات التي تتعرض لها غابات العالم، و ما ينجم عنها من انحلال للتربة، بنهاية العقد الحالي، بدعم من موارد مالية عامة و خاصة يبلغ حجمها نحو 19 بليون دولار، ستوجه للاستثمار في حماية الغابات، و تعافيها من الكوارث التي تتعرض لها في السنوات الأخيرة. و لاقى التعهد بحماية غابات العالم دعما و تأييدا كبيرين من البرازيل و إندونيسيا، و جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث توجد نحو 85 بالمائة من غابات العالم. و يتوقع أن يغطي إعلان غلاسكو نحو 21 مليون كيلومتر مربع من الغابات حول العالم، إذا التزم قادة العالم بتعهداتهم. و نقلت الوكالات العالمية عن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قوله «ستكون لنا الفرصة لإنهاء تاريخ البشرية الطويل من قهر الطبيعة، وأن نصبح بدلا من ذلك حماة لها». و قد تم إطلاق مجموعة من المبادرات الحكومية و الخاصة للمساعدة في التوصل إلى هذا الاتفاق الذي لم يسبق له مثيل، منها تعهدات مالية ضخمة لحراس الغابات، و الزراعة المستدامة التي يمارسها سكان الأقاليم الغابية حول العالم. و يقول خبراء البيئة و المناخ بأن الغابات تمتص نحو 30 بالمائة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، مما يخفض زيادة حرارة الأرض. و من المتوقع أن توقف الشركات العالمية الكبرى الاستثمار في الأنشطة المتعلقة بإزالة الغابات بحلول 2025. و ينظر قادة الدول الصناعية الكبرى، المتسببة بدرجة أكبر في الانبعاثات الغازية و احترار كوكب الأرض، إلى القارة الإفريقية بأنها أولى ضحايا التغير المناخي، رغم أنها الأقل انبعاثا لغاز ثاني أوكسيد الكربون، الناتج عن الأنشطة الصناعية التقليدية، و الأنشطة المتقدمة. و تشير تقارير الخبراء بأن آثار التغيرات المناخية في إفريقيا بدأت تتفاقم، و خاصة في مجال المياه، و النزوح الداخلي، و احتدام الصراعات و النزاعات حول مصادر المياه و المراعي، تآكل السواحل، و ارتفاع مستوى سطح البحر. و تشير تقارير خبراء البيئة بأن القارة الإفريقية في حاجة إلى نحو 100 مليار دولار من المبالغ المالية الضخمة التي ستنفقها دول العالم للحد من التغيرات المناخية، و تصحيح الموائل البيئية الخطيرة التي تتعرض لها القارة البريئة مما يحدث من دمار متسارع لكوكب الأرض. و تسعى قمة غلاسكو «كوب26» التي تأجلت بعام كامل بسبب جائحة كورونا، إلى الحد من زيادة احترار كوكب الأرض عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الطفرة الصناعية الكبرى. و يشارك ممثلو أكثر من 190 دولة في قمة المناخ «كوب26» التي تنظمها الأممالمتحدة، في ظل التحديات المتسارعة لتغير المناخ، و خاصة عام 2021 الذي يوشك على الرحيل مخلفا وراءه كوارث عديدة حول العالم كالفيضانات و الحرائق، و موجات الحر القوية و الجفاف، و تراجع مصادر المياه. و تعد الجزائر واحدة من دول أفريقيا و حوض المتوسط المعرضة لتداعيات التغيرات المناخية، حيث تواجه كوارث مستمرة كالحرائق، و التصحر، و الجفاف، و تراجع الاحتياطات المائية السطحية و الجوفية. و قالت وزيرة البيئة الجزائرية سامية موالفي، المشاركة في قمة غلاسكو «كوب26» بأن اجتماعا للتشاور قد جمع وزراء البيئة الأفارقة المشاركين في القمة، لتوحيد الرؤى و المواقف بخصوص القضايا الرئيسية المثارة، و خاصة تلك التي تهم القارة الإفريقية التي تنتظر الدعم لمواجهة آثار التغيرات المناخية، مجددة حرص الجزائر على مجابهة مخاطر التغيرات المناخية، من خلال عزمها على تطبيق المخطط الوطني للمناخ، وهو وثيقة إستراتيجية للتصدي للتأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية على المستوى الوطني. و تسعى الجزائر إلى المساهمة في الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ما بين 7 و 22 % مع آفاق 2030، مرفوقا بالتمويلات الخارجية و تنمية التكنولوجيات و نقلها، و تعزيز القدرات. و تعمل الجزائر على خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 7 % اعتمادا على الوسائل الوطنية، كما تسعى الجزائر أيضا إلى ضم جهودها إلى المجهود العالمي المبذول لمواجهة التغيرات المناخية بإنصاف، نظرا لكونها تعد من بين الدول التي لها انبعاث منخفض من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، و تعهدت بدعم المجتمع الدولي في جهوده الرامية إلى خفض الانبعاثات، على الرغم من أنها تساهم منذ مدة طويلة في التخفيف من الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال ترجيح الغاز الطبيعي الذي يعد طاقة نقية في مزيجها الطاقوي. و يتوقع أن تحصل الجزائر على مزيد من الدعم المالي المعلن عنه في بداية قمة غلاسكو، لمواصلة جهود التصدي لآثار التغيرات المناخية، و توسيع نطاق المساحات الغابية، و بعث مشاريع الطاقة النظيفة، تجديد الغابات المحترقة بشمال البلاد، و تشجيع السكان على حمايتها و تحويلها إلى مورد اقتصادي يساعد على الاستقرار الاجتماعي، و مكافحة البطالة بالمناطق الجبلية الفقيرة. و يعد مشروع إحياء السد الأخضر وتوسيعه من بين المشاريع البيئية و الاقتصادية الكبرى بالجزائر، لكنه يبقى في حاجة إلى جهد مالي كبير لتحقيقه على أرض الواقع، و المساهمة في الجهد الدولي الرامي إلى زيادة المساحات الغابية حول العالم، و تحويلها إلى مصفاة طبيعية مستديمة للحد من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري، و التغيرات المناخية الناجمة عنه. و الجزائر ليست بلدا ملوثا و مسببا لانبعاث الغازات الدفيئة كالكربون و الميثان، تماما كما بقية الدول الإفريقية، لكنها تدفع اليوم ثمن الانتهاكات التي تقوم بها الدول الصناعية الكبرى منذ سنوات طويلة، قبل أن تستفيق و تبدأ البحث عن الحلول الممكنة لإنقاذ كوكب الأرض، المهدد بالمزيد من الكوارث إذا لم يتمكن العالم من كبح درجات الحرارة الآخذة في الارتفاع، منذ بداية النهضة الصناعية الكبرى بأوروبا، و أمريكا و آسيا. وقد ظلت مجموعة العشرين الأكثر تصنيعا في العالم حجر عثرة أمام الجهود الرامية إلى الحد من انبعاث الغازات الدفيئة، و الوصول إلى صفر انبعاث كربوني بحلول 2050، حيث سادت خيبات أمل و مخاوف عقب انتهاء قمة روما، التي فشلت منذ أيام قليلة في التوصل إلى اتفاق حول صفر كربون، بعد 29 عاما من الآن، لكن قمة غلاسكو أحيت الآمال في التوصل إلى مزيد من القرارات المساعدة على الحد من الاحترار، و تصحيح الموائل البيئية و بداية مرحلة جديدة شعارها وظائف و مهن خضراء، طاقة نظيفة و كوكب يتنفس.