الجزائر (2) = بوركينافاسو (2) نجح أمس، المنتخب الوطني في اقتطاع تأشيرة التأهل إلى الدور الثالث والفاصل من التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر، بفضل التعادل المسجل بملعب تشاكر بالبليدة أمام منتخب بوركينافاسو، في مقابلة مثيرة، كانت بحسابات لقاءات «السد»، في «سيناريو» لم يختلف عن ذلك، الذي كان بين المنتخبين في نوفمبر 2013، لكن النقطة المحققة كانت كافية لكتيبة بلماضي من أجل ترويض «الخيول» البوركينابية، ومواصلة رحلة البحث عن التذكرة المؤدية إلى قطر، دون هزيمة، بعد تصدر المجموعة الأولى، بعد «نهائي» أسال العرق البارد للجزائريين وتلاعب بمشاعرهم. اللقاء شهد انطلاقة جد حذرة من الجانبين، بالنظر إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها، لأن لعب كل منتخب فرصة الحظ الأخير في التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر، جعل الصراع على الكرة يحتدم أكثر في منطقة وسط الميدان، مع سعي العناصر الوطنية لفرض ضغط على المنافس في منطقته، بالاعتماد على الرواق الأيمن أكثر، بحثا عن مباغتة «الخيول»، بينما عمد المنافس إلى تحصين جداره الخلفي، انطلاقا من وسط الميدان، والمراهنة على المرتدات الهجومية السريعة. هذه الخيارات، والتي جسدت المعركة التكتيكية المحتدمة بين بلماضي ونظيره البوركينابي مالو، انعكست بصورة مباشرة على «فيزيونومية» اللعب، خاصة وأن ثقل أرضية الميدان، حال دون تمكين العناصر الوطنية من الاحتفاظ بالكرة، والاعتماد على التمريرات القصيرة لصنع الفرص، مما أخر أول فرصة جادة من الجانبين إلى غاية الدقيقة 17، لما قام بلايلي بعمل فردي ممتاز، أنهاه بتمريرة على طبق إلى سليماني، الذي سدد بقوة من على مشارف منطقة العلميات، إلا أن الحارس كوفي تصدى بصعوبة كبيرة، ومحرز لم يحسن استغلال الكرة المرتدة. هذه الفرصة، كانت بمثابة شرارة انطلاق العمل الهجومي من الجانبين، لأن رد فعل منتخب بوركينافاسو كان سريعا، وبنفس الكيفية، وذلك بعد دقيقة واحدة، عندما اضطر الحارس مبولحي إلى إظهار رشاقته لصد قذفة إبراهيما طراوري، قبل أن يجد الخضر طريقهم إلى الشباك، بعمل هجومي ممتاز، انطلق من سليماني، بتمريرة ذكية إلى بلايلي، الذي توغل على الرواق الأيسر، ليقدم فتحة عرضية صوب منطقة العمليات، فشل في استغلالها بونجاح، لتمر الكرة إلى محرز، الذي كان متحررا من المراقبة، فراقب الكرة وأسكنها بتسديدة قوية في شباك الحارس كوفي، مفجرا فرحة هيستيرية في المدرجات، وكان ذلك في الدقيقة 21. نجاح النخبة الوطنية في افتتاح باب التسجيل، فرض ضغطا نفسيا كبيرا على العناصر البوركينابية، التي حاولت العودة في النتيجة بسرعة، فكان رد فعلها قويا، وكاد جبريل واطارا أن يصل إلى المبتغى في الدقيقة 28 بتسديدة من داخل منطقة الجزاء، لكن مبولحي أنقذ مرماه من هدف محقق بطريقة رائعة. اعتماد بلماضي على سليماني كلاعب إضافي في وسط الميدان جعل منه ممررا حاسما في هذا اللقاء، وقد صنع فرصة مضاعفة النتيجة في الدقيقة 32، بتقديمه تمريرة على طبق لمحرز، لكن هذا الأخير فضل تمرير الكرة إلى بونجاح رغم أنه كان يتواجد في وضعية مواتية للتسديد باتجاه المرمى. اندفاع «الخيول» صوب الهجوم واعتمادها على البنية المرفولوجية القوية ساهم في ترك فراغات على مستوى وسط ميدان «الخضر»، الأمر الذي تجسد في الدقيقة 37 لما استغل البوركينابيون مرتدة هجومية لتعديل النتيجة، عن طريق ساناغو، الذي تخلص من المراقبة على مستوى المحور ليودع الكرة في مرمى مبولحي. خلال المرحلة الثانية فضل بلماضي تعزيز وسط الميدان بإقحام فغولي بديلا لبونجاح، مع توجيه سليماني إلى الهجوم، ولو أن منتخب بوركينافاسو حاول الرمي بكامل ثقله في الهجوم مع بداية النصف الثاني من اللقاء، وقد هدد مرمى مبولحي في ثلاث مناسبات في الدقائق الأولى من هذا الشوط، الأمر الذي جعل العناصر الوطنية ترتبك قليلا، وتعيش لحظات تحت تأثير ضغط نفسي رهيب. عامل الخبرة كان حاسما في هذه الوضعية، لأن خروج «الخضر» من فترة الفراغ كان بلمسة من الساحر بلايلي، الذي توغل على الجهة اليسرى، بنفس كيفية الهدف الأول، ليقدم تمريرة على طبق إلى فغولي، الذي كان بمثابة «الجوكير»، لأنه نجح في تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 64، محررا زملاءه وملايين الجزائريين من ضغط رهيب، ولو أن بلايلي ومباشرة بعد هذا الهدف غادر أرضية الميدان تاركا مكانه لبن رحمة، بعدما ساهم في صنع هدفين. استعادة النخبة الوطنية الأسبقية في النتيجة من جديد ألقى بضغط كبير على العناصر البوركينابية، التي حاولت لعب آخر حظوظها على مدار 25 دقيقة، مما دفع بالمدرب مالو إلى إقحام إدريسا طراوري ومحمد واطارا لتعزيز خط الهجوم، لتشهد الدقيقة 81 احتساب الحكم فيكتور غوميز ضربة جزاء لمنتخب بوركينافاسو، بعد تدخل بلعمري على واطارا، وهي الضربة التي تولى تنفيذها بنجاح دايو إيسوفو معدلا النتيجة. هذا «السيناريو» جعل الدقائق الستة الأخيرة من عمر اللقاء «دراماتيكية»، وتحت ضغط نفسي كبير على لاعبي المنتخبين، لأن «الخضر» كانوا مطالبين بتفادي تلقي هدف ثالث، وقد أقحم بلماضي بدران، في حين سعت «الخيول» لتفجير المفاجأة، لكن لم يكن لها ما أرادت، لأن العناصر الوطنية نجحت في المحافظة على التعادل المسجل إلى غاية صافرة النهاية.