حقيقة الشخصية 12 من رفاق بن بوالعيد المتنازع على تقمص بطولتها الحلقة المفقودة في عملية الفرار التاريخية من سجن الكدية بقسنطينة يشوب الغموض الشخصية الثانية عشر التي لم يحالفها الحظ في إتمام عملية الفرار التاريخية من سجن الكدية رفقة الشهيد البطل مصطفى بن بوالعيد بعد اختلاف التصريحات من مجاهد إلى آخر مما حال دون كشف الشخصية الحقيقية للسجين الذي كاد يصل إلى الجدار الخارجي لولا تعثره في آخر لحظة و بالتالي تبخر آمال رفاقه ال18 في رؤية نور الحرية كزملائهم ال11الذين سبقوهم في اختراق حواجز إسمنتية ليس من السهل اجتيازها . تحقيق مريم بحشاشي و قد اشتكت عائلة المجاهد السعيد شوقي من زيغود يوسف مما وصفته بالإجحاف في حق بطل أسقط إسمه من الجدارية الحاملة لأسماء المجاهدين و رفاق الشهيد مصطفى بن بوالعيد في الهروب التاريخي من سجن الكدية ، رغم وجود أدلة تثبت بأنه هو الشخص الذي اكتفى معدوا قائمة الأسماء على النصب التذكاري المتواجد بالجهة الخلفية للسجن المذكور بالإشارة إلى وجود مجاهد سقط دون تحديد إسمه . و هو ما استغله البعض ممن راحوا يدّعون بأنهم ذلك البطل الذي لم يحالفه الحظ في الفرار جرّاء انكسار السلم و إصابته بكسور حسب ابنه محمد شوقي الذي تقدم للنصر يطلب نفض الغبار عن حقيقة الشخصية الثانية عشر في قائمة المحكوم عليهم بالإعدام الفارين ليلة العاشر من نوفمبر 1955 من سجن الكدية، لاسيّما بعد استمرار تجاهل شخص والده الراحل حتى في العمل السينمائي "مصطفى بن بوالعيد" لمخرجه أحمد راشدي على حد قوله. و بزيارتنا لسجن الكدية تأكدنا من صحة قول ابن المجاهد حيث نحت على الجدارية التذكارية بالجهة الخلفية للسجن ملخصا صغيرا عن قصة الفرار المثيرة تمت من خلاله الإشارة إلى سقوط أحد المجاهدين بعد تقطع الحبل به مما أثار انتباه الحراس، لكن دون ذكر اسمه مما ضاعف فضولنا و دفعنا لإجراء هذا التحقيق. عملية البحث عن الحلقة الضائعة لم تكن لتستغرق وقتا طويلا لو أنها تمت في الوقت المناسب أي بوجود معظم المجاهدين المعنيين بعملية الفرار على قيد الحياة، لكن الأمر لم يكن كذلك، لأن أغلبهم للأسف قضوا و لم يبق منهم إلا قلة قليلة جدا خانت الذاكرة بعضها، و كان علينا التنقيب في أرشيف النصر و الاستعانة بأعداد من "لاديباش دو كوسطانتين"تعود إلى شهر نوفمبر 1955 في انتظار رد من مديرية المجاهدين التي طلبنا مساعدتها لإفادتنا بعناوين المجاهدين الذين لا زالوا على قيد الحياة للاستعانة بشهادتهم بخصوص ليلة الفرار التاريخية التي شهدتها قسنطينة تحت الاحتلال الفرنسي و التي قرّر 30من خيرة المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام الهروب فيها، حيث نجح 11سجينا في الخروج من رواق الموت فيما لم يحالف الحظ البقية كما جاء في جريدة "لاديباش"التي جاء في عددها 16464الصادر في تاريخ 12نوفمبر 1955 تحت عنوان" الفرار المثير لبن بوالعيد و عشرة محكومين بالإعدام"بأنه من أجل المرور من السور الداخلي نحو الجدار الخارجي الذي يبعد عنه بحوالي ثلاثة أمتار، استخدم الفارون سلما كجسر و تمكنوا من العبور الواحد تلو الآخر عبر الممر الذي يشرف على طريق دورية التفتيش إلى غاية السور الخارجي أين كانوا يتسربون من أعلى نحو شارع "ستيفان جزيل". و من المرجح أنه عند عبور السجين الفار رقم12 انهار الجسر المصنوع من السلم، و يتعلق الأمر بالمدعو شوقي السعيد الذي تم العثور عليه بين السورين و كانت رجله مكسورة و بقربه السلّم، فيما وجد باقي السجناء أنفسهم بممر دورية التفتيش قبل أن يتمكنوا من الصعود إلى السور المؤدي إلى السور الخارجي. و برز اسم المجاهد شوقي السعيد المدعو بولحفاني مرتين بالمقال الذي أشار أيضا إلى الرسالة التي عثر عليها بزنزانة مصطفى بن بوالعيد التي كانت تحمل توقيعه و المكوّنة من ثماني صفحات و التي يشرح فيها المعني ميكانزمات الفرار نقطة بنقطة مؤكدا على توضيح البطل الجزائري لنقطة مهمة و هي أنه و رفاقه كانت لديهم طريقتين على الأقل للفرار، الأولى و هي الأقوى، تعتمد على عددهم الكبير داخل الزنزانة الواحدة و الذي يصل إلى 30سجينا و بالتالي قدرتهم على التغلب على الحراس محدودي العدد و العتاد، لكنهم اختاروا الطريقة الثانية الهادئة و المسالمة لأن الحراس كانوا متفهمين وطيبين. و هو ما أكدّه المتمرّد سيء الحظ شوقي سعيد كما وصفه صاحب المقال الذي كشف منذ البداية أي بعد يومين من الحادثة الشهيرة و استنادا إلى تقارير أمنية فرنسية عن الشخصية الثانية عشرة التي بقيت رغم ذلك مجهولة و غامضة طيلة 57سنة، و قد أثارت تساؤل الكثير من المهتمين بتاريخ البطولات الجزائرية و زوار معتقل الأبطال غير أن تعدد تصريحات بعض المجاهدين بخصوص تلك الليلة حال دون إعادة النقاط إلى أماكنها الأصلية. المجاهد بومنجل بوزيتونة كنت رقم 15في "القرعة"و شوقي السعيد لم يكن قبلي الرحلة الثانية حملتنا إلى منطقة صالح الدراجي بالخروب حيث بيت المجاهد بومنجل بوزيتونة الذي استقبلنا بحفاوة كبيرة و راح يسترجع ذكريات تلك الفترة المثيرة و ما تخللها من استعدادات و تخطيط و تشاور و إرهاق خاصة عملية الحفر و سرد علينا تفاصيل مغامرة الفرار، لكن مرة أخرى وجدنا أنفسنا أمام أسماء أخرى غير تلك التي قدمت لنا أو قرأنا عنها في مختلف الشهادات المنشورة، حيث قال أن المجاهد الذي كان ينام على الفراش المستعمل لإخفاء فتحة الممر السري الذي حفروه من أجل الوصول إلى غرفة كانت تحوي أشياء و وسائل فرنسية مهملة كان من منطقة القبائل(نسي اسمه و استسمحنا بمواصلة السرد) و استرسل مضيفا بأنه جاء في المرتبة ال15في عملية القرعة التي أجروها قبل عملية الفرار لتفادي أي فوضى من شأنها إحباط المهمة الصعبة، باستثناء خمسة مجاهدين حسبه الذين اتفقوا و بإجماع على تركهم في المقدمة و على رأسهم الشهيد البطل بن بوالعيد. و بإثارته لعملية القرعة اختلطت الأوراق مرة أخرى، حيث صرّح المجاهد بومنجل بوزيتونة بأنه لا يتذكر الأشخاص الأربعة الذين سبقوه في عملية الفرار و استبعد أن يكون المجاهد "بولحفاني"شوقي السعيد قد كان قبله بسبب إصابته على مستوى رجله اليسرى و التي رفض الفرنسيون تقديم العلاج له، و تركه يتألم. و مرة أخرى عدنا إلى نقطة البداية بعد أن اعتقدنا أن شهادة حية من أحد أبطال المغامرة ستؤكد نتائج بحثنا الأولية المعتمدة بالدرجة الأولى على الوثائق التي جمعنا بعضا منها من بعض المؤلفات و المقالات الصحفية المعتمدة على شهادات عدد من المجاهدين و أهمها شهادة المجاهد محمد العيفة التي أدلى بها إلى إحدى الجرائد الوطنية أشهر قليلة قبل انتقال روحه إلى بارئها و التي صرّح فيها المجاهد الراحل قائلا بأن المجاهدين تعبوا في حفر الممر و إفراغ الأتربة في المراحيض ثم سكب المياه عليها، و حتى لا يفتضح سر أمر الممر السري طلبوا من المجاهد بولحفاني البقاء مستلقيا على فراشه الذي رتب بإحكام لإخفاء الحفرة، بحكم إصابته الخطيرة على مستوى الساق التي أصيب بها خلال اشتباك مع العدو في المعركة التي استشهد فيها البطل ديدوش مراد. كما جاء في فقرة أخرى تصريحا يدعم تصريح صاحب مقال "لاديباش دي كوسطونتين"، حيث قال المجاهد العيفة رحمه الله أنه بعد تمكنه و رفاقه المجاهدين بن بوالعيد ، حمادي كرومة، طايبي ابراهيم مشري لخضر، مزياني محمد، عريفي حسين، زايدي سليمان، حفطاوي علي، بوشمال احمد، الطاهر الزبيري من الوصول إلى الجدار الخارجي جاء دور المجاهد سعيد شوقي الذي كان مصابا في ساقه الأيسر و لما بدأ الزحف على السلم تقطع الحبل و سقط أرضا ليفشل باقي المجاهدين في الالتحاق بالمجموعة الأولى المتكونة من 11ناجيا.و هي نفس المعلومات المدوّنة بكتاب"حرب الجزائر، منطقة 25"لمؤلفه أحمد بوجريو.و المجاهد شوقي السعيد "بولحفاني" معروف في أوساط المجاهدين و المؤرخين لاسيّما لمشاركته البطولية في معركة وادي بوكركر الشهيرة التي وقعت في الثامن عشر من جانفي 1955 إلى جانب البطل ديدوش مراد الذي سقط في ميدان الشرف مع مجموعة من رفاق الكفاح كقربوعة محمد و غرس الله بلقاسم... و مكانته كمجاهد محفوظة، و ما تحقيقنا اليوم إلا محاولة لإعادة الحلقة المفقودة إلى مكانها في قصة و مغامرة كانت و ستبقى مفخرة الجزائريين. المدير الولائي للمجاهدين بقسنطينة إنصاف ذاكرة المجاهدين و المناضلين هدفنا و قال المدير الولائي للمجاهدين بقسنطينة عيسى بوسام أنه لم يسبق أن طرحت عليه إشكالية الشخصية الثانية عشر في عملية الفرار و التي بسقوطها تعثر نجاح المغامرة التاريخية المثيرة، و سأل مجاهد كان في ضيافته بمكتبه، لكنه لم يكن هو الآخر متأكدا من اسم المجاهد الذي سقط، فنصحنا بالاستعانة بالمجاهد بومنجل بوزيتونة باعتباره أحد المشاركين في العملية، قبل أن يضيف بأن الهدف الأول لإدارتهم إنصاف ذاكرة من ساهموا في تحرير الجزائر و المحافظة على حقوقهم، كاشفا عن مشروع تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين الذين لا زالوا على قيد الحياة في أقراص مضغوطة، كخطوة لتدارك ما فات من ضياع معلومات مهمة في تاريخ النضال الجزائري.