محلات الورود تبيع الإصطناعي وأخرى تغير نشاطها إلى المأكولات السريعة أغلب الورود التي تلقتها النساء كهدية في عيدهن العالمي سواء من الشركات و المؤسسات التي يعملن بها أو من قبل أصدقائهن و أفراد عائلاتهن كانت عبارة عن ورود بلاستيكية تباع بأثمان بخسة على الأرصفة من قبل الباعة المتجولين، لتحل مكان الأزهار الطبيعية. الظاهرة أثارت انتباهنا خاصة بعد انتشار خبر غضب عاملات البريد اللواتي احتججن على ما اعتبرنه إهانة في حقهن ، فتنقلنا لبعض بائعي الورود في مدينة قسنطينة ، لنتفاجأ بأن البعض منهم توجه هو الآخر لبيع الورود البلاستيكية لإرضاء الكثير من الزبائن الذين أصبحوا يفضلون الورود الإصطناعية المزيفة لأنها تدوم لوقت أطول . محمد البشير مشاطي طالب بمعهد الإعلام الآلي ( 22 سنة)، ورث مهنة بيع الورد بحب و شغف من أفراد عائلته الذين توارثوها عن جدهم مشاطي حسن الذي كان من بين التجار الأوائل الذين مارسوا هذا النشاط بمدينة قسنطينة ، علمنا خلال زيارتنا لمحله الصغير الواقع في شارع عواطي مصطفى “ طريق سطيف”على بعض الصعوبات التي يعاني منها باعة الورد خاصة في فصل الشتاء الذي يعرف شحا كبيرا في الأزهار و الورود ، بالإضافة إلى طغيان الورود البلاستيكية التي أصبحت منافسا قويا للنوعية الطبيعة، لأنها تباع بأسعار زهيدة جدا و تجد لها العديد من الزبائن الذين يفضلونها لأنها تدوم إلى الأبد. عند دخولنا إلى محله فوجئنا بوجود الكثير من الأزهار و الباقات البلاستيكية المعروضة للبيع في حين اقتصر العرض بالنسبة للورود الطبيعية على باقات صغيرة لورود بيضاء تماما و أخرى ملونة بالبرتقالي، الوردي الفاتح المتموج و الأحمر و التي أخبرنا صاحب المحل أنها مستوردة من هولندا لأن هذا النوع من الورود نادر جدا في قسنطينة و الجزائر في هذا الفصل، بالإضافة إلى بعض الباقات الصغيرة للقرنفل الأبيض القادم من مدينة البليدة. و لتغطية هذا النقص و إرضاء الكثير من الزبائن كان لابد من مجاراة موجة الأزهار و النباتات البلاستيكية أيضا، لأنها كما قال أصبحت واقعا لا مفر منه خاصة أن الكثير من الزبائن يبحثون عنها للزينة و لا يحبذون الحقيقية لأنها تذبل بسرعة، ولكن هذا لا يمنع كما أكد أن يكون للورود و الأزهار الطبيعية محبوها الأوفياء الذين يقدرون قيمتها المادية و المعنوية و يتهافتون عليها بذوق رفيع خاصة في فصلي الربيع و الصيف اللذان تتضاعف فيهما أنواع الورود و الأزهار التي تضفي على كل ركن من أركان الدكان الصغير رونقا و جمالا. وكشف لنا أن الكثير من النساء الموظفات اللاتي تلقينا في عيدهن ورودا بلاستيكية شعرن بالإهانة حيث زارته بعضهن في المحل للتأكد من أعذار مسئوليهم الذين قالوا لهن أنهم لم يعثروا على الورود الطبيعية فأحضروا لهن نوعية بلاستيكية بديلة ، وعند حضورهن إلى دكانه مساء الثامن مارس وقفن على وجود أزهار طبيعية في منتهى الجمال كان بإمكانها أن تكون أجمل هدية لهن . محمد من بين بائعي الورود القلائل في مدينة قسنطينة الذي ورث هذه المهنة هو الآخر عن والده، زرنا محله الواقع داخل سوق بومزو ، حيث وجدناه تقريبا فارغا ماعدا باقات بلاستيكية معلقة داخل جدرانه لأنه كما أخبرنا باع كل أزهاره و وروده في عيد المرأة، مؤكدا أن زبائنه فضلوا إهداء الورود الطبيعية لتقديرهم لقيمتها المعنوية و الفنية ، لكنه نفى وجود تأثير سلبي على تجارته بسبب منافسة الورود و الأزهار البلاستيكية في السوق ، لأنه كما قال لكل نوع زبائنه: « بالنسبة لي الورود و الأزهار البلاستيكية لا تعتبر منافسا لي على الإطلاق لأنني بقيت متمسكا بكل ما هو طبيعي ، و هذا ما جعلني أكتسب المزيد من الزبائن الذين أصبحوا يعرفون مع الوقت أنهم سيجدون ورودهم و أزهارهم الطبيعية المفضلة لدي ، والباقات البلاستيكية المعلقة داخل المحل هي لتزيينه فقط ، فأنا لا أبيع البلاستيك إطلاقا». فغياب ثقافة اقتناء الورود في المجتمع الجزائري تقف وراء قلة عدد المحلات المتخصصة في ممارسة هذا النشاط خاصة في مدينة قسنطينة، التي عرفت اختفاء العديد منهم ، آخرها المحل لذي أغلق مؤخرا في شارع ديدوش مراد « طريق فرنسا» بعد وفاة صاحبه وتعويضه بالمأكولات السريعة ، إلا أن امتداد مواسم الأعراس و الأفراح التي أصبحت تقام الآن على مدار السنة يرجع لها الفضل الكبير في الإبقاء على البعض الآخر صامدا ، وهي تمثل لهم مصدر رزق ثابت يسمح لهم ببيع باقات الأزهار الكبيرة التي غالبا ما تكون مزينة بزهرة «السوسي» الصفراء و البرتغالية، التي تزرع تقريبا على مدار السنة في ضواحي قسنطينة بالإضافة إلى زهرة «الزينيا « الحمراء التي تشبهها قليلا في الشكل غير أنها لا تنبت إلا في فصلي الربيع و الصيف. أمينة جنان * تصوير : الشريف قليب