تحظى الورود باختلاف أنواعها وألوانها باهتمام كبير ويظهر ذلك من خلال إقحامها في المناسبات السارة والأعراس أين تحظر بشكل كثيف وتأخذ الأولوية في حفلات الخطوبة وفي تزيين موكب العروس ليظهر كمشتلة متحركة بألوان زاهية تمتع النظر، دون أن ننسى تعبيرها الدائم عن المشاعر الصادقة بحيث تكون عنوان الكثير من الأعياد كعيد الحب وعيد المرأة، وعيد الأم فزهرة واحدة تكفي لوصف الأحاسيس بصمت فضلا عن ذلك فإن للورود ميزة خاصة تزيد من قيمتها تكمن في ذلك الإرتياح الكبير الذي تبعثه في النفوس، ولكن الإشكال الذي نطرحه اليوم هو هل لاتزال الأزهار تحقق ذلك الإقبال المعهود؟ ومتى يكون الطلب عليها وما واقع تجارة الورود بوهران؟ من أجل كل ذلك إقتربنا من سوق الورود الواقع بنهج عبان رمضان المعروف بساحة أوش التي اتخذت فضاء يجمع عددا مهما من المحترفين المتخصصين الذين يجيدون التعامل بطرق فنية مع الأزهار. أكشاك صغيرة لا تناسب الورود باعة نقلوا من سوق ميشلي قبل سنوات إلى الساحة أين استفادوا من 11 كشكا صغيرا للكراء ملكا للبلدية عندما سألناهم عن حال السوق ومستوى الطلب على هذه المنتوجات وجدناهم يتذمرون ويشتكون من وضعيتهم المزرية وذكر أحد التجار هناك أن المحلات صغيرة جدا لايمكن أن تكون مكانا لعرض الورود وأضاف أن من أنشأ هذا المشروع لم يدرسه جيدا من كل الجوانب وعادة ما تقع شجارات بسبب تعطيل التجار عن عملهم بفعل ركن بعض المركبات إلى جانب الرصيف الذي تعرض عليه باقات الأزهار ويتسبب ذلك في غلق الطريق على الزبائن خاصة أصحاب السيارات والراغبين في تزيين موكب العروس، وهذا ما يؤرق التجار كثيرا، زيادة على عدم ملاءمة المكان لعرض مثل هذه المنتوجات ولم يقتصر الوضع على ضيق الاكشاك فقط بل أن واجهتها ليست مناسبة أيضا، وأكثر من ذلك تنعدم في هذا المكان دوريات المياه أو المراحيض التي من المفروض أن تدخل ضمن إنجاز هذا المشروع الذي صرف عليه الكثير لكنه بقي يسجل الكثير من النقائص حسب التجار مما أثر سلبا على مستوى النشاط هناك، وتساءل أحد الباعة عن سبب نقلهم من سوق ميشلي مصرحا أنه لم يفهم إلى الآن لماذا مع أن المكان كان مناسبا وكان نشاط البيع متواصلا وساحة أوش لم تهيء لأن تكون فضاء لعرض الورود ذلك ما أكده أحد الباعة المستائين من الوضع لاسيما أمام تراجع الإقبال على منتوجاتهم. تفنن في تزيين موكب العروس ولكن يبقى الإقبال موجودا وإن كان قد تراجع مقارنة بالسنوات الفارطة حسب بعض الباعة هناك إلا أن الورود لاتزال محط الأنظار ويولي الوهرانيون إهتماما كبيرا بها يتزايد في فصل الصيف موسم الأفراح والأعراس رغم أن ذلك يكلفهم مبالغ كبيرة خاصة عندما يتعلق الأمر بتزيين موكب العروس ويكلف أبسط تزيين ألف دينار إلى ألف ومئتان دينار وقد يرتفع الى 9 آلاف وحتى 10 آلاف حسب طلب الزبون وقدرته وحسب طبيعة الديكور الذي يتفنن في تشكيله بائع الازهار وفق الطلب دائما، وهكذا هو الحال بساحة أوش أين تقصد السوق مركبات من مختلف الاماكن لتتزين خاصة مع نهاية الاسبوع رغم أنها تقاليد جديدة دخلت مجتمعنا إلا أنها مستحسنة من قبل المجتمع الجزائري عموما وأصبح تزيين موكب العروس ضروريا. ويعتبر فصل الصيف حسب التجار أكثر المواسم عملا بحيث تكثر الاعراس ويزداد الطلب على الباقات المتنوعة بحيث يزيد صاحب المحل عدد وأنواع الزهور التي يحضرها من أماكن مختلفة سنأتي على ذكرها ويقوم بتهيئتها من خلال نزع الأشواك وتنقيتها منها من أجل ضمها إلى باقة باهية الألوان والروائح الطيبة لتبقى الازهار أصدق تعبير عن المشاعر الطيبة وعن الفرح والتفاؤل والجمال. بيع الورود... حرفة متوارثة سألنا بعض التجار عن سبب تمسكهم بهذه التجارة التي يقولون أنها غير مربحة خاصة لأولئك الذين يحضرون الأزهار من مدينة الورود البليدة وهم بذلك يدفعون تكاليف أكثر من التجار الذين يأتون بالازهار من مشاتل خاصة بهم وكانت إجابة الجميع مشتركة وما التمسناه هو إصرار الباعة على التمسك بهذه الحرفة التي توارثوها أبا عن جد ولن يتخلوا عنها تحت أي ظرف رغم مشاكلهم المتعلقة بالاكشاك الصغيرة والكراء وتراجع الاقبال، ذلك هو رد الكثيرين من أصحاب الصنعة بساحة أوش اكتشفنا فيهم الجانب الفني الابداعي الساعي إلى المحافظة على حرفة بيع الورود والهدف لم يكن تجاريا بالدرجة الأولى رغم أن هذه المهنة هي مصدر استرزاق الكثير من الباعة هناك إن لم نقل كلهم ولكن تبقى الورود بالنسبة إليهم موروثا فنيا مهمتهم الحفاظ على قيمته وتثمينه أكثر. وقد صادفنا هناك إحدى السيارات الفخمة تحضر لموكب العرس ويقوم أحد الباعة الفنانين بتزيينها حسب ذوق وطلب صاحبها، وظهرت بحلة جميلة وباهية في النهاية وبالموازاة يقبل ايضا أصحاب الافراح على اقتناء باقات الورود المختلفة والمعبرة وتلك هي قصة الزهرة في سوق تتواجد في وضعية مؤسفة لاتزال بحاجة الى إعادة النظر لتكون على مستوى تلك المنتوجات المعروضة بها.