غونتر غراس يقول ما يجب قوله أحدثت قصيدة غونتر غراس النثرية المنشورة الأربعاء الفارط ما يشبه الزلزال في الساحة الإعلامية والسياسية العالمية، ليس لأن كاتبها هو واحد من كبار الكتاب في العصر الحديث، ولكن لأن موضوعها يدين النفاق العالمي تجاه إسرائيل، والتغاضي عن امتلاكها لسلاح نووي يهدد استقرار العالم، مقابل الصمت على التحرش المستمر بإيران وتخطيطها لضرب هذا البلد لثنيه عن امتلاك السلاح النووي.وقد أعلنت إسرائيل أول أمس الأحد عن منع غونتر غراس من دخول أراضيها وجاء في بيان صدر عن وزير الداخلية ايلي يشائي أن الوزير "أعلن غونتر غراس شخصا غير مرغوب فيه في إسرائيل". وأضاف البيان أن "قصيدة غونتر محاولة لإذكاء الحقد ضد دولة إسرائيل والشعب الإسرائيلي".وصدر البيان بعد ثلاثة أيام على إعلان الحكومة الإسرائيلية أن القصيدة "مهينة".و أضاف يشائي "إذا أراد غونتر الاستمرار في نشر أعماله المشوهة والملفقة فانا انصحه بالقيام بذلك في إيران حيث سيجد شعبا يدعمه".. وذهب وزير خارجية إسرائيل إلى حد انتقاد ما وصفه بنفاق المثقفين الغربيين، في حين قالت سفارة إسرائيل في ألمانيا أن الكاتب معاد للسامية وإلا لما اختار عشية عيد الفصح ليلقي بقصيدته.وشجب غراس في قصيدته التي حملت عنوان" ما يجب أن يقال" ونشرتها الصحيفة الألمانية "تسودويتشي تسايتونغ" تهديد إسرائيل بشن ضربات وقائية ضد المنشآت النووية الايرانية التي تثير مخاوف لدى الغرب، معتبرا أنها قد تؤدي إلى "القضاء على الشعب الإيراني للاشتباه بان قادته يصنعون قنبلة ذرية".وكتب غراس (84 عاما) حائز جائزة نوبل للسلام لعام 1999 ن "هناك دولة أخرى تمتلك منذ سنوات ترسانة نووية تتطور يوما بعد يوم، مع انها تبقى سرية ومن دون أن تخضع للتفتيش فأي عملية تدقيق محظورة"، في إشارة إلى إشجب غونتر غراس "الصمت المعمم على هذه الوقائع" التي يصفها بأنها "كذبة ثقيلة" لان "تهمة معاداة السامية ستوجه مباشرة" إلى الذي ينتهك هذا الصمت.ويتساءل الكاتب "لماذا أقول الآن فقط (...) آن القوة الذرية لإسرائيل تهدد السلام العالمي الهش في الاساس؟ لانه ينبغي أن نقول الآن ما قد يفوت أوانه غدا". وتابع غراس "لن اسكت بعد الآن لأني سئمت من نفاق الغرب" حيال إسرائيل "المسؤولة الفعلية عن هذا التهديد"ورحبت إيران بما كتبه غراس وقالت انه قد يساهم في إيقاظ الضمير الغربي وأشاد نائب وزير الثقافة الإيراني جواد شمقدري بالكاتب الألماني في رسالة موجهة إلى "الكاتب المتميز غونتر غراس" لأنه "قال الحقيقة" مبديا أمله في أن تسهم (القصيدة) في "إيقاظ الضمير الغربي النائم".وكتب الوزير في رسالته إلى الكاتب "قرأت قصيدتكم التحذيرية التي تظهر بشكل مذهل انسانيتكم وحس المسؤولية لديكم"".مضيفا أن " الكتاب بريشتهم أكثر قدرة من الجيوش على تفادي حصول المآسي".لكن احتجاجات اندلعت في إسرائيل وألمانيا وزادت عليها الحملات الإعلامية التي اتهمت الكاتب بمعاداة السامية وبالنازية.ويعد صاحب الطبل والصفيح ثاني كاتب من حملة نوبل في أوروبا يملك الجرأة على انتقاد إسرائيل بعد البرتغالي خوزيه ساراماغو الذي زار محمود درويش في رام خلال محاصرة عرفات و قال أن ما تقوم به إسرائيل هو المحرقة الحقيقية.وإذا كانت إسرائيل و لوبياتها ترتب حملات ضد هؤلاء الكتاب فإن العرب يتغافلون عن الجاهرين بالحق في عالم يسود فيه الباطل. ق-ث