من المتوقع أن تعيد وزارة المالية بعث مشروع خوصصة 3 بنوك عمومية، عبر فتح رأسمالها أمام المتعاملين الخواص، بناء على تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حيث شدد على ضرورة تسريع وتيرة الملف الذي يراوح مكانه منذ 2022 وهو التاريخ الذي كان محددا للشروع في خوصصة البنوك، إلا أن تداعيات الأزمة المالية وفيروس كورونا حالت دون تنفيذ القرار في الموعد المحدد. وقد أمر رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء, بتسريع مسار فتح رأسمال البنوك العمومية بطريقة علمية ومدروسة بدقة، تحفز على تغيير نمط التسيير القديم المرتكز حاليا على الإدارة بدل النجاعة الاقتصادية, حسب ما أفاد به بيان لمجلس الوزراء. وناقش اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد الأحد، مدى تقدم ملف فتح رأسمال البنوك العمومية, حيث "شدد السيد الرئيس على مبدأ الشفافية لمباشرة الإصلاح المالي ومسايرة التحولات العالمية في هذا القطاع، الذي يعد ركيزة الاقتصاد الوطني". كما أسدى رئيس الجمهورية تعليمات بهدف "تسريع مسار فتح رأسمال البنوك العمومية بطريقة علمية ومدروسة بدقة، تحفز على تغيير نمط التسيير القديم المرتكز حاليا على الإدارة بدل النجاعة الاقتصادية". وبخصوص عرض حول بنك الإسكان وفتح بنوك جزائرية في الخارج, "شدد السيد الرئيس على تسريع عملية فتح البنوك الجزائرية في الخارج مع استكمال كل الإجراءات، ضمن مقاربة اقتصادية جديدة وفعالة", حسب البيان. كما أمر ب "استدراك تأخر إطلاق بنك الإسكان، وذلك بتقليص الآجال المقررة لدخوله حيز الخدمة". التعليمات التي أسداها الرئيس خلال الاجتماع، جاءت لإعادة بعث مسار خوصصة البنوك العمومية وتسريعه، جاءت بالنظر إلى التأخر الذي عرفه الملف مقارنة بالتعهدات التي قدمتها حكومة أيمن بن عبد الرحمان، والتي راهنت على فتح رساميل البنوك العمومية أمام المستثمرين خلال العام الماضي، وقال الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، بأن التوجه إلى فتح رأس مال البنوك العمومية عن طريق البورصة وتدشين فروع للمصارف في الخارج خمسة منها في أوروبا، يأتي من أجل ضخ أموال إضافية لمواجهة أزمة السيولة النقدية. وكان الوزير الأول، قد أعلن خلال أشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، عن فتح رؤوس أموال بنوك عمومية وذلك بداية العام 2022. إلا أن الملف ظل يراوح مكانه ولم يتم تسجيل أي تقدم، وهو الوضع الذي ربطه خبراء بتداعيات أزمة كورونا وتبعاتها على الساحة المصرفية والأثر السلبي الذي خلفته على الدائرة الاقتصادية، وكذا بنظام عمل وتسيير بورصة الجزائر، والتي لا تزال تعاني من نقص في عدد المؤسسات التي دخلت السوق المالية. واعتبر الخبير الاقتصادي محمد حمداش، أن "فتح رأس مال البنوك العمومية، يدخل ضمن الإصلاحات المالية والمصرفية التي تريد وزارة المالية إطلاقها، من أجل إضفاء الشفافية على المعاملات المالية، والقضاء على التسيير التقليدي للمؤسسات المالية والبنوك". وقال في تصريح "للنصر": "إنه يتوجب إرفاق عملية خصخصة البنوك، بمسار مواز ومكمل يتمثل في فتح فروع لها في الخارج عن طريق وكالات، أو عن طريق فتح فروع إلكترونية في عدة دول، لرفع نسبة تدفق أموال الجالية الجزائرية في بلاد المهجر على الأقل". ويشير محللون، بأن تأخر عملية فتح رأس مال البنوك العمومية، راجع أساسا إلى خصوصية الظرف المالي الذي عرفته الجزائر بين 2019 و2021، المتأثر بالتراجع الكبير في إيرادات المحروقات بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها منذ النصف الثاني لسنة 2014 جراء انخفاض سعر النفط، وكذا انعكاسات الوضع الصحي جراء انتشار وتفشي وباء كوفيد 19، وما أعقبه من إجراءات للحجر الصحي. وقد بادرت الحكومة آنذاك إلى إقرار سلسلة من التسهيلات والإعفاءات في المجال البنكي على غرار تعليق غرامات التأخير وجدولة تسديد الأقساط للمتعاملين الاقتصاديين المتضررين من الوباء، وقد تسبب الوضع الاقتصادي في تراجع السيولة المالية، وشح الودائع سواء من قبل المؤسسات أو العائلات الجزائرية وهو ما أثر سلبيا على مصادر التمويل. وبحسب تقارير مصرفية، فقد تراجع حجم السيولة المتداولة في البنوك حيث هوى إلى ما دون 8 مليارات دولار، في العام 2020، وهو أدنى مستوى مسجل منذ أكثر من 20 عاماً، في وقت تحتاج فيه الجزائر إلى موارد مالية لدعم الاقتصاد. وقفزت نسبة العجز في السيولة إلى 55 بالمائة في نهاية ماي من نفس السنة، بينما كانت 20 بالمائة في مطلع 2019، بحسب تقرير حديث صادر عن البنك المركزي. وشهدت البنوك مطلع 2021 عودة إلى النشاط، خاصة فيما يتعلق بمنح القروض بعد تجميد دام قرابة السنتين، في أعقاب فضائح الفساد التي تم تفجيرها بعد الحراك الشعبي، وكشفت تورط عدد كبير من رجال الأعمال في الاستفادة من قروض دون ضمانات ولا أهلية قانونية. بنوك عمومية جاهزة للخوصصة ويرتقب أن تعيد وزارة المالية بعث مشروع خوصصة 3 بنوك عمومية، عبر فتح رأسمالها أمام المتعاملين الخواص، بناء على توصيات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، ويتعلق الأمر ببنك التنمية المحلية والقرض الشعبي الجزائري وبنك الفلاحة والتنمية الريفية، استكمالا لعمليات التطهير المالي لهذه البنوك، وهو ما يجعلها أقرب للخوصصة في انتظار إيعاز وزير المالية. وقد استكملت الحكومة، قبل أشهر عملية التطهير المالي على مستوى بنكي التنمية المحلية والقرض الشعبي الجزائري، وهو ما يجعل ملفات فتح رأسمال هذين البنكين أقرب مقارنة مع البنوك الأخرى، يضاف إليهما بنك الفلاحة والتنمية الريفية، في حين يتم استبعاد البنك الخارجي الجزائري والبنك الوطني الجزائري والصندوق الوطني للتوفير والاحتياط.