جدّد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أمس، موقف الجزائر الثابت من العدوان الصهيوني الهمجي ضد الشعب الفلسطيني في غزة وقال إن الجزائر قالت كلمتها في أكثر من محفل إقليمي ودولي منذ بداية التصعيد، و هي تعمل على الصعيدين الإنساني والدبلوماسي لتقديم المساعدة اللازمة للشعب الفلسطيني، وحمّل مجلس الأمن الدولي بشكل كامل مسؤولية وضع حد للعدوان وضمان الحماية للشعب الفلسطيني. و قد قدم وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، أمس، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني بمناسبة عقد جلسة استثنائية تضامنا مع الشعب الفلسطيني سيما في قطاع غزة، عرضا حول ما يعيشه الأشقاء الفلسطينيون في ظل العدوان الصهيوني الوحشي عليهم، واستعرض مواقف الجزائر الثابتة من العدوان ومن القضية الفلسطينية برمتها، كما عدد الخطوات العملية التي قامت بها الجزائر لتقديم يد العون للأشقاء هناك في ظل الوضع الحالي. وقال عطاف بداية إن الأشقاء في فلسطين يواجهون عدوانا مكتمل الأركان لا لشيء إلا لأنهم رفضوا الخنوع والاستكانة للأمر الواقع المفروض عليهم عنوة وغصبا، وهم اليوم يكابدون المآسي تلو المآسي لأنهم لم يرضوا بالتخلي عن أرضهم وعن حقوقهم، و ترتكب بحقهم أبشع الجرائم من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الفصل العنصري والتنقية العرقية والإبادة لأنهم قالوا لا لوأد القضية الفلسطينية ولا لهضم الحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية ولا لإفراغ المشروع الوطني الفلسطيني من مضمونه ولا للقضاء الممنهج على الدولة الفلسطينية. و اعتبر المتحدث أن ما يطال غزة اليوم يقول عطاف – من عدوان سافر وما يطوقها من حصار جائر وما تتعرض له من سفك للدماء وزهق للأرواح ليس وليد أحداث السابع من أكتوبر، بل الأكيد أن هذا العدوان ليس إلا مرحلة متقدمة من مراحل استمرار وتوسع وتفاقم الاحتلال الإسرائيلي، هذا الأخير الذي شهر أحد مسؤوليه منذ بضعة أسابيع ومن على منبر الأممالمتحدة خريطة تمحو فلسطين تماما من الوجود معيدا إلى الحياة مشروع إسرائيل الكبرى. كما أن هذا العدوان ليس إلا نتاج حصانة ممنوحة جورا وزورا للاحتلال الإسرائيلي ودعمه معنويا وسياسيا وعسكريا وإعلاميا لاحتلال، وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات على أشلاء ساكنيها الأصليين، كما أن هذا العدوان يواصل ذات المتحدث ما كان ليحصل لولا السجل الدولي الحافل باللامساءلة واللامحاسبة واللامعاقبة للاحتلال الإسرائيلي وتجاوزاته وخروقاته وعبثه بكل الأعراف والقوانين و المواثيق الدولية، وهو كذلك محصلة لغياب إرادة سياسية دولية صادقة لحل القضية الفلسطينية، هذه القضية التي همشت وغيبت وطمست من جدول أعمال المجموعة الدولية طيلة العقدين الماضيين ولم تحظ بأي مبادرة جدية للسلام منذ تسعينيات القرن الماضي. وأخيرا يشدد وزيرنا للشؤون الخارجية على أن العدوان الصهيوني الحالي لم يكن ليتحقق لولا تراجع الضغط العربي في خدمة القضية الفلسطينية وانحسار الدور الدبلوماسي العربي في نصرة الشعب الفلسطيني وفي تأييد مشروع دولته الوطنية في أعقاب آخر مبادرة تم طرحها منذ ما يربو عن عشرين سنة. عطاف وبعد أن حيا صمود الشعب الفلسطيني وثباته في وجه آلة القتل والدمار الإسرائيلية، تأسف لما تعكسه المواقف الدولية من «ازدواجية صارخة» في التقديرات والتموقعات والمعايير المطبقة، ازدواجية تملي على أصحابها كما قال- المسارعة في إدانة المساس بالمستوطنين، وتغض الطرف عن أشد أشكال التقتيل والقمع والتنكيل التي يتعرض لها أصحاب الأرض الأصليين. و المرافعة عما يسمى زورا وبهتانا حق المحتل في الدفاع عن نفسه، في حين تجرد الشعب القابع تحت الاحتلال من أبسط الحقوق التي تكفلها له الشرعية الدولية بما في ذلك حقه في رفض التصفية والفناء، ازدواجية تحرم ضم الأراضي بالقوة في سياقات مماثلة لكنها تبيح ذات الجرم والتبرير له في فلسطين تحت عنوان مقتضيات الحفاظ على أمن المحتل ورفاهيته. وشدد عطاف في هذا الصدد على أن شعوب المعمورة المناصرة للشعب الفلسطيني ضاقت درعا بهذه المقاربة التي تصدم العقول وتعارض المنطق وتخل بواجب الإنصاف وهي المقاربة التي ترفضها جميع الضمائر الحية والتي ستهجنها أي فطرة سوية، وتساءل المتحدث عن أي منطق هذا الذي يبرر قتل أكثر من 8 آلاف مدني فلسطيني ويبرر لتدمير أكثر من 45 من المائة من البنايات على رؤوس ساكنيها في قطاع غزة ويبرر قصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ومقرات وكالة غوث اللاجئين، وأي منطق الذي يبرر تهجير شعب بأكلمة من أرضه بالقوة وتحت القصف الجوي خدمة لأجندة توسعية تهدد أمن و استقرار المنطقة. الجزائر قالت كلمتها وأمام نواب المجلس الشعبي الوطني جدد عطاف بكل قوة ووضوح موقف الجزائر مما يحدث للشعب الفلسطيني اليوم، وقال إن الجزائر قالت كلمتها في أكثر من محفل إقليمي ودولي منذ بداية التصعيد، مؤكدا أنها تعتبر الدفاع عن القضية الفلسطينية ونصرة المضطهدين في غزة وفي كل الأراضي المحتلة» وجها من أوجه الوفاء لتاريخها الوطني ولمبادئ ثورتها التحريرية المجيدة». وأوضح في هذا الإطار أنه وبتعليمات من رئيس الجمهورية فقد تجسدت أوجه التضامن الجزائري مع الأشقاء الفلسطينيين على مستويين أساسيين، الإنساني والدبلوماسي، فعلى المستوى الأول ساهمت الجزائر في إغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عبر مساعدات هامة واستعجالية نقلت إلى مطار العريش بمصر عبر جسر جوي لطائرات القوات الجوية، مشيرا إلى أن المحتل الإسرائيلي لا يزال يعرقل إمدادات الإغاثة لسكان غزة. وهو ما يشكل بحد ذاته جريمة حرب وفق ما أكد عليه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مؤخرا، كما استحضر أحمد عطاف اقتباسات مما جاء على لسان المفوض السامي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطيني الذي قدم أول أمس فقط إحاطة هامة لمجلس الأمن حول آخر التطورات على الصعيد الإنساني في غزة، ومنها أن «مستوى الدمار لم يسبق له مثيل والمأساة الإنسانية التي تتكشف تحت أعيننا لا تطاق»، و» أن الجوع واليأس في غزة يتحولان إلى غضب جارف ضد المجموعة الدولية»، و»لا يوجد مكان آمن في غزة»، كما جاء في إحاطة المفوض السامي أن « شعب بأكمله يتم تجريده من إنسانيته». أما على الصعيد الدبلوماسي فإن الجزائر – يؤكد عطاف- تواصل مساعيها الحثيثة إقليميا ودوليا لدعم المطالب المستعجلة التي يفرضها الوضع الراهن، وهي فك الحصار الجائر على القطاع، وقف القصف العشوائي ووقف التهجير والسماح بإغاثة أهل غزة دون قيود أو شروط. كما شددت الجزائر- يواصل وزير الخارجية- في جميع الاجتماعات التي شاركت فيها على حتمية معالجة الأسباب الجذرية للصراع برمته عبر إحياء مسار السلام في الشرق الأوسط والعمل على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية و إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف. و أشار إلى أن الجزائر تحذر من مواصلة الرهان على الأسوأ عبر إطفاء شعلة الأمل لدى الشعب الفلسطيني الذي لا تعرف أجياله الحديثة شيئا عن مسار السلام، وحمل في السياق مجلس الأمن الدولي مسؤولية وضع حد للعدوان الصهيوني وضمان الحماية للشعب الفلسطيني، وهي مسؤوليات لا يمكنه التنصل منها بأي حال من الأحوال. ودائما في هذا الإطار أوضح عطاف بأن رئيس الجمهورية وبصفته صانع السياسة الخارجية قد حدد و شخص بدقة وصرامة روافد موقف الجزائر من الحل العادل والشامل والدائم للصراع العربي الإسرائيلي، وهي روافد تتمثل في الاستجابة الفعلية والجادة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، توحيد الصف الفلسطيني بغية تعزيز موقفه في الأطر الدولية الهادفة لإحلال السلام، ثالثا ضمان حماية دولية للشعب الفلسطيني، ومنح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الجمعية العامة، و إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس المبادرة العربية لقمة بيروت 2002، وأخيرا تتويج أي عملية سلام بإقامة دولة فلسطينية على حدود جوان 1967. وشدد أحمد عطاف في الأخير أنه لا توجد أي قوة ولا أي جبروت يمكن أن ينال من عزيمة الشعب الفلسطيني في استرجاع حقوقه المسلوبة.