قالت ابنة أخ الشهيد بلقاسم منتوري، والدكتورة في علم النفس، عتيقة منتوري، أمس، على هامش إحياء ذكرى شهداء المقصلة ودورهم الفدائي في قسنطينة، المصادفة للثامن من جانفي، والتي احتضنها المتحف الولائي للمجاهد، بأن المثقف يجب أن يقف في وجه المغالطات التاريخية، والقصص الخاطئة، مؤكدة على أهمية حماية التاريخ، ونقله صحيحا إلى الشباب. وأفادت الدكتورة منتوري عتيقة، بأنها بصدد تأليف كتاب تسرد فيه المشوار النضالي، لعمها شهيد المقصلة بلقاسم منتوري، معتمدة على شهادات أصدقائه من الفدائيين والمجاهدين، فضلا عن أفراد من عائلتها الذين عايشوا مرارة تلك الفترة، بالإضافة إلى تضمينه معلومات اكتشفتها في وثائق تمكنت من الحصول عليها من الأرشيف الوطني بمارسيليا، يحتوي على كل ما يخص البلدان التي احتلتها فرنسا، وأفادت بأن الأرشيف الفرنسي يتوفر على معلومات مهمة تخص 45 جزائريا حُكم عليهم بالإعدام في فترة الاحتلال. وأوضحت منتوري بأنها انطلقت سنة 2012 في العمل على هذا المؤلف، وقد تبادرت الفكرة إلى ذهنها بعد وفاة الكثير من أفراد العائلة الذين تحفظ ذاكرتهم تلك المعلومات، ما جعلها تشعر بأهمية الإسراع في توثيق هذا التاريخ، تضيف بأنها بدأت الكتابة باللغة الفرنسية، ثم قررت التحول إلى اللغة العربية ونشر المؤلف في قسنطينة حتى يسهل للشباب الوصول إليه والتعرف على بطولات الشهداء والتضحيات التي بذلوها من أجل حرية الوطن. وعبرت ابنة أخ الشهيد، بأن المعلومات التي وثقتها جد مؤلمة لدرجة أنها كانت تتصور المقصلة أمام عينيها، وفي أحيان كثيرة لا تستطيع السيطرة على مشاعرها أمام الذكريات المؤلمة، التي أثرت على كل العائلة، فجدتها أصيبت بأمراض مزمنة عديدة جراء الممارسات العنيفة التي شهدتها. كما عايشت المتحدثة، آخر اللحظات في حياة عمها بلقاسم منتوري، عند زيارته في سجن القصبة، تقول بأن جدها كان يستخدم طرقا تمويهية لإيصال أخبار الثورة لابنه، لاسيما التواصل عبر اللهجة الزقلامية التي كان ثوار قسنطينة يعتمدون عليها في تناقل أخبار الثورة بين بعضهم البعض، حتى لا تكشف فرنسا أمرهم. في المقابل، تحدث أحد الناجين من حكم الإعدام المجاهد أحمد بن وزدان، الذي قررت فرنسا إعدامه مع رفقائه الأربعة، عن أن أول عملية إعدام بالمقصلة نُفذت بقسنطينة والتي كانت سنة 1955، يضيف بأنه رغم المأساة إلا أن الفدائيين قاوموا من أجل توعية الشعب ضد خطورة عبارة «الجزائر فرنسية»، وعبر بن وذان بأن الحفاظ على الأرض كان يمثل الحفاظ على مستقبل الشباب بالنسبة للمجاهدين. من جهته قال رئيس جمعية المحكومين بالإعدام في سطيف، صالح سفيان، شهداء المقصلة الأربعة عمر زعموش، وبلقاسم منتوري، ومصطفى عواطي، وسعيد بن عباس، بأنهم كانوا مثالا للتضحية والصبر، فضلا عن الشجاعة، مضيفا بأنهم رغم صغر سنهم إلا أنهم لم يهابوا الموت، وتحدوا فرنسا بكل ما أتيح لهم، وهو ما أكدته أرملة الشهيد عمر زعموش، زهية سالم، قائلة بأن هؤلاء الأربعة ورفقاءهم آمنوا بفكرة الاستقلال، فضلا عن أنهم كانوا متأكدين من قيام دولة الجزائر حرة مستقلة. وقال رئيس جمعية المحكومين بالإعدام بقسنطينة، سعيد بولحليب، بأن فرنسا كانت تنفذ الإعدام بعشوائية ولأسباب غير جدية، مضيفا بأن الجندي الذي يتفنن أكثر في تعذيب المجاهدين كان يتحصل على رتبة أعلى.