الجزائر متمسكة بمبادئها أبرزها عدم التدخل في شؤون الدول    ترسيخ القيم الوطنية في الشباب    في انتظار ثبوت هلال الحكومة..؟!    1800 شهيد و4000 جريح و تدمير للمستشفيات والبنية التحتية    بيع محل تجاري( قاعدة تجارية)    جمعية المستقبل للتنمية بباتنة تطلق فعاليات أسبوع التراث    إجراءات لتحسين معيشة الجزائريين    رئيس الجمهورية يتلقى المزيد من التهاني    شبيبة القبائل تلتحق بكوكبة الصدارة    منتدى الشباب الإفريقي بوهران تناول قضايا أساسية للقارة    استراتيجية جديدة للحدّ من السرطان بالجزائر    شرطة غرداية بالمرصاد..    وزير المالية: الاقتصاد الجزائري يواصل صموده    صالون الجزائر للكتاب ينطلق غداً    الاحتلال المغربي يختطف حقوقيا صحراويا    قمع الاحتلال المغربي: ناشطان نرويجيان يشهدان على انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية    ملتقى عالمي للشباب المساند للقضية الصحراوية بالجزائر    مشاريع تنموية لبلديات سكيكدة    ثلث ميزانية الدولة للتكفّل بالمواطن    دعم الاستثمار ومشاريع كبرى في 2025    توزيع 1110 وحدة سكنية    إشادة واسعة بمواقف الجزائر لحماية الحقّ الدولي    ترامب أم هاريس في ثلاثاء الحسم    وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    لقاء عمل بين ممثلي البرلمان الجزائري وأعضاء من الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي    زراعات استراتيجية: ورقة طريق متعددة القطاعات لمرافقة الاستثمارات في الجنوب    ماندي: أتفاهم جيدا مع بيتكوفيتش وهذا دوري مع محرز في المنتخب    مدرب دورتموند يتحدث عن إصابة رامي بن سبعيني    بلايلي يتألق مع الترجي ويردُّ بقوة على منتقديه    المجلس الشعبي الوطني: النواب يشيدون بتدابير مشروع قانون المالية 2025 الرامية لتعزيز النمو وتحسين الاطار المعيشي    إجراء عملية القرعة يوم السبت المقبل لتحديد القوائم النهائية لموسم حج 2025    إنقاذ عائلة تسممت بأحادي أكسيد الكربون    الشرطة تتلقى 4604 مكالمة خلال شهر    حضور بهية راشدي وفانون وغافراس    الرسم ملاذي حينما أتوجّع    في الراهن النضالي للقضية الفلسطينية    "أونروا" في قائمة الاغتيالات الإسرائيلية    المنتخب الوطني يلعب لأول مرة بتيزي وزو.. ضبط برنامج مواجهة ليبيريا بموقف تاريخي    وزيرة الثقافة والفنون تعزي عائلة الفقيد : وفاة الفنان المسرحي والتلفزيوني جمال حمودة    عرض فني عن مساهمة الأغنية والموسيقى في حرب التحرير الوطني : "ثمن الحرية" هذا الخميس أمام جمهور أوبرا الجزائر    قبل مباراتي غينيا الاستوائية وليبيريا..ثلاثة مشاكل رئيسة تقلق بيتكوفيتش    أولاد جلال.. 40 مشاركا في الصالون الجهوي للصناعة التقليدية    العدوان على غزة: 1800 شهيد و4000 جريح جراء جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ شهر بشمال القطاع    تلمسان.. توزيع 2325 وحدة سكنية بمختلف الصيغ    مهرجان دولي للسياحة الصحراوية بالوادي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 43374 شهيدا    صلاح يصدم جماهير ليفربول    لا يستحق لقب البطل في هذا الزمان إلا يحيى السنوار    أين السعادة؟!    رياضة قوة الرمي والدفاع عن النفس: الجزائري الخراز عبد القادر يحرز على ذهبية وفضيتين بأوزباكستان    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    وزارة الصحة: افتتاح التسجيلات للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالتكوين شبه الطبي    تدشين المخبر المركزي الجديد    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    اتفاقية وشيكة بين الجزائر وكوبا    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة رئيس الجمهورية بمناسبة القمة 19 لحركة عدم الانحياز
نشر في النصر يوم 20 - 01 - 2024

وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كلمة إلى المشاركين في القمة 19 لدول حركة عدم الانحياز المنعقدة يومي 19 و20 جانفي 2024 بالعاصمة الأوغندية، كمبالا، قرأها الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية في أشغال هذه القمة.
فيما يلي نصها الكامل :
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
السيد رئيس حركة عدم الانحياز،
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،
أصحاب السعادة،
السيدات الفضليات والسادة الأفاضل،
يطيب لي في مستهل كلمتي هاته أن أتوجه بالشكر لجمهورية أوغندا الصديقة، حكومة وشعبا، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظينا بهما منذ حلولنا بهذا البلد الصديق وأن أهنئ بشكل خاص أخي يوري موسيفيني (Yoweri MUSEVENI)، رئيس جمهورية أوغندا الشقيقة، على تولي بلاده رئاسة حركتنا للسنوات الثلاث المقبلة، متمنيا له كل التوفيق والسداد في هذه المهمة النبيلة ومؤكدا دعم الجزائر التام ووقوفها إلى جانب الشقيقة أوغندا خلال هذه المرحلة الحاسمة.
كما لا يفوتني في هذا المقام أن أعرب عن امتناني العميق للسيد إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، على رئاسة بلاده المميزة لحركة عدم الانحياز على مدى الأربع سنوات الماضية، رغم الصعوبات والتحديات غير المسبوقة التي فرضتها جائحة كوفيد- 19 ذات البعد العالمي.
السيد الرئيس،
السيدات الفضليات والسادة الأفاضل،
إن انعقاد قمتنا هذه في العاصمة الأوغندية كمبالا، باعتبارها إحدى المحطات الفارقة في مسيرة حركة عدم الانحياز، يأتي في ظل سياق دولي وإقليمي متغير ومتشابك، تطبعه تهديدات وتعقيدات متتالية تحمل في طياتها مخاطر وتحولات دولية متعددة الأبعاد والمستويات ستنعكس، بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة، على أمن واستقرار بلداننا وعلى مستقبل منظومة الأمن الجماعي التي ورثناها بعد الحرب العالمية الثانية، سياق أعاد للساحة الدولية مشهد الاستقطاب الحاد لصالح قوى دولية على حساب أخرى وعمق من بؤر التوتر، نشهد فيه أعلى مستويات التهديد للسلم والأمن الدوليين ولقيم الإنسانية جمعاء.
هذا السياق يفرض علينا اليوم وأكثر من أي وقت مضى ضرورة تجديد الالتزام بالمبادئ التأسيسية لحركتنا القائمة على قيم العدالة واحترام الالتزامات الدولية وسيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحماية المصالح المتبادلة وتعزيز المنظومة المتعددة الأطراف كركائز أساسية لبلوغ الأهداف التي سطرها الآباء المؤسسون للحركة، المنبثقة عن روح ميثاق منظمة الأمم المتحدة ومبادئ باندونغ، والمتسقة مع أهداف التنمية المستدامة لأفق 2030، وهي المبادئ التي تكتسي اليوم قيمة متجددة في ظل عودة خيار اللجوء إلى القوة كبديل عن المساعي الدبلوماسية في حل النزاعات الدولية وتآكل منظومة الأمن الجماعي التي تعد الأمم المتحدة ركيزتها الأساسية في ظل عجزها الهيكلي لوضع حد أو حتى كبح سياسات الأمر الواقع ومحاولات فرض مصلحة القوي على الضعيف والتعاطي مع القضايا التي هي في صميم انشغالاتنا بترجيح منطق الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين.
ولعل همجية الهجمات المتواصلة التي تشنها آلة الدمار الصهيونية على أرض فلسطين المحتلة وعنجهية الممارسات اللاإنسانية لجنود الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل من نساء وأطفال ورضع، خاصة بقطاع غزة، في أبشع صور الإرهاب وأقبح مظاهر البطش والتنكيل، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، مثال واضح على إخفاق المجتمع الدولي لفرض ضوابط وقيود تنطبق على الجميع دون انتقاء أو تمييز، حيث تضرب إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط وترفض الانصياع لقرارات مجلس الأمن والاستجابة لخيار السلام دون أن تحاسب على ذلك.
في ظل هذا الوضع المأساوي، يتعين علينا جميعا أن نؤكد، بصوت عال، على أن زمن اللاعقاب واللاحساب قد ولى وأن نتعهد بتكثيف جهودنا الجماعية للمرافعة من أجل إعلاء صوت الحق وتغليب منطق القانون وإرساء مبدأ المساواة وتكريس أولوية الاحتكام للضوابط القانونية الملزمة فوق كل اعتبار، وفق ما نصت عليه مرجعيات الشرعية الدولية والقرارات الأممية التي يفترض أن تكون ملزمة للجميع.
وفي هذا الإطار، تثمن الجزائر تمسك دول حركة عدم الانحياز الدائم بدعم القضية الفلسطينية بوصفها قضية عادلة يرتبط حلها بتجسيد مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها وإيمانهم الثابت بضرورة إنهاء كافة أشكال الاحتلال وتصفية كل صور الاستعمار، كما ورد في الوثيقة الختامية لهذه القمة.
وبذات العزيمة والثبات، إن مسار حركة عدم الانحياز الحافل بصور التضامن مع الشعوب المضطهدة والمستعمرة التي تجسده عمليا من خلال مواقفها المناصرة للقضايا العادلة، يملي عليها اليوم دعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، وهو الذي سلبت أراضيه وتنهب ثرواته في تعارض صارخ مع القانون الدولي، وهو أيضا الذي تتعرض قضيته العادلة وتطلعه المشروع إلى تنظيم استفتاء حر ونزيه وفقا للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لمحاولات الطمس والتغليط لحرمانه من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف أو التقادم.
السيد الرئيس،
السيدات الفضليات والسادة الأفاضل،
إن موضوع قمتنا الرامي إلى "تعميق أواصر التعاون من أجل ازدهار عالمي مشترك" يعد غاية نبيلة في ظل تنامي روح الأنانية والإخلال بالواجبات والتملص من المسؤوليات لدى بعض الأطراف الدولية وزيادة حدة الاستقطاب والانقسام التي من بين تجلياتها تغليب مصلحة الأقوى على حساب حقوق الأضعف، وهو واقع يقتضي منا التأكيد على ضرورة تضافر وتنسيق الجهود بين الدول المنضوية تحت مظلة حركتنا وتحديد المسؤوليات المنوطة بنا ككتلة موحدة من أجل رفع هذه التحديات وبلوغ مقاصدنا المشتركة، ولن يتأتى لنا إلا من خلال تعزيز وحدتنا وتموقعنا الاستراتيجي كفاعل نشط يساهم بشكل فعال في بناء منظومة دولية تقوم على منطق الاشراك لا الإقصاء وتحدد بإنصاف وشفافية المسؤوليات والواجبات، منظومة قادرة على فرض الانصياع لقوانينها وقواعدها على الجميع وعلى قدر من العدالة والمساواة.
وعلى المستوى الإفريقي، تبقى قناعتنا راسخة بوجود علاقة ترابطية بين الأمن والتنمية، خاصة في ظل تنامي حدة ووتيرة الأزمات السياسية والأمنية واتساع نطاقها واستفحال آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة وتفاقم بؤر التوتر والصراعات وتجدد ظاهرة التغييرات غير الدستورية للحكومات، خاصة في منطقة الساحل الصحراوي.
وهذا الوضع لن يثنينا عن أداء واجبنا تجاه قارتنا من أجل تحقيق الأهداف التنموية المنشودة ولن تعجزنا العقبات عن بذل الجهود من أجل تأطير عملنا الجماعي لتصحيح واستدراك حالة الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة الإفريقية في تركيبة مجلس الأمن الأممي.
على العكس من ذلك، سنعمل بلا هوادة على رفع سقف طموحنا صوب الترجمة الفعلية لمشروع اندماجنا القاري وتحويل إفريقيا إلى فاعل دولي في مسار تجسيد "أجندة الاتحاد الإفريقي 2063"، متيقنين من دعم حركتنا لهذه الجهود.
وفي ذات السياق، تكثف الجزائر تعاونها مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها أزمة الطاقة العالمية، وذلك عبر مواصلة وتقوية دورها كممون موثوق وذي مصداقية.
ومن هذا المنطلق، ستحتضن الجزائر في مطلع شهر مارس المقبل القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز، وهي تطمح لأن تجعل من هذه القمة محطة مفصلية لتعزيز الحوار والتشاور بين الدول الأعضاء من جهة، وبين المصدرين والمستوردين من جهة أخرى، بهدف دعم وتطوير صناعة الغاز الطبيعي والتأكيد على الحقوق السيادية الكاملة والدائمة للدول الأعضاء في التخطيط وتطوير واستغلال مواردها من الغاز الطبيعي.
كما ستشكل هذه القمة مناسبة متجددة للتأكيد على مكانة الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة للحاضر وللمستقبل تساهم في دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.
السيد الرئيس،
السيدات الفضليات والسادة الأفاضل،
إن الجزائر التي تشغل ابتداء من مطلع هذا الشهر ولمدة سنتين متتاليتين مقعدا غير دائم بمجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، تتعهد بالدفاع عن قيم ومبادئ حركة عدم الانحياز على مستوى هذا الصرح الدولي الهام، وهي المبادئ التي أثبتت ولا تزال رجاحتها وفاعليتها.
في هذا الإطار، ستسعى الجزائر انطلاقا من خصوصية مسارها التاريخي وقيمها الثابتة ورؤيتها المستقبلية الطموحة إلى تعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف كمبدأ قار في سياستها الخارجية وتغليب منطق الحلول السلمية للنزاعات على المواجهة وتفضيل معالجة الأسباب الجذرية للصراعات بدل الاستمرار في مقاربة احتوائها التي عقدت وأخرت في مسار حلها.
كما تلتزم الجزائر بأن تبقى وفية لمبادئ حركتنا وأهداف ميثاق الأمم المتحدة التي تشكل مرتكزا لمواقفها إزاء مختلف التطورات الإقليمية والدولية وتمثل في ذات الحين منبعا لجهودها ومبادراتها الرامية للمساهمة في نشر الأمن والاستقرار.
وستضم جهودها مع بقية الدول الأعضاء في الحركة لبناء جسور الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة وصياغة التوافقات الضرورية داخل مجلس الأمن الدولي حول القضايا التي تهم حركتنا لإضفاء فعالية أكبر على الجهود الأممية الرامية لمنع نشوب النزاعات ودعم دور المنظمات الدولية الإقليمية الفاعلة، بما فيها حركة عدم الانحياز.
وفي الختام، نتطلع لتكثيف التنسيق والتعاون والتضامن في ظل احترام مبادئ حركتنا وكلنا يقين بأن هذه القمة ستسهم في إعادة تعزيز وحدتنا ورص صفنا وتقوية مكانتنا وإسماع صوتنا بما يستجيب وتطلعات شعوبنا ويتناسب وحجم كتلتنا المتجانسة ويساهم في تشكيل المعالم الجديدة لنظام دولي جديد يكون حافظا لقيم الإنسانية ومكرسا لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
كل التهاني لجمهورية أوغندا على نجاحها في تنظيم هذه القمة وكل التوفيق لها أيضا في قيادة الحركة في الاستحقاقات والتظاهرات المستقبلية. شكرا على كرم الإصغاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.