أبراج و ناطحات سحاب حبيسة الأدراج بجامعة منتوري قال أساتذة و طلبة بكلية الهندسة المعمارية بقسنطينة بأن أبحاثهم و تصاميمهم تبقى حبيسة الأدراج، رغم أهمية و دقة العديد منها كتلك المعدّة في رسائل التخرّج و بالأخص تصاميم الأبراج و ناطحات السحاب التي رغم صعوبتها تعرف اهتماما متزايدا من قبل الطلبة المتطلعين لمواكبة ما هو موجود في الدول الرائدة في هذا المجال و الحالمين بابتكار تصاميم هندسية شاهقة و فريدة، مع ضمان الآمان و فعالية الأنظمة الإنشائية. و من بين أهم التصاميم المثيرة لاستحسان و فخر الأساتذة المؤطرين و المختصين تلك التي صممها أحد الطلبة ويصل ارتفاع مشروعه 350مترا بالإضافة إلى برج صممته مجموعة من الطالبات ضمن تصميم مدينة أفقية يزيد علوها عن 1740 متر و في نفس السنة قدمت طالبة أخرى تصميم عمارة أفقية يصل طولها 950مترا. و قال الأستاذ المهندس بن محمد علي/الحائز على دبلوم الفنون التطبيقية «بوليتكنيك»بجامعة أوكسفورد/ بأن ثمة تصاميم أولية تمت معاينتها من قبل مختصين بمخابر متخصصة بفرنسا أكدوا قابليتها للتجسيد بكل آمان على أرض الواقع لكن للأسف بقيت حبيسة الأدراج و لم ترى النور لا بالجهات العمومية و لا بالمكاتب الخاصة. و أضاف بأن اهتمام الطلبة بتصميم الأبراج ليس وليد اليوم و إنما يعود إلى ثمانينات القرن الماضي لأسباب عديدة منها رغبتهم في الاستفادة من خبرات الأساتذة المؤطرين المتخرجين من أهم الجامعات في العالم خاصة الأمريكية، الأنجليزية و الكندية و الذين استفادوا بدورهم من خبرات المختصين الغربيين بالأخص في الهندسة باستغلال التقنيات الحديثة. و في زيارة لورشة طلبة السنة خامسة هندسة، لفت اهتمامنا غياب التصاميم التقليدية التي حلّ محلها الحاسوب و برامج الأوتوكاد الشهيرة في مجال التصميم والرسم الهندسي والمعماري و التي قالت بخصوصه الأستاذة نادية صحراوي /بصدد تحضير رسالة الدكتوراه بفرنسا/ أنها لاحظت التحكم الجيّد لطلبة كليتهم في برامج الأوتوكاد أكثر من الطلبة الفرنسيين الذين احتكت بهم في فرنسا مرجعة السبب إلى غلاء التكوين في مجال التصميم العمراني متعدد الأبعاد بفرنسا و الذي تزيد تكاليفه عن 600أورو للمستوى الواحد على الأقل، كما لا يقل سعر قرص البرنامج الواحد عن 100 أورو و هو ما جعله في متناول الأقلية عكس طلبتنا الذين يقتنون البرامج المقرصنة بأسعار بخسة لا تزيد عن 150دج الشيء الذي جعلهم أكثر مواكبة للتقنيات الحديثة و أحيانا كثيرة يتفوقون على غيرهم في وضع تصاميم أكثر جرأة و تحديا من زملائهم بباقي البلدان ، لكن ذلك لم يشفع لهم، لأن كل ما يقومون به يبقى حسبها قيد التطبيق النظري و لا يخرج عن إطار رسائل التخرّج أو ما بعد التدرّج و لا يتم استغلاله لتشجيع طلبة السنة الأخيرة في كليات الهندسة المعمارية على تطوير المباني و تحفيزهم على الإبداع مثلما هو شأن دول الخليج التي عرفت دفعا قويا في مجال العمران و ذلك من خلال إشراك الطلبة و الأساتذة بتنظيم مسابقات مهمة لانتقاء المشاريع الأكثر تميّزا و اكتشاف و إبراز الكفاءات التي كثيرا ما تبقى في الظل و لا يستفاد من خبرتهم. مقترحات تصاميم الأبراج ستختفي مع دفعة 2013 و انتقد الأساتذة واقع التكوين في نظام «الألمدي»، معتبرين برامجه بغير المناسبة لأنها في اعتقادهم تساهم في تكوين أساتذة منظرين و ليس مهندسين ميدانيين، و شبّه بعضهم التكوين الحالي بالأدبي أكثر من العلمي التقني باعتبار التدرج المتبع حاليا لا يسمح بتخرّج مهندس دولة بقدر ما يساهم في تخرّج كفاءات صالحة لامتهان التعليم. و أضافوا بأن التصاميم الجيّدة و بالأخص الأبراج التي أثارت اهتمام الكثير من الطلبة رغم صعوبة تنفيذها لما تتطلبه من معلومات وأبحاث دقيقة ستختفي مع تخرّج آخر دفعة للنظام الكلاسيكي أي عام 2013. و ذكرت الأستاذة صحراوي أنها و زملائها اجتمعوا منذ أيام لتباحث طريقة لإبراز أعمال الطلبة المتفوّقين الذين يقومون بجهود جبارة في البحث و جمع المعلومات لإبداع تصاميم جديدة و اقتراح مشاريع مثيرة للاهتمام لما تعكسه من روح التحدي و الرغبة في التميّز التي يتمتع بها بعض الطلبة المواكبين لأحدث التكنولوجيات المستعملة في مجال الهندسة العمرانية، مشيرة إلى رسالة إحدى طالباتها المتخرجات في الدفعة الأخيرة التي قدرت عملها بالممتاز لما احتواه من معلومات وافية و مواكبة لآخر التقنيات الحديثة، المستغلة في دبي الرائدة في العمران الشاهق. ألمع الطلبة يضطرون لاختيار الهجرة و تحدث عدد من الأساتذة عن اختيار الطلبة المتفوّقين للهجرة إلى الخارج لتجسيد طموحاتهم بدل البقاء رهن البطالة و اليأس، مؤكدين تحريرهم لعدد معتبر من الرسائل و طلبات ترخيص للطلبة من أجل السماح لهم بالإلتحاق بجامعات غربية لإتمام دراستهم أو لإجراء تربصات. و أضافوا أن عدد من طلبتهم المتفوّقين يعملون اليوم بمكاتب دراسات مهمة بالخارج. و من جهتهم تأسف بعض الطلبة لبقاء ثمرة أبحاثهم الطويلة في الظل دون أن ينفض عنها الغبار أو يتم استغلالها رغم ما تقدّمه من حلول لمشاكل عمرانية حساسة و ما تتضمنه من اقتراحات لإنجاح مدن بيئية. كما اشتكى البعض الآخر من تكاليف تجسيد تصاميمهم و مجسماتهم التي أكدوا أنها لا تقل عن ال50ألف دج في أفضل الظروف. و قالوا أن منحة الطالب لا تسد حتى تكاليف شراء الكتب، فماذا عن المجسمات و التصاميم التي تعتمد أكثر فأكثر على الأجهزة الالكترونية المتطوّرة. و قبل مغادرتنا للورشة كانت لنا فرصة الاطلاع على أهم المشاريع التي سيقدمها بعض الطلبة المتخرجين نهاية السنة الدراسية الجارية كمشروع تشييد بنايات بنظام «إيروماغ» الألماني و الذي يتميّز بسرعة تجسيد المشاريع العمرانية في مدة لا تتجاوز الشهر و الذي قدمته الطالبة سمري سمية، بالإضافة إلى مشروع الطالب بومالي بوبكر المتمثل في بنايات تسمح باستغلال الطاقة الحرارية على وجه الخصوص.