يشكل مشروع تطوير شبكة السكة الحديدية الذي سيربط مدينة تندوف ببشار وصولاً إلى منجم غارا جبيلات، أحد ركائز التصور الاستراتيجي الذي وضعه رئيس الجمهورية، ضمن مسعى تنويع الاقتصاد الوطني للخروج من التبعية المفرطة للمحروقات، من خلال إعطاء مكانة للنشاط المنجمي ليكون أحد ركائز التحوّل الاقتصادي، بالموازاة مع اعتماد استراتيجية لوقف تصدير المواد الخام بغية تحويلها محليا، ما يمنح قيمة مضافة هامة للمشاريع الجاري تنفيذها والتي ستعيد رسم خارطة الاقتصاد الوطني. يعرف مشروع إنجاز خط السكك الحديدية العملاق الذي يربط بشار بتندوف وغارا جبيلات على مسافة 950 كيلومتراً، تقدماً ملحوظاً، وفق الجدول الزمني المسطر لها، والذي تتشارك في إنجازه على ثلاثة مقاطع كبريات الشركات العمومية المتخصصة في البنية التحتية يرافقها رائد مشاريع السكة الحديدية في الصين شركة «سي.أر.سي.سي». و أظهرت المعطيات الرسمية التي نشرتها الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، تقدما ملحوظا في وتيرة الأشغال ونوعيتها المُتقدِّمة، حيث نقلت الوكالة صورا من ورشات أضخم مشروع للسكة الحديدية في تاريخ الجزائر، الذي تتشارك في إنجازه على مقاطع ثلاثة، كبريات الشركات العمومية المتخصصة في البنية التحتية ، يرافقها رائد مشاريع السكة الحديدية في الصين «سي.أر.سي.سي» التي تسلمت أمر بداية الأشغال يوم 26 ديسمبر الماضي. وبرزنامة عمل تقوم على نظام التناوب بثلاث فرق بالتناوب كل ثماني ساعات لتسريع وتيرة إنجاز الخط السككي المنجمي والذي جرى تقسيمه إلى ثلاثة مقاطع. ويمتد المقطع الأول على مسافة 200 كيلومتر وستتكفل به مجموعة من الشركات الوطنية. إضافة إلى مقطع ثان ب 175 كيلومتراً كُلّفت به شركتا «جيسيبي» و»أسنتيبي»، ومقطع ثالث ب 575 كيلومتراً كُلّف به مجمع جزائري صيني ، وذلك تحضيرا للمرحلة الثانية التي تلي بدء استغلال العملاق المنجمي غارا جبيلات ، بحسب إفادات السلطات المحلية لولاية تندوف. كما كشفت ولاية تندوف، بعض تفاصيل البطاقة التقنية للمشروع ، حيث يمتد المقطع الأول على مسافة 200 كلم من مدينة بشار إلى حدود الولاية مع بني عباس ويتضمن محطتين بكل من العبادلة وحماقير، و يشرف على إنجازه تجمع مؤسسات عمومية تترأسه كوسيدار للأشغال العمومية رفقة شركات أخرى على غرار المؤسسة العمومية «انفرا راي». أما المقطع الثاني فيربط تندوف أم العسل على مسافة 175 كلم ويضم محطة بأم العسل ومحطتين لنقل المسافرين والبضائع بمدينة تندوف، كُلّفت به شركتا «جيسيبي» و»أسنتيبي». أما بخصوص المقطع الثالث ،الممتد من النقطة الكيلومترية 200 نحو أم العسل ومن تندوف إلى غارا جبيلات على طول 575 كلم ، أوكلت مهام إنجازه لتجمع الشركات الصينية «سي.أر.سي.سي « و كوسيدار ، في حين أسندت مهام المراقبة والمتابعة من لدن خمسة مكاتب دراسات ومخبر لضمان نوعية العمل وبمعايير دولية. إنجاز المشروع في الآجال بتعليمات رئاسية ويحرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، على انجاز هذا المشروع الهام في الآجال المحددة، وهو ما شدد عليه خلال الزيارة التي قام بها إلى ولاية تندوف لإعطاء إشارة إنجاز المشروع، وأكد عليه خلال اجتماع للوزراء خصص لمناقشة المشروع، حيث أكد الرئيس تبون، على ضرورة احترام آجال إنجاز مشروع الخط المنجمي للسكة الحديدية بشار تندوف غارا جبيلات. وشدد السيد الرئيس، مرة أخرى، على احترام آجال إنجاز هذا المشروع الحيوي والاستراتيجي، بالنسبة للجزائر، واحترام نوعية القدرات للتقدم بوتيرة تتماشى والمقاييس الدولية في هذا المجال، والمتمثلة في إنجاز أكثر من 2 كلم يوميا. وخلال الشروحات التي قدمت للوزير الأول، نذير العرباوي، خلال الزيارة التي قام بها إلى ولاية تندوف لمعاينة المشروع، فإن عملية التسطيح ستعرف رفع 67 مليون متر مكعب من الأتربة، «وهو ما يعادل تسع مرات الحجم الذي تم رفعه أثناء إنجاز نفق قناة المانش (التي تربط بين بريطانيا وفرنسا)». كما سيسمح المشروع بخلق 14 ألف منصب شغل مباشر، وأنه يجري التعاون مع السلطات المحلية لتكوين الشباب عبر مراكز التكوين المهني في المهن التي يتطلبها هذا المشروع. وبدأت الأشغال في المشروع يوم الثلاثين نوفمبر فور إعطاء رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون إشارة الانطلاق، ومن المقرر استكمال كل المقاطع خلال ثلاثين شهراً، حيث تجري أشغال انجاز هذا المشروع الضخم تحت متابعة خمسة مكاتب دراسات ومخبر لضمان نوعية العمل وبمعايير دولية. و وضع القائمون على المشروع، إسراع أشغال الإنجاز على رأس الأولويات، لذا جرى تسطير رزنامة عمل فرق الانجاز بدون توقف، مع متابعة يومية تكفل إنجاز كيلومترين يومياً، وأبدى القائمون تفاؤلهم بإمكانية تجسيد المشروع في آجاله تبعاً لحضور ثلاثة عشر شركة وطنية متخصصة، وشريك صيني يعدّ الرائد عالمياً في مجال السكك الحديدية، كاشفاً عن الاستعانة بخدمات 10 مؤسسات مناولة ستدخل حيّز الخدمة تباعاً على مدار مراحل المشروع الذي سيشهد فتح عدّة أروقة وورشات». مشروع ضخم لتجسيد التحوّل الاقتصادي وسيشكل المشروع الذي يمتد على مسافة 950 كلم من البنية التحتية للسكة الحديدية، حلقة النقل الرئيسية نحو معامل التعدين و منه باتجاه المناطق الصناعية و الموانئ التي تغطيها الشبكة الوطنية للسكة الحديدية . ويعتبر امتدادا للرواق الغربي لخط السكة الحديدية وهران/بشار، والذي يمتد جنوبا من مدينة بشار مرورا بالعبادلة و حماقير و تبلبالة وحاسي خبي وأم العسل و تندوف وصولا إلى غارا جبيلات. ويعد هذا المشروع العملاق للسكة الحديدية حلقة الربط الرئيسية في سلسلة إنتاج الحديد و الصلب في الجنوب الغربي للبلاد و الذي سيسمح بنقل أكثر من 140 ألف طن يوميا من خام الحديد عبر ثمانية قطارات في كل اتجاه بعد إطلاق مقطعه الأول الرابط بين بشار و حدودها مع ولاية بني عباس عبر مسافة 200 كلم.وتؤكد السلطات المحلية بولاية تندوف على أن هذا المشروع الذي سيربط منطقة غارا جبيلات (140 كلم جنوب تندوف) بولاية بشار سيساهم في تعزيز الحركية الاقتصادية من خلال نقل خام الحديد نحو مناطق التصنيع تجسيدا لتوجه الدولة الرامي إلى تثمين الثروات المنجمية بولاية تندوف التي تعتبر بوابة الجزائر نحو الغرب الإفريقي. وبالنسبة لقطاع الأشغال العمومية بولاية تندوف فإن هذا الخط من شأنه أن يقلل من تكلفة نقل المادة الخام من الحديد انطلاقا من منجم غارا جبيلات نحو مختلف مناطق التصنيع، فضلا عن أهميته في الدفع بالحركة التنموية بالمنطقة وإنعاش الاقتصاد الوطني بشكل عام. وسيساهم هذا المشروع في التخفيف وبشكل فعال من الضغط المروري على الطريق الوطني رقم 50 الذي يعتبر بمثابة الشريان الوحيد الرابط بين تندوف وبشار ثم نحو ولايات شمال الوطن، حسب ذات المصدر.كما سينعكس مشروع السكة الحديدية بشار/تندوف/غارا جبيلات بشكل إيجابي على ذات المحور من خلال المحافظة على هذه المنشأة الطرقية وتقليص فاتورة صيانتها الدورية إلى جانب المساهمة في ترقية المبادلات التجارية مع دول الجوار الإفريقي. وسيساهم هذا المشروع الإستراتيجي الواعد ، الذي يعتبر من أكبر المشاريع المهيكِلة في إطار النموذج الاقتصادي الجديد في تعزيز الحركية الاقتصادية من خلال نقل خام الحديد نحو مناطق التصنيع والوصول بالخامات إلى ميناء أرزيو تحديداً ، لنقل الثروات المعدنية إلى الخارج ، تجسيدا لتوجه الدولة الرامي إلى تثمين الثروات المنجمية بولاية تندوف التي تعتبر بوابة الجزائر نحو أسواق غرب إفريقيا. ويكمن الرهان الأول بالنسبة للجزائر من وراء استغلال منجم غارا جبيلات في توفير المادة الأولية لخام الحديد والتي تستوردها الجزائر سنويا. ويتوفر المنجم المفتوح على الهواء الطلق على احتياطي يصل إلى 3,5 مليار طن من خام الحديد، فيما تبلغ قدرات الإنتاج ب 2 إلى 3 مليون طن سنويا في غضون 2025, قبل أن ترتفع تدريجيا لتصل إلى 50 مليون طن سنويا في آفاق 2040 .