أكد المشاركون في الندوة العلمية الرمضانية الأولى من نوعها التي نظمها المجلس العلمي لجامع الجزائر نهار أمس السبت، على مستوى دار القرآن لجامع الجزائر حول "المرجعية الدينية في الدراسات الاجتماعية و الإنسانية" على أهمية الحفاظ على التسامح القائم بين مكونات المرجعية الدينية للجزائريين، الذي تم تكريسه على مر القرون الماضية، مبرزين بأن المرجعية الدينية للجزائريين تجسد تنوعا إيجابيا متكاملا، نظرا لإدراك المواطن الجزائري لمدى خطورة المؤامرات التي تحاك ضده بمختلف المسوغات. وفي هذا الصدد أكد الدكتور، مصطفى باجو، أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة غرداية في مداخلة معنونة ب " المرجعية الدينية الوطنية ضرورة لضمان الاستقرار والتماسك والمناعة الفكرية"، التي أشرف على افتتاحها السيد وزير الدولة، عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، أن المذهبين المالكي والإباضي، المتجذرين في بلادنا تجمعهما معالم متشابكة، فضلا عن المشترك الغالب في أصول الدين وفروعه وهو – كما قال - سمة الوسطية والاعتدال والتسامح، مبرزا بأن التاريخ شاهد على ذلك وقال إن واقع المجتمع الجزائري قام على الفطرة في التدين، وعدم التنطع ( الغلو) في الدين، عملا بهدي النبي صلى الله عليه. وأكد الدكتور باجو، بأنه رغم الامتحانات التي ابتلي بها المجتمع الجزائري عبر تاريخه من خلال مختلف الغزوات والحروب المفروضة عليه، إلا أن نداء الدين كان رائده في الدفاع عن حرماته وأن حب الوطن كان أيضا دافعه للاستماتة في دفع العدوان، مضيفا بأن صفحات التاريخ شاهدة على هذا. كما أكد المحاضر بأن كل الجزائريين بتنوع ثقافاتهم، مدركون لأهمية ووجوب المحافظة على التماسك الاجتماعي والتسامح بين مكونات الهوية الوطنية و الحفاظ عليها، من أجل صد كل "المحاولات والمراودات المتواصلة للإيقاع به في فخ التمزق والتشرذم والتناحر والتصادم بمسوغات عديدة، وألوان شتى حينا باسم العرق والجنس، وحينا باسم المذهب والدين، وحينا باسم العصرنة والحداثة". وأضاف " إن الشعب الجزائري مدرك لمدى خطورة المؤامرة، وعازم على المضي في المقاومة، ومستعد للاستمرار في التضحية، كونه مؤمن بسلامة نهجه وأصالة مبادئه وشرف رسالته، شعاره الجزائر وطننا الجامع، والإسلام ديننا الواحد الموحد، والنسب العريق للأمازيغ والعرب جذورنا الضاربة، والوسطية والاعتدال والتسامح منهجنا الواضح"، مبرزا في ذات الوقت أن المجتمع الجزائري في كل مواقعه ومدنه وقراه يجسد هذا المنهج في علاقاته وحياته اليومية في مختلف ميادين الحياة. وفي سياق ذي صلة أبرز الأستاذ باجو، أهمية الأبعاد الحضارية للمرجعية الجزائرية كونها تمثل – كما ذكر - الاستقرار والاستمرار، وتجسد التنوع الإيجابي المتكامل. من جهته أكد الدكتور، مصطفى راجعي أستاذ علم الاجتماع بجامعة مستغانم، في مداخلة موسومة ب "التعايش بين المرجعيات الدينية قراءة مفاهيمية"، أن المرجعيات الدينية المختلفة للجزائريين بين "المالكية والإباضية " هي مرجعيات متعايشة. كما قدم الأستاذ الدكتور، بدر الدين زواقة أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة باتنة مداخلة بعنوان" المواطنة رؤية ثقافية حضارية ضمن المرجعية الوطنية"، أشار فيها إلى العلاقة بين المرجعية والمواطنة، مبرزا أهمية إبراز الكنوز التراثية المرتبطة بالمرجعية الدينية للشباب المرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي. وبعد أن قدم الدكتور أبو بكر حسوني، أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة وهران محاضرته، حول تنمية الملكة الفقهية وأثرها في تعزيز المرجعية الدينية، من خلال مقاربة فلسفية، اختتم اللقاء رئيس المجلس العلمي، لجامع الجزائر موسى إسماعيل، الذي أبرز أهمية هذه اللقاءات العلمية في تلاقح الأفكار. وشدد بالمناسبة على أهمية الحفاظ على الهوية الدينية للشعب الجزائري والمتمثلة – كما قال - في الإسلام وقال " إن الإسلام هو المرجعية التي نشترك فيها جميعا، كجزائريين مالكيين أو إباضيين أو صوفيين، أو حنفيين على قلتهم".