أكد خبير الغابات بمحافظة الغابات لولاية قسنطينة، عيسى فيلالي، أن التغيرات المناخية التي شهدتها الولاية في السنوات الأخيرة، أثرت بشكل سلبي على عملية نمو وانتشار أشجار الفلين بمنطقة "القطوشة" بأعالي زيغود يوسف، ما استدعى بحسبه، الاعتماد على مخططات تنموية ترمي إلى المحافظة على الثروة الغابية، وتأهيل وتثمين أشجار الفلين التي تعد أحد أهم المصادر الاقتصادية والسياحية والبيئية بالولاية. يرجع انتشار أشجار الفلين بين بلديتي زيغود يوسف وابن باديس، إلى رطوبة الجو في أعالي المنطقتين، ما ساعد على نمو هذا النوع من النباتات شكل كبير، إذ تلعب دورا هاما في حماية التنوع البيولوجي وتوفير بيئة مناسبة لعيش وتطور بعض الكائنات الحية، كما تحافظ على التربة من التصحر والانجراف، فضلا عن دورها في تلطيف الجو. وتعتبر غابة بلوط الفلين موروثا طبيعيا مهما بقسنطينة منذ عقود، لما توفره من جدوى اقتصادية وبيئية بحسب عيسى فيلالي، لكنها الآن تواجه تحديات كبيرة جراء التغيرات المناخية التي شهدتها الولاية في العشر سنوات الأخيرة، بفعل تذبذب تساقط الأمطار والارتفاع القياسي في درجات الحرارة، موضحا الخبير بأنه وفي إطار حماية الثروة الغابية والمحافظة على الأملاك الغابية الوطنية، لاحظت محافظة الغابات من خلال تقارير خرجات تفقدية قام بها أعوانها إلى غابة بلوط الفلين بأعالي زيغود يوسف، بأن حالة الإجهاد الفيسلوجي بدأت تظهر جليا على عدد كبير من أشجار الفلين، ناهيك عن موت بعض الأشجار وذبول وتآكل البعض الآخر، بعدما أصيبت نسبة معتبرة بعدوى فطرية وتغذت عليها الطفيليات. وقال المتحدث، بأن ظاهرة إجهاد أشجار الفلين، لم تسجل فقط على المستوى المحلي، بل حتى في العديد من غابات الوطن، وذلك لأنها تعتمد على ظروف مناخية معينة لنموها وازدهارها، بما في ذلك درجات الحرارة المنخفضة وكميات الأمطار المعتدلة، وأي تغير فيهما يؤثر سلبا على إنتاجية الفلين. وأوضح فيلالي، أنه من المتوقع حسب عمليات محاكاة الانعكاسات المناخية بهذه الغابات، فقدان عدد كبير من أشجار الفلين خلال السنوات المقبلة في ظل استمرار وجود عوامل تدهورها. وأضاف المتحدث، أنه في إطار تطوير وحماية الفضاءات الغابية، قامت محافظة الغابات بإجراءات احترازية لحماية أشجار الفلين من الموت الحتمي، وذلك من خلال تطهيرها من الفطريات والطفيليات، وكذا إزالة بعض الأشجار التي تأكدت وفاتها، في حين ترك البعض منها خوفا من انجراف التربة، موضحا بأن الحالة غير مقلقة كثيرا ولكنها تستلزم الحذر والمتابعة المستمرة. وأشار عيسى، إلى أن غابة قطوشة بأعالي زيغود يوسف، تعد إرثا غابيا هائلا، له أهميته البالغة على كافة الأصعدة الاقتصادية والبيئية والجمالية فهي موطن للعديد من الأنواع الحيوانية والنباتية، وتتطلب تكاتف جهود الفاعلين على كافة المستويات وصولا إلى المواطن للحفاظ عليها. ومن الطرق الاحترازية لحماية أشجار الفلين من التغيرات المناخية يضيف الخبير، استخدام أنظمة الري الذكية وتقنيات الري الفعالة لضمان توفير كميات كافية من الماء لأشجار الفلين، وتعزيز التنوع الوراثي لأشجار الفلين الذي يمكن أن يجعلها أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، ومراقبة الأمراض والآفات التي تؤثر سلبا على صحة أشجار الفلين واتخاذ الإجراءات العلاجية والوقائية المناسبة، ناهيك عن تثقيف المزارعين والمجتمعات المحلية حول أهمية حماية أشجار الفلين وتأثيرات التغيرات المناخية عليها. وأكد الخبير، على الأهمية البيئية لأشجار الفلين، لأن جذورها تساهم في تثبيت التربة ومنعها من التعرية والتآكل، كما توفر موئلا للكثير من الكائنات الحية بما في ذلك الحيوانات والطيور واللافقاريات، ما يعزز التنوع البيولوجي بحسبه، كما تساهم في تصفية وتنقية المياه الجوفية ومنع تسرب الملوثات إليها. كما أن لأشجار الفلين دور مهم في التقليل من تأثيرات الاحتباس الحراري، حيث تعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزنه في أنجستها الخشبية.