العاصمة تبقى ملهمتي و أعمالي واقعية وليست وثائقية كشف المخرج السينمائي الشاب فوزي بوجمعي الحائز على عديد الجوائز السينمائية المهمة ، عن جديد مشاريعه السينمائية و آخر أفلامه القصيرة و كذا تجربته في تصوير أول فيلم طويل، مؤكدا بأن العاصمة أكثر ما يلهمه في أعماله السينمائية التي يتطرق فيها لمواضيع اجتماعية من عمق الجزائر، على غرار فيلمه القصير الأول "سكوار بور سعيد "الذي يرمز إلى موضوع الحرقة من منطلق جديد دون أن يذكره مباشرة. حدثنا عن فيلمك حديقة "بور سعيد "الذي حصد العديد من الجوائز السينمائية المهمة. - فيلم "سكوار بور سعيد "هو أول فيلم سينمائي لي من إنتاج فرنسي و لكن بروح جزائرية محضة، تحصلت بفضله على ثلاث جوائز سينمائية هي جائزة "علي معاشي "، جائزة لجنة التحكيم في مهرجان "ترويس "بفرنسا سنة 2012 و جائزة أحسن سيناريو في "الأيام السينمائية "بمستغانم 2013، و يتحدث هذا العمل في مدة قصيرة لا تتجاوز 5 دقائق عن الرغبة الجامحة التي تسكن الكثير من الشباب الجزائري للرحيل للخارج، و التي حاولت التعبير عنها من خلال حافلة سائرة على طريق ميناء الجزائر و المطلة على منظر الباخرات و القوارب المجسدة لحلم الهجرة بالنسبة للكثير من الشباب، و من بينهم شاب من ركابها يحاول أن يتواصل مع فتاة تجلس في الكرسي المقابل له عن طريق تطبيق تذاكر الحافلة مرة في شكل طائرة و مرة في شكل باخرة معبرا لها عن حلمه بالهجرة، و لأنها لم تعجب بهذه الرمزية تنتزع منه نفس التذاكر و تطبقها في شكل منزل لترمز للأمان و الاستقرار داخل الوطن. و ماذا بعد "سكوار بور سعيد "؟ - حاليا أنا أعكف على التحضير لثلاثة مشاريع لأفلام جديدة، أولها فيلم قصير بدأت كتابته ضمن ورشة كتابة بمهرجان الفيلم القصير السنوي ببجاية ، يتحدث مضمونه عن فترة الإرهاب الحالكة التي مرت بها الجزائر، بالإضافة إلى سيناريو فيلم طويل أعمل على كتابته و تطويره مع ورشة "ميدي تالون» بالمغرب و الذي يتناول موضوع "الحراقة "كأحد الظواهر الاجتماعية الخطيرة في الجزائر، بالإضافة إلى فيلم آخر مقتبس من رواية لكاتب فرنسي جزائري يدعى عمار محمدي و التي تتحدث عن العنف الممارس من قبل الشرطة الفرنسية ضد الأجانب المقيمين بفرنسا، و في شهر سبتمبر المقبل سأبدأ بتصوير فيلمي القصير الثاني الذي يتحدث أكثر عن الواقع الراهن للشباب، من خلال شاب يتجول في حي باب الواد الشعبي القاطن به و يروي للجمهور يومياته و نشاطاته فيه كما يعرفنا أيضا على أصدقائه و جيرانه. لماذا تهتم كثيرا بالعاصمة و أحيائها و مختلف أماكنها في أعمالك السينمائية؟ -لأنني ولدت و ترعرعت في العاصمة و من الطبيعي أن تكون هي أكثر مدينة تلهمني في الجزائر و في العالم، كان من الممكن أن يدفعني اهتمام الكثير من السينمائيين الجزائريين بها للبحث عن مواضيع أخرى، و لكني مع ذلك فضلت التركيز عليها و تسليط الضوء على كل المواضيع التي كانت تشغل تفكيري في الخمسة و العشرين سنة التي عشتها فيها ، كما أنه من الطبيعية أن تبقى هذه الفترة الطويلة من حياتي راسخة في ذهني و مخيلتي رغم انتقالي للعيش في فرنسا، و حان الوقت الآن لأتحدث عن كل الأشياء التي تهمني و تجذبني. تقترب أعمالك السينمائية و سيناريوهاتك من العمل الوثائقي الذي يصف العاصمة بصدق و واقعية لا تخلو من الخيال . - أعمالي السينمائية لا علاقة لها بالعمل الوثائقي بل هي ببساطة سينما واقعية تركز على واقع الأماكن و لكنها تبقى خيالية مئة بالمئة، بينما تعتمد الأفلام الوثائقية على نوع آخر من التعبير لا يتحكم فيه إلا قليلون في الجزائر.