منع النساء من استعمال الكحل وعدم كنس الزرائب لضمان محصول جيد ارتبط موسم البذر في بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة في القديم بمنع النساء من استعمال الكحل ،وعدم كنس الزرائب إضافة إلى نثر حبات الرمل الأحمر فوق سكة المحراث مع شق أول ثلم، وهي معتقدات وعادات وتقاليد تمكن التطور الذي شهده قطاع الفلاحة مع الثورة الزراعية ودخول الآلة من القضاء عليها ومحوها من الذاكرة الشعبية والمعتقد الميثولوجي، فلم يتوارثها الجيل الجديد عمن سبقه،و بقيت مجرد حكايات يرويها بعض من عاشوا وعايشوا زمن التقيد بها. و من بينهم عمي السعيد شعبي الذي يرويها في حكاياته و أحاديثه مع أقرانه و للشباب بنوع من العجب والتعجب من سيرة "ناس بكري" و براءة معتقداتهم. موسم البذر يقول عمي السعيد يبدأ في غرة أكتوبر ،وهو حدث مميز في حياة الأسرة الجزائرية،الفلاحية بطبعها،تصاحبه بعض المظاهر التي يصل التقيد بها حد الاعتقاد. من هذه المعتقدات منع النساء من التزين بالكحل طوال موسم البذر،كحماية للحقول التي تضم مختلف الحبوب وعلى رأسها القمح الصلب الأكثر زراعة من الإصابة بالتفحم المعروف محليا بال"كحايلة" المشتقة من الكحل،و كذا التوقف عن رمي فضلات الحيوانات يقول نفس المتحدث لأن تراكمها يبشر بتراكم حزم السنابل في النوادر وبالتالي،الفوز بمحصول وفير في موسم الحصاد والدرس.ومن الأكلات التي تعد في تلك الأيام "الطمينة" التي تسمى محليا ب"الزرير" على أن تؤكل من يد امرأة،وتسف دون مضغ تشبيها بكثرة المحصول والحب في الأكياس،ووسائل التخزين مطمورا أو زردابا. هذا فيما يخص معتقدات داخل جدران البيت وبين أفراد الأسرة، أما في الحقل ومع أول ثلم،تشقه سكة المحراث اليدوي،تنثر حبات الرمل الحمراء فيه، على أمل أن يكون الإنتاج بنفس كثافة حبات الرمان وحجمه ولونه،وهي ترصع السنبلة،التي تنحني أمام المناجل حياء بما ضمته من خيرات. هذه المعتقدات كما يقول محدثنا كان التقيد بها راسخا بل إجباريا،ويعاقب بصرامة من لا يلتزم بذلك في الأسبوع الأول من عملية البذر التي تبدأ مع حلول موسم الرمان. الباحث في علم الاجتماع ومدرس مقياس الأنتربولوجيا في جامعة قسنطينة 2، فوزي مجماج يقول في هذا الصدد:"تعود هذه الممارسات الطقوسية إلى عهود قديمة سابقة عرفت بها المجتمعات الزراعية .وهي ناجمة عن الاعتقاد الراسخ بخصوبة الأرض التي يمثلها شكل خصوبة الرحم عن المرأة مثلا،لذلك تتلاءم كل تلك الأشكال في إسقاطات ذاتية يتحكم بها وجود منطق متشابه، يصنف بأنه بدائي، كان يعتقد الناس أنه يسقط على الطبيعة،نجد الكثير من هذه الممارسات في مجتمعنا اليوم هي ميراث قديم،قد تضرب أصوله إلى أحقاب بعيدة جدا. ص.رضوان