لا تزال ثمرة الرمان التي تعرف بفاكهة الجنة رمزا للخصوبة والوفرة ومصدرا للعلاج تحظى باهتمام كبير في منطقة سوق أهراس لما لها من أسرار رمزية قوية في المعتقدات الشعبية . وداخل هذه المعتقدات الشعبية التي هي درء من هوية المجتمع ولها علاقة بالطقوس الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ يبرز ذلك الاهتمام الموجه إلى الأشجار من زيتون وتين وعنب ورمان . وهي أشجار تلازم الفرد منذ أمد بعيد حيث تظهر الفاكهة بعلاقتها بالمعتقات كما يشرح ذلك السيد جلال خشاب وهو أستاذ باحث في التراث الشعبي بالمركز الجامعي "محمد الشريف مساعدية" لسوق أهراس. وفي سوق أهراس لا يزال بعض المواطنين يؤمنون بثمرة الرمان في هداياهم وكذلك في استهلاكهم .ويعود السبب في ذلك حسب ما أوضحه ذات الأستاذ إلى أن ثمرة الرمان التي وجدت متنفسا لها بسوق أهراس توحي لهم بالخصوبة والوفرة. ولعل أبرز دليل على ذلك أن "قفة العروس" في سوق أهراس وخاصة في فصل الخريف بالذات لا تخلو من ثمرة الرمان إلى جانب بعض الهدايا الأخرى لأن هذه الثمرة تتضمن عددا كبيرا من الحبيبات مما يجعل الفرد يتيمن خيرا بالذرية الكبيرة العدد. ويرى عدد من مواطني طاغست في هذه الثمرة الخير الكثير حيث يعمد إلى رمي حبيبات الرمان في الحرث تبركا وتفاؤلا بسنابل مليئة كثمرة الرمان. وبرأي عمي صالح وهو شيخ في 75 سنة من العمر فإن كثيرا من الأمثال والحكم الشعبية بسوق أهراس لها ارتباط وثيق بفاكهة الرمان ذاكرا مقولة "يجعلك مثل الرمانة من كل جهة مليانة". وأشار هذا الشيخ أن عديد العائلات السوقهراسية تحتفظ بقشور الرمان لاستعمالها في الطب الشعبي كدواء ضد الإسهال والمعدة وقد أثبتت فعاليتها الإيجابية في كثير من الحالات . وبدوره أكد أحد المتقاعدين من سكان طاغست أن حبيبات الرمان تستعمل في فصلي الخريف والشتاء فوق طبق المحور (الكسكسي) مما يزيد الأكل طعما ألذ. ويحتفظ بالرمان طوال أيام السنة. وبالإضافة إلى ذلك يعطي الطب التقليدي أهمية كبيرة لقشور الرمان الصفراء أو الحمراء للرمان لما له من آثار علاجية ضد الإسهال وغيرها من مشاكل الجهاز الهضمي حيث تحرص عديد العائلات السوقهراسية على الاحتفاظ بهذه القشور وعدم رميها وتجفيفها وتخزينها في زوايا من الأماكن التي تستخدم لمثل هذه الأعشاب الطبية. وأكد الطب الحديث القيمة العلاجية حسب الدكتور محمد. ب وهو طبيب بوسط المدينة الذي أشار إلى أن تناول فاكهة الرمان يخفض من ضغط الدم ومانع للنزيف. وتدخل فاكهة الرمان كذلك حتى في تحضير مستحضرات التجميل خاصة وأن الرمان له فعالية ضد شيخوخة الجلد ويعطي لمعان للشعر. والملاحظ أن هذا الاعتقاد موجود في مجتمعات أخرى تمتد من آسيا إلى البحر المتوسط كما تشير إلى ذلك بعض الدراسات. وترمز هذه الفاكهة في مجتمعات أخرى خلال القرون الرومانية الأولى إلى الآلهة "الخرافية "أناهيتا" أو ما تعرف ب"آلهة الخصب" كما تعد ثمرة مقدسة توحي بالخير والبر حسب الأستاذ الباحث جلال خشاب. وعلى الرغم من أن فاكهة الرمان ذات مذاق جذاب يقول ذات الأستاذ إلا أنه اشتق منها في اللغات الأخرى النقيض من خلال كلمة "قروناد" خاصة وأن هذه القنبلة اليدوية ذات تشكيلة تشبه إلى أبعد الحدود حبة الرمان.