تقرير حكومي ينتقد التأخر في إنجاز المشاريع أكد تقرير خبرة، أعده مسؤولون بوزارة المالية، تدنى مستوى استهلاك الاعتمادات المالية المخصصة للبرامج الاستثمارية، خلال السنة الجارية، ما قد يؤثر على وتيرة إنجاز هذه المشاريع التي لن يتم تسليمها في وقتها المحدد. ولم تتجاوز وتيرة استهلاك الأظرفة المالية المخصصة للقطاعات المختلفة 41 بالمائة إلى غاية شهر أوت الماضي، ما يطرح عدة تساؤلات حول قدرة أدوات الإنتاج الوطنية على استيعاب البرامج التي تسطرها الدولة قبل بداية كل سنة مالية. وأشار تقرير حكومي إلى تدنى نسبة استهلاك الاعتمادات المالية المخصصة للبرامج الاستثمارية المقررة خلال السنة الجارية، بشكل سيؤخر حتما انجاز المشاريع العمومية الجارية، ويتوقع التقرير تسجيل تأخر كبير في استلام هذه المشاريع بسبب ضعف وتيرة الإنجاز، رغم توفر الاعتمادات المالية. ويشير التقرير أن استهلاك الاعتمادات المالية المخصصة للتجهيز للسنة الجارية لن تتجاوز 55 بالمائة في أحسن الأحوال، وهو مستوى ضعيف ويأتي عكس توقعات الحكومة التي تراهن على مستوى استهلاك في حدود 60 إلى 65 بالمائة، أي تقريبا نفس المستوى المسجل في الأعوام الأخيرة. وكان وزير المالية، قد كشف على هامش جلسة مناقشة مشروع قانون المالية 2014، بأن نسبة استهلاك الاعتمادات بلغت 65 بالمائة خلال عامي 2010 و 2011، فيما بلغت خلال الثمانية أشهر من العام الجاري 41 بالمائة فقط. وأرجع الوزير هذا الضعف إلى نقص أدوات الإنتاج مقابل ارتفاع الطلب العمومي. وقال الوزير بأن تخصيص هذه الاعتمادات مرتبط بموافقة مسبقة من الصندوق الوطني للتجهيز من اجل التنمية "كناد". وبحسب تقرير وزارة المالية، فإن وتيرة إنجاز المشاريع العمومية تظل بطيئة جدا بسبب ضعف قدرات الإنجاز في الجزائر، و ضعف قدرات الاقتصاد الوطني في امتصاص الموارد المالية التي تتضمنها قوانين المالية والمخصصة لإنشاء وتجهيز المشاريع العمومية. ويعتقد خبراء وزارة المالية، بأن ضعف أدوات الإنتاج، يعد العامل الأساسي في تأخر استلام المشاريع المنجزة، وقد تطول مدة الاستلام عدة أشهر أو سنوات بسبب إجراءات إدارية مرتبطة بتجهيز هذه المشاريع، على غرار المدارس والمستشفيات بالتجهيزات اللازمة، وتزويد هذه المنشآت بالإطار البشري لتسييرها. وليست المرة الأولى التي يشير فيها تقرير حكومي إلى ضعف مستوى الاستهلاك المالي، حيث تم تسجيل نفس الإشكالية منذ 2005، أي مع بداية المخطط الخماسي لدعم النمو، ما تسبب في ارتفاع التكاليف، حيث واجهت الحكومة أعباء مالية إضافية بسبب إعادة تقييم المشاريع قدرت ب 40 مليار دولار. و حسب خبراء اقتصاديين، فإن التأخر في تجسيد المشاريع مرتبط بعدة أسباب، منها عراقيل ذات طابع هيكلي، على غرار ضعف دراسة المشاريع، وعجز أدوات المراقبة والمتابعة، إضافة إلى عدم قدرة الشركات الجزائرية على استيعاب هذا الكم الهائل من المشاريع. ما دفع بالحكومة إلى طرح عدد كبير من المشاريع أمام شركات أجنبية، ومنها مشاريع كبرى تحتاج كفاءة عالية لا تتوفر عليها الشركات الوطنية، خاصة لانجاز بعض السدود ومشاريع سكنية (الأبراج) والطريق السيار شرق-غرب، هذا الأخير الذي يعتبر من المشاريع التي تعرف تأخرا كبيرا بحيث لم يتم استلام المشروع كاملا إلى غاية الآن رغم أن الوزير السابق عمر غول كان قد التزم مرارا بتدشينه كليا في 2011. وقد أشار وزير السكن والعمران، خلال اجتماعه بلجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، لمناقشة مشروع قانون المالية 2014، إلى ضعف وسائل الإنتاج، وقال عبد المجيد تبون، في هذا الشأن بأن إمكانيات الجزائر وأدوات الإنجاز الوطنية لا تستجيب حاليا للأهداف المسطرة، إذ أن أغلبها لا تتجاوز طاقة إنجازها 80 ألف سكن سنويا، وقال تبون بأن القضاء على أزمة السكن في غضون السنتين المقبلتين يتطلب إنجاز 200 ألف سكن سنويا، ما دفع الوزارة إلى الاستعانة بشركات أجنبية لانجاز البرامج السكنية الجديدة.وسبق وان أثار مجلس المحاسبة في تقارير السابقة، الجوانب السلبية المتعلقة بسياسة الاستثمار العمومي، في إطار المخطط الخماسي، وأشار إلى تدنى نسبة استهلاك الميزانيات المخصصة لبعض القطاعات نتيجة عدم ضبط الدراسات المتعلقة بالمشاريع ونقص تحضيرها، وكذا عدم التدقيق في تقييم الاحتياجات، وكل ما يترتب عن ذلك من آثار على التمويل والإنجاز، وضعف التقدير المالي، وتجاوز كبير في آجال الإنجاز. وتطرق المجلس إلى سوء تسيير ميزانية التجهيز، وربط هذا الضعف في التسيير بعدة عوامل، منها ضعف دراسة المشاريع وشكك في مصداقية بعض هذه الدراسات، وقال التقرير بأن هذا الضعف دفع الدوائر الوزارية إلى زيادة الغلاف المالي المخصص لهذه المشاريع ضمن الموازنة السنوية، لاسيما تلك المتعلقة بقطاعات الأشغال العمومية "الطرقات" والموارد المائية، والنقل بالسكك الحديدية. وسجل المجلس في تقريره الأخير، الذي عرض لدى مناقشة قانون ضبط الميزانية لسنة 2010، تدني استهلاك الميزانيات المخصصة للاستثمار، وطالب المجلس في تقريره، ببذل جهد أكبر للتحكم في الإنفاق وضبط التوقعات، وتنسيق أكبر بين مختلف القطاعات وحسن تقدير الحاجيات ''حيث أن كثيرا من الميزانيات المرصودة تجاوزت المتطلبات''، واستدل هنا بتخصيص ميزانية لوزارة الصيد البحري تفوق قيمتها 3 ملايير دينار، بينما لا يزيد استهلاكها للميزانية عن 1,5 مليار دينار. أنيس نواري