خبراء ينتقدون طريقة تشكيل سلطة الضبط ويطالبون بتعديل القانون قبل تبنّيه * القنوات الخاصة الحالية لا يمكنها الاندماج في القانون الجديد- المطالبة بفتح المجال للقنوات العامة فتحت كتلة التجمع الوطني الديمقراطي بالغرفة السفلى للبرلمان النقاش حول مشروع قانون السمعي البصري الموجود حاليا على مستوى لجنة الإعلام والثقافة والسياحة والذي سيعرض على النواب لاحقا، وتباينت آراء الخبراء والأساتذة المختصين وأصحاب المهنة بين من اعتبر المشروع ضروريا في هذا الوقت بالذات، وبين من قال أن نقائص كثيرة تعتريه وان الطابع القانوني غلب على بقية الجوانب فيه، وانه لا مفر من إدخال تحسينات عليه قبل تبنّيه، وتساءلوا عن مستقبل القنوات الخاصة الموجودة حاليا لأنه لا يمكن بأي طريقة تكييفها مع القانون عندما يدخل حالة السريان. شرح خبراء وأساتذة في الإعلام وفاعلين في حقل السمعي البصري ونواب وصحفيين أمس مشروع قانون السمعي البصري الموجود حاليا على مستوى المجلس الشعبي الوطني خلال يوم برلماني حول الموضوع نظمته الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، وهكذا اعتبر حسيني صفوان أستاذ بمعهد علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر المشروع استثمار في مجال القانون بحد ذاته بحكم عدم وجود اي قانون في هذا المجال سابقا، وقال انه جاء متأخرا لكن أحسن من أن لا يكون إطلاقا، واعتبر أن الجانب القانوني طغى على المشروع، ففي الباب الثاني مثلا المتعلق بخدمات السمعي البصري نجد 43 مادة وهو عدد كبير برأيه، وفي الباب المتعلق بسلطة الضبط هناك 37 مادة قانونية متعلقة بهذه السلطة. وأوضح المتحدث أن المادة السابعة مثلا لم تحدد مفهوم النشاط السمعي البصري وقال انه من الضروري تحديد المفاهيم بدقة في هذا المجال، ثم تساءل لماذا ننظر لهذا القانون نظرة أحادية فقط؟ ونوجه كل الأنظار لسلطة الضبط ويتم إغفال بقية فصول القانون؟،كما تساءل عن مصير القنوات الخاصة الحالية بعد دخول القانون حيز التنفيذ لأنه من غير الممكن لها أن تندمج فيه، ومن بين الملاحظات التي أبداها الأستاذ حسيني أيضا إغفال الجانب التقني في القانون،وقال أنه من الأحسن تحديد مدة الرخصة التي تمنح لأصحاب القنوات بثماني سنوات بالنسبة للتلفزيون وأربع بالنسبة للراديو، وقال أيضا أن مشروع القانون موجه في روحه للقنوات التلفزية أكثر منه للقنوات الإذاعية، ومضمون القانون لم يعط أهمية كبرى للسمعي البصري على انه صناعة للرأي العام بل اعتبره مجرد قنوات ذات تخصص، واعتبر أن دفتر الشروط ركيزة أساسية لإتمام محتوى المشروع. إلا أن المحاضر اعتبر من جهة أخرى انه مهما قيل عن النقائص التي تعتري القانون إلا انه جاء لينظم الحقل الإعلامي في الجزائر في مجال السمعي البصري وهو خطوة أولى نحو الانفتاح الإعلامي، مشددا على أن القائمين على القانون اخذوا بعين الاعتبار معطيات دولية وإقليمية ووطنية وأبعادا سياسية واقتصادية واجتماعية وطنية، و احترمت فيه مبادئ القانون الدولي خاصة في مجال الحقوق والحريات. أما الإعلامي والمنتج سليمان بخليلي فقد طالب من جهته بإعادة النظر في أربع أو خمس مواد منه خاصة المادة 106 التي تقول "تسند مهام وصلاحيات سلطة الضبط للسمعي البصري في انتظار تنصيبها للوزير المكلف بالاتصال" ، معتبرا أن ذلك معرقل للقانون ولا يشرف المهنة لأنه في حال عدم تنصيب هذه السلطة عشر سنوات مثلا خاصة في غياب نقابات تمثيلية قوية فإن كل السلطات تبقى لدى وزير الاتصال. بخليلي الذي اعتبر المشروع ايجابيا لأن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة -كما قال- سجّل ملاحظات أخرى بشأنه مثل إلزام الشركات الخاصة بإنشاء قنوات موضوعاتية فقط دون القنوات العامة، وكذا إخضاع ذلك إلى ترخيص يمنح بموجب مرسوم، والإشارة إلى اضطلاع القطاع العام وحده بمفهوم الخدمة العمومية، ويقترح المتحدث بشأن سلطة الضبط أن يكون رئيسها منتخبا على الأقل، في ظل إقرار القانون بتعيين جميع أعضائها من جهات مختلفة. ومن بين الملاحظات أيضا التي أبداها المتدخلون في اليوم البرلماني تلك التي تطرق إليها المنتج والصحفي محمد حازرلي والتي تتعلق بغياب الإشارة إلى "المباشر" وهو أمر مهم جدا في عالم التلفزيون خاصة في الوقت الحالي حيث يتغير العالم بين لحظة وأخرى وتتسابق القنوات نحو الانفراد بنقل الأحداث، وتحدث عن غياب خط افتتاحي لدى القنوات الحالية وهو أمر غير مقبول أيضا، أما الأستاذ والإعلامي عبد العالي رزاقي فقال أن القانون جاء ببعض المفاهيم الخاطئة مثل الخدمة العمومية التي قال أنها موجودة لدى العام والخاص، وللإشارة فإن موضوع الخدمة العمومية أخذ حيزا من النقاش- كما أوضح أن كلمة "الموضوعاتية" مصطلح موجود في الأدب فقط وليس في الإعلام، وأضاف انه لا يعتقد أن هناك من الخواص مهما كان ماله من يغامر بإنشاء قناة لمدة أكثر من خمس سنوات لأنه لا يستطيع الصمود، وانتقد هو الآخر طريقة تنصيب سلطة الضبط. وطرح آخرون مسألة عدم الإشارة إلى كيفية انشاء قنوات جهوية، وإغفال جانب السينما أيضا، والتساؤل عما إذا كانت إمكانيات الارسال والبث عندنا كافية لاستقبال كم معتبر من القنوات مستقبلا، خاصة بعدما أكد ممثل عن مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي أن إمكانيات هذه الأخيرة تكفي لتغطية بث 13 قناة فقط، وقال آخرون أن القانون لم يدرج مصطلحات الاتصال ولم يتطرق إلى التكوين. لكن على العموم اعتبر الحضور مشروع قانون السمعي البصري مهما قيل عن النقائص التي تعتريه خطوة ايجابية في هذا الطريق، وأكدت رئيسة لجنة الاتصال والثقافة والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني من جهتها أن اللجنة وسعت دائرة المناقشة والاستماع لكل المعنيين وأبوابها لا تزال مفتوحة لسماع رأي كل مساهم. محمد عدنان