معالجة كل ملفات الأزمة تقريبا ومواصلة التكفل بالجانب الاجتماعي قدّم الوزير الأول أحمد أويحيى خلال عرضه بيان السياسة العامة للحكومة أول أمس بالمجلس الشعبي الوطني مؤشرات عن الحالة الأمنية، الاقتصادية،المالية والاجتماعية للبلاد خلال العام الماضي والنصف الأول من السنة الجارية، وتحدث بصراحة عن عودة العجز على مستوى الميزانية العمومية، وعن الأهداف المسطرة في البرنامج الخماسي الجديد للنمو. نبّه الوزير الأول أحمد أويحيى في البداية إلى أن بيان السياسة العامة الذي عرضه يمثل همزة وصل بين البرنامج الخماسي الماضي والبرنامج الجديد الممتد إلى سنة 2014، وقدّم في الحقيقة خلاصة للانجازات التي تحققت منذ عشرية كاملة على جميع المستويات وفي جميع القطاعات. ففي المجال الأمني لم يفوت المتحدث الفرصة للتذكير بالأوضاع الأليمة التي عاشتها الجزائر قبل سنة 1999 ،ورغم ذلك يقول فإن النتائج المحققة خلال 18 شهرا الأخيرة المعروضة على النواب اقترنت مع ختام البرنامج الخماسي 2005 -2009 الذي يؤكد أن أهداف البرنامج الرئاسي السابق تجسدت ميدانيا إلى حد كبير.وقال في هذا الصدد أن استثباب الأمن وحلول الوئام المدني والمصالحة الوطنية تعتبر أهم انجازات بلادنا خلال العشرية الماضية، فقد هزم الإرهاب - يقول المتحدث- بفضل الكفاح البطولي للجيش وقوات الأمن والمواطنين المتطوعين الذي تعزز باختيار الشعب لخيار السلم والمصالحة الوطنية الذي عكفت الحكومة على تنفيذه بوفاء.فمن ضمن 6478 ملف للمفقودين الذين تم إحصاؤهم لم يبق سوى 35 حالة تجري تسويتها مع العائلات المعنية، ومن بين 13332 ملف خاص بالعائلات التي ابتليت بتورط احد أقاربها في الإرهاب لم تبق سوى 57 ملفا قيد المعالجة، أما ما تعلق بحالات التسريح من العمل وجميع الحالات ذات الصلة بالمأساة الوطنية فإنه من أصل 10400 ملف لم تبق اليوم سوى 23 حالة عالقة.و رغم هزيمة الإرهاب والتنديد به فإن الحكومة تجدد مرة أخرى نداء الدولة للذين يصرون على الإرهاب "للعدول عن العنف ضد شعبهم وبلدهم والالتحاق بمسلك المصالحة الوطنية والاستفادة من رحمة الجمهورية".و في موضوع متصل أكد الوزير الأول أن الحكومة" ستواجه بحزم كل محاولة لإدخال ممارسات لبلادنا أو خطب دينية غريبة عن تقاليدنا ومعاقبة أي سعي لتحويل المسجد عن مهمته التوحيدية لمعشر المسلمين".وستحرص الحكومة في هذا الصدد على ضمان حرية العقائد في ظل قوانين الجمهورية، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية بمقومات الهوية الوطنية، مشيرا هنا أن فتح قناة تلفزية وطنية للغة الأمازيغية خطوة جديرة بالتنويه وهي تأتي لإثراء المسار الذي انتهجه رئيس الجمهورية منذ سنة 2002 عندما قام بدسترة الأمازيغية وجعلها لغة وطنية.وعرج أويحيى على تعزيز دولة القانون من خلال إصلاح العدالة حيث سمحت مضاعفة عدد قوات الشرطة والدرك الوطني وتوزيع شبكة انتشارهم المتكامل عبر التراب الوطني بتراجع الجريمة بنسبة تزيد عن 30 بالمائة خلال السنوات الأربع الأخيرة.كما عملت الحكومة خلال ذات الفترة على تعزيز القوانين الخاصة بمكافحة الفساد والرشوة ومحاربة جميع أشكال المساس بحقوق الخزينة العمومية أو النيل من مصالح المستهلكين وحقوق العمال.في الجانب الاجتماعي قال الوزير الأول أمام النواب أن الحكومة استطاعت خلال العشرية الأخيرة التخفيف من حدة أزمة السكن بعد تسليم مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس الأخيرة بما يرفع عدد السكنات المنجزة خلال عشر سنوات إلى قرابة مليوني وحدة، وكانت هذه التطورات في مجال السكن مرفوقة بتحسين ظروف الحياة المعاصرة في الأرياف بوصول التزويد بالكهرباء إلى 98 بالمائة على المستوى الوطني،والربط بشبكة الغاز إلى 47 بالمائة هذه السنة فيما بلغت نسبة الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب 93 بالمائة.والدولة عازمة على مواصلة سياستها في ميدان السكن ببرمجة مليوني وحدة جديدة ستسلم منها 1,2 مليون وحدة في نهاية 2014، وتم أيضا رصد 150 مليار دينار لإصلاح العمران خلال الخمس سنوات المقبلة، كما تمت برمجة 400 ألف وحدة سكنية للقضاء على السكن القصديري، وإقرار دعم 700 ألف سكن ريفي خلال الخماسية المقبلة دائما.وقدم الوزير الأول أيضا أرقاما عن الجهود التي تبذلها الدولة في مجال الصحة والتربية والتعليم العالي، حيث سيصل عدد الأطباء المتخصصين المتخرجين إلى 11 ألفا خلال الخماسي المقبل، ورفع ميزانية تسيير المرافق الصحية بنسبة 500 بالمائة فيما ينتظر استقبال مليوني طالب في الجامعات الجزائرية سنة 2014.